حالة من الغضب والاستياء سادت الأوساط الثقافية، بعد تقديم بلاغ ضد المخرج الكبير داوود عبد السيد، من أحد المحامين المغمورين إلى النائب العام، يتهم فيه المخرج السينمائي بالتحريض على قلب نظام الحكم والإضرار بالاقتصاد والأمن القومي المصري، بعد إعلان موقفه من مقاطعة الانتخابات الرئاسية. ووصف المخرج أمير رمسيس، البلاغ المقدم ضد عبد السيد ب"المهزلة"، تعكس حالة غوغائية من الجهل حتى العاملين بالقانون، ويأتي ضمن سلسة متلاحقة من البلاغات ضد صناع الأفلام، مثل ما حدث مع فيلم "الشيخ جاسكون"، واتهام صناعه بازدراء الأديان. وأكد رمسيس ل"البديل"، أن تحركات المثقفين في بيانات الشجب والإدانة، أصبحت غير مفيدة، لكن يجب الرد من جانب النائب العام بعدم قبول مثل هذه البلاغات والقضايا، التي لا محل لها من الإعراب، خاصة أنها متناقضة تماما مع نصوص الدستور، الذي يكفل حرية التعبير والرأي، وآن الأوان، على الجهات المنوط بها تطبيق القانون أن تنفذه. ومن جانبها، استنكرت ماجدة موريس، الناقدة الفنية، اتهام المخرج القدير داوود عبد السيد، بأنه يدعو لقلب نظام الحكم، ويساهم في الإضرار بالاقتصاد الوطني، قائلة: "لا يليق اتهام فنان بحجم داوود عبد السيد، سجل اسمه بحروف من نور في السينما، بمثل هذه الاتهامات"، معربة عن حزنها للتعامل مع مبدع كبير بهذا الاستخفاف. وأضافت موريس ل"البديل"، أن عبد السيد قدم أفلاما مهمة بمثابة علامات في السينما المصرية، وكان سفيرا للبلد بأفلامه في كثير من مهرجانات العالم، وحقق لها أمجادا كبيرة، من الطبيعي أن يكون له رأي مستقل ووجهة نظر تحترم، مؤكدة أن هذه البلاغات القانونية التي تقدم ليل نهار، ضد الفنانين أو كل صاحب رأى مختلف، تسيء لمصر وصورتها أمام العالم. طالبت موريس النائب العام بإعادة النظر في هذه البلاغات التي وصفتها بالكيدية، ويبحث محاموها عن الشهرة، وأن يكون هناك عقاب قانوني رادع حتى لا تكون وسيلة للضغط على المواطنين، وأن تتوقف مهزلة البلاغات السخيفة، بحسب تعبيرها. عبد السيد أحد رواد السينما الواقعية الجديدة، شاعر وفيلسوف بدرجة مخرج، وصاحب تجارب سينمائية مختلفة؛ فتاريخه السينمائي في إخراج الأفلام الروائية الطويلة لم يتجاوز 9 أفلام، بالإضافة إلى عدد من الأفلام التسجيلية، وعمله كمساعد مخرج مع قامات فنية كبيرة مثل يوسف شاهين في فيلم "الأرض"، وكمال الشيخ في "الرجل الذي فقد ظله"، وممدوح شكري في "أوهام الحب". من أفلام عبد السيد السينمائية؛ "الصعاليك" عام 1985، و"البحث عن سيد مرزوق" 1991، و"الكيت كات" 1991، و"أرض الأحلام" 1993، و"أرض الخوف" 2000، و"مواطن ومخبر وحرامي" 2001، و"رسائل البحر" 2010، و"قدرات غير عادية" 2014. حصل عبد السيد عام 1985 على جائزة العمل الأول في مهرجان أسوان الأكاديمي عن فيلمه الصعاليك، بينما حصل فيلمه "أرض الخوف" على جائزة الهرم الفضي من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وجائزة السيناريو من مهرجان البحرين الأول، وجائزة أحسن فيلم من مهرجان جمعية الفيلم، وجائزة أحسن إخراج من مهرجان جمعية الفيلم، عام 1999، ودخلت أفلامه "الكيت كات، أرض الخوف، رسائل البحر" ضمن قائمة أهم 100 فيلم عربي، أصدرها مهرجان دبي السينمائي الدولي عام 2013.