لا تزال دور النشر تعاني خلال النسخة الحالية من معرض الكتاب من عدم رواج سوق الكتاب مثل الأعوام السابقة؛ بسبب ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه، فضلاً عن مشاكل عدة تعاني منها هذه النسخة، منها انطلاق العام الدراسي خلال فترة المعرضن الأمر الذي يؤثر على الإقبال بشكل كبير، إضافة إلى بعض السلبييات، مثل عدم تجهيز الخيم بشكل جيد والزحام على الأبواب. يقول حمدى الزواوي مدير دار السراج للنشر والتوزيع إن الإقبال الجماهيرى متوسط على شراء الكتب بالمقارنة بالدورات السابقة للمعرض، وتتنوع الفئات بين الشباب والكبار، وتتزايد معدلات الشراء على الروايات ودواوين الشعر من جانب الفتيات، لكتاب مثل أحمد مراد، ومحمد مالك، ونادر فودة. وأضاف ل" البديل" أن أسعار الكتب متفاوتة، تتراوح بين 25 و70 جنيهًا، ويكتفى كل شاب بشراء كتاب واحد؛ حتى يتمكن من متابعة باقي دور النشر، معربًا عن أن دور النشر ليست مسؤولة عن رفع أسعار المطبوعات، وأن السبب يعود لتعويم الجنيه وارتفاع أسعار الورق المستورد، ما أثر على تكلفة الطباعة بصفة عامة. وقال نديم سامح مدير دار تشكيل للنشر والتوزيع إنهم للعام الثالث على التوالي يشتركون بمعرض الكتاب، حيث تتميز الدورة الحالية بارتفاع أعداد الزائرين للمعرض وكثرة عدد الفاعليات والأنشطة الموجودة على هامش المعرض، والتي تمثل فرصة جيدة لتنوع الفئات المختلفة، ومن ثم تحريك معدلات البيع والشراء للكتب. وذكر ل " البديل" أن دار تشكيل تشارك ب 28 عنوانًا جديدا لهذا العام لكتاب شباب، تتنوع الكتب بين الروايات والشعر والقصص والتنمية البشرية، وهناك حالة إقبال على حوالي 25 كتابًا، من أبرزها رواية "نلتقي في الجنة" للدكتورة فاطمة الشيشيني، مبينًا أن أكثر الفئات العمرية إقبالاً على الشراء من سن 18 إلى 25 سنة. وأعرب عن أن دور النشر تواجه مشكلات من الهيئة العامة للكتاب، حيث يجب أن تبيع كل دار الإصدارات التى طبعتها فقط، موضحًا أن الأسعار تتفاوت بين 35 و60 جنيهًا، بالإضافة إلى عروض ترويجية، فحال شراء خمسة كتب، يحصل المشتري على الكتاب السادس مجانًا؛ من أجل تنشيط حركة البيع. ويخشى هيثم حسن صاحب دار المؤسسة العربية للنشر والتوزيع من انتهاء إجازة نصف العام الدراسي وتأثير ذلك على زيارات الجماهير والطلاب للمعرض، مشيرًا إلى غياب التنسيق بين الوزارات المعنية، سواء الثقافة أو التربية والتعليم، فكان يجب تأجيل موعد عودة الدراسة أو تقديم ميعاد المعرض منذ البداية، متسائلاً "أى أسرة ستأتي للمعرض، خاصة أن المؤسسة العربية متخصصة في طباعة كتب الأطفال من سنتين إلى 12 سنة، في ظل ارتفاع نفقات الدروس الخصوصية واليوم الدراسي المشحون؟!". وأشار إلى أن المؤسسة حرصت على تقديم إصدارات جديدة في المعرض هذا العام؛ لتتنوع بين قصص تحسين سلوك وتنمية بشرية، فضلاً عن كل القصص العالمية باللغتين العربية والإنجليزية وقصص الأنبياء. وعن المشكلات التي تواجه دور النشر المتخصصة في الأطفال قال إن المطبوعات مكلفة، حيث يتطلب الكتاب ألوانًا وورقًا فاخرًا مصقولاً، ومجسمات في بعض القصص، ونفقات الإخراج والتصميم، وشراء حقوق نشر الرسوم والصور العالمية، ولكن مع ذلك المؤسسة تراعي تقديم الخدمة الثقافية لمختلف الشرائح الاجتماعية للأسرة المصرية من طبعات شعبية بتكاليف منخفضة اقتصاديًّا، إضافة إلى طبعات يتم تصديرها للدول العربية. وشكا حسن من سوء التنظيم المعتاد كل عام في المعرض، وتغيُّب الخدمات المقدمة لدور النشر، وبالتالي الزائرين، حيث يفتقد للنظافة، والحمامات سيئة، والخيام غير مجهزة، والزحام على الأبواب، مكملاً "بُحَّ صوتنا أن معرض القاهرة للكتاب له تاريخ طويل يصل إلى 49 سنة، ولا يليق أن يكون بهذه الصورة السيئة التي لا تليق ببلد مثل مصر، خاصة أن هناك دولاً عربية مجاورة ناشئة في مجال تنظيم معارض الكتب، ولكن تجاوزت مصر تنظيميًّا وإداريًّا". أما عن غياب استراتيجية الدولة تجاه خطاب الطفل، فيرى هيثم حسن أن دور النشر الخاصة تقوم بمجهودات فردية، ولكن هذا غير كافٍ، فالطفل هو البذرة التي يجب النظر إليها؛ لأنه مستقبل البلد، لو غابت رعايته كما يحدث الآن من وزارة الثقافة والاعلام والتعليم، لن يكون المستقبل جيدًا. عبير عواد المدير التنفيذي لدار أكتب أكدت ل"البديل" أن نسخة المعرض الحالية تشهد إقبالاً على نوعيات مختلفة من الكتب، فمثلاً الشباب يقبلون على ورايات الرعب والرومانسية، أما من تخطى الأربعين فيقبل على الكتب التي تحمل الطابع الفلسفي أو السياسية أو الكتب التي تحتوي على الفكر، مكملة أن هناك بعض الجمهور الذي يقبل على المعرض بقائمة من الكتب التي خطط لشرائها، مشيرة إلى أن نسخة المعرض الحالية تشهد حركة إقبال ضعيفة؛ نظرًا للظروف المالية التي يعاني منها الجميع حاليًّا، فالجمهور يبحث عن التخفيضات التي تصاحب الكتب؛ لأن المشتري يشعر وقتها أنه اشترى كتابًا، ولم يخسر ماله. وأضافت عواد أن النسخة الحالية من المعرض حققت فيها الدار نسبة مبيعات جيدة عن العام المنقضي، مبينة أن أبرز سلبيات النسخة الحالية هي عدم وجود العلامات الإرشادية اللازمة التي ترشد زوار المعرض إلى ما يريدونه، موضحة أن شباب "اسألني" المتطوعين المنوط بهم إرشاد زوار المعرض لا يعرفون كل ركن في المعرض بشكل سليم، مرجعة السبب في ذلك إلى أن المسؤولين عن المعرض يأتون بهؤلاء الشباب قبل وقت قصير من انطلاق المعرض، فلا يتاح لهم معرفة كافة أركانه بشكل سليم، إضافة إلى غياب الدعاية الكافية اللازمة للمعرض. أما الإيجابيات فهي تواجد جنسيات مختلفة يتاح لها الفرصة لكي تتعرف على الثقافة المصرية والعربية بوجه عام. ومن وجهة نظر أحمد بيومي، صاحب دار البراء، حسبما قال ل"البديل"، فإن الإقبال هذا العام ضعيف؛ بسبب ارتفاع أسعار الكتب بشكل كبير، الأمر الذي فتح الباب أمام البي دي إف؛ كي يسحب البساط من تحت قدم الكتاب الورقي، موضحًا أنه في العام الماضي كانت نسبة مبيعاته مرتفعة عن العام الجاري. وأضاف أن من أبرز سلبيات النسخة الحالية من المعرض التسويق الإعلامي، حيث لم تلقَ هذه النسخة الدعاية الكافية، إضافة إلى ارتفاع سعر الكتب بشكل مبالغ فيه، الأمر الذي أثر على المبيعات بشكل كبير. أما أبرز الإيجابيات فتخصيص صالة منفردة للطفل في المعرض. فيما قال محمد صبري من دار "البرج ميديا للنشر والتوزيع" إن أغلب المقبلين على الشراء يتجهون إلى الوسائل التعليمية والألعاب، مشيرًا إلى أن سوق الكتاب يتراجع بشكل كبير؛ بسبب عدم الإقبال عليه، ضاربًا المثل بالأطفال الذين يفضلون شراء ألعاب على كتاب، والتي تكون أسعارها في بعض الأوقات قد تخطت سعر الكتاب بشكل كبير.