يتحدث الجميع عن المشهد السياسي والانتخابات الرئاسية المقبلة، وأن مكافحة الفساد تعد التحدي الأكبر الذي يواجه الدولة، وتم إنشاء هيئات ومجالس لمكافحته، لكن دون إقرار قانون حماية الشهود، سيظل الفساد ينتشر ويتوغل. ومازال مجلس النواب يناقش مشروع قانون الإجراءات الجنائية المقدم من الحكومة، الذي استحدث أحكاماً جديدة تطبيقًا للدستور، تتعلق بالتقاضي على درجتين في الجنايات، وحماية الشهود والمجني عليهم، وتنظيم المنع من السفر أو الإدراج على قوائم ترقب الوصول. المرشح الرئاسي المحتمل خالد علي، قال إن الحل في مكافحة الفساد يأتي في خلق منظومة قانونية ودستورية؛ لحماية الشهود ممن يكشفون قضايا الفساد، لافتًا إلى أن كثيرًا من المواطنين ممن كشفوا ملفات فساد كان مصيرهم الملاحقة وتلفيق القضايا والتهديد، متابعًا: يجب أن يكون هناك إرادة سياسية حقيقية لمكافحة الفساد. أما الرئيس عبد الفتاح السيسي، أكد أن هناك إرادة سياسية حقيقية لمواجهة الفساد، مشددًا: أننا لا نتعامل بالقطعة في هذا الملف، وكل من يقوم بخطأ سيتم محاسبته، بداية من رئيس الجمهورية حتى أصغر مسؤول في الدولة. وقال الدكتور عادل عامر، مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والاقتصادية، إن الواقع يشهد تناميا سرطانيا لظاهرة الفساد, الذي يتغلغل في جميع مستويات التنمية، حتى تراجعت معدلات تحسين مستويات المعيشة, وتعاظم التفاوت في الدخول بفعل الثراء غير المشروع الناتج عن صور السلوك الفاسد. وأضاف عامر ل"البديل"، أن هناك اتفاقيات دولية يجب تطبيقها لمناهضة شاملة للفساد؛ بتعديل التشريعات الوطنية، وفاء بالالتزامات الدولية التي تفرضها الاتفاقيات بتجريم أنشطة الفساد كافة وملاحقة مرتكبيها وتوقيع الجزاءات الرادعة، منها اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، التي جرمت الفساد واعتبرت صور السلوك المختلفة للرشوة في نطاق الموظفين العموميين القائمين بالخدمة العمومية. وحددت اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد، أنواع الفساد في اختلاس الموظف العمومي عمدا لصالحه أو لصالح شخص أو كيان آخر أو بتبديد أي ممتلكات أو أموال أو أوراق مالية عمومية أو خصوصية أو أي أشياء أخرى ذات قيمة، عهد بها إليه بحكم موقعه أو المتاجرة بالنفوذ ووعد الموظف العمومي أو أي شخص آخر بمزية غير مستحقة، أو عرضها عليه أو منحه إياها مقابل التحريض علي استغلال نفوذه الفعلي أو المفترض بهدف الحصول من إدارة أو سلطة عمومية تابعة للدولة الطرف على مزية غير مستحقة لصالح المحرض أو لصالح أي شخص آخر أو قيام الموظف أو شخص آخر بطلب أو قبول تلك المزية. وأوضح عامر أن الاتفاقية تجرم إساءة استغلال الموظف العمومي وظائف أو مهام منصبه بأداء أو عدم أداء فعل ما بغرض الحصول علي مزية غير مستحقة لصالحه أو لصالح شخص أو كيان آخر، ما يمكن أن يعتبر من قبيل التربح، بالإضافة إلى ثراء الموظف العمومي العمدي غير المشروع، والمتمثل في زيادة ممتلكاته زيادة كبيرة لا يستطيع تعليلها بصورة معقولة قياسا إلى دخلة المشروع. وتابع: الأمل معقود أن تثمر المجهودات التي تبذل علي مختلف الأصعدة؛ وطنية كانت أو إقليمية أو دولية أو بحثية، وفي سائر مناحي المكافحة عن الحد إلى أقصى درجة ممكنة من ظاهرة الفساد تجنبا لأخطار وتلافيها لتنامي السرطاني، قبل أن تترسخ قواه ويزداد اتساع مجاله, ويتجاوز حدود السيطرة. وأكد رضا عيسى، الخبير الاقتصادي، أن حماية الشهود والمبلغين عن الفساد من أهم القوانين التي يجب أن تخرج لكي يتم مواجهة الفساد، خاصة أن الفاسد صاحب نفوذ؛ لأنه يكون ضمن الشلة المقربة للسلطة، مثلما كان في عهد مبارك، موضحا أن يكشف عن ملفات الفساد، يكون مصيره الملاحقة والتهديد مثلما حدث مع رئيس جهاز المركزي للمحاسبات، الذي كشف عن حجم الفساد، فتم عزله. وأشار عيسى ل"البديل"، إلى إمكانية محاربة الفساد وبقوة؛ بعدة عوامل، منها قانون حماية الشهود، وتطبيق مبادئ الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر، وحددت الفساد، لكن الحكومة لم تلتزم بتطبيق جميع بنود الاتفاقيات.