شهد الأسبوع الماضي تحركات وتصريحات دبلوماسية تتعلق في المقام الأول بملف النهضة ومياه نهر النيل، الأمر الذي انعكس في الزيارة الرسمية الإثيوبية لمصر، كما لا تبتعد العلاقات المصرية مع السودان من خلال بوابتي وزير الخارجية والسفير السوداني عن ملف السد الإثيوبي. القمة المصرية الإثيوبية في الأمس جمع مؤتمر صحفي مشترك بين الرئيس عبد الفتاح السيسي، ورئيس وزراء إثيوبيا، هايلي مريام ديسالين، والذي غادر مصر اليوم الجمعة بعد زيارة رسمية دامت ليومين. وفي المؤتمر أعربت مصر عن قلقها من توقف المسار التفاوضي حول الآثار السلبية لسد النهضة الإثيوبي على حصة مصر المائية، وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن حوض نهر النيل يتمتع بموارد هائلة تجعله مصدرًا للتعاون المشترك والتنمية، وليس مصدرًا للاختلاف والصراع، من جانبه قال رئيس وزراء إثيوبيا إنه لن يعرض مصلحة الشعب المصري للخطر بأي شكل من الأشكال، لكنه أكد في الوقت نفسه أن التغلب على فقر شعب إثيوبيا يتطلب مقدارًا كبيرًا من الطاقة والموارد البشرية، وهو ما دفعها لبناء السد. وفي ختام أعمال اللجنة العليا المشتركة بين الجانبين، والتي تعقد للمرة الأولى على المستوى الرئاسي بحضور رئيس الوزراء الإثيوبي، تم التوقيع على مذكرات تفاهم للتعاون المشترك بين مصر وإثيوبيا. الزيارة هيمنت عليها أزمة توقف المسار التفاوضي بشأن الأضرار المحتملة على مصر جراء سد النهضة الإثيوبي على فرع النيل الأزرق، والذي تقول القاهرة إنه سوف يؤثر على حصتها المائية. الباهت في القمة أنها جرت مثلما تجري أي قمة بين دولتين لا يجمع الخلاف بينهما، كحفاوة الاستقبال وعقد الاجتماعات وتوقيع مذكرات تفاهم، ولكن طبقًا للمؤتمر الصحفي للقمة ليس هناك جديد في ملف التفاوض حول السد، وحتى مقترح البنك الدولي الذي قدمته مصر لإدخاله كوسيط لم يتم حسمه. المظاهر الودية للزيارة تستطيع إثيوبيا توظيفها أمام الرأي العام العالمي لصالحها، فسد النهضة لم يؤثر على علاقاتها بمصر، والتي تتهمها بالتعنت حيال بنائها السد وعدم التزام أديس أبابا بقرارات المكتب الاستشاري، الأمر الذي قد يمنحها الوقت لاستكمال بناء السد من دون انتقادات دولية، وفي حقيقة الأمر الطابع الودي للزيارة لا يستطيع أن يخفي التوتر الدبلوماسي بين الدول الثلاثة المرتبطة بسد النهضة، فالخرطوم وأديس أبابا كانتا قد اعترضتا على التقرير الاستهلالي لمكتب الاستشارات الفرنسي في نوفمبر الماضي، الذي يبحث في تقييم المخاطر الاجتماعية والبيئية لبناء السد النهضة، وطالبتا بتغيير المعاير الفنية التي بُنِيَ عليها التقرير، الأمر الذي دفع مصر لإعلان فشل مفاوضاتها مع إثيوبيا والسودان حول السد. القاهرة والخرطوم.. حلحلة أم تصعيد؟ بعد التلميحات العسكرية الرسمية من السودان الأسبوع الماضي لمصر، وتأهب جيشها على الحدود مع إريتريا، مال ميزان الدبلوماسية هذا الأسبوع لتقليص حدة التوترات، حيث أكد الرئيس السوداني عمر البشير ثقة السودان في الدبلوماسية السودانية نحو تأسيس علاقات مع دول الجوار كافة، تقوم على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، وجاءت تصريحات البشير في لقاء عقده الأربعاء الماضي ببيت الضيافة بالخرطوم، مع السفير عبد المحمود عبد الحليم سفير السودان بمصر، الذي أوضح أن اللقاء تناول أوضاع العلاقات السودانية المصرية حاليًّا والأوضاع في الإقليم والمنطقة، وقال عبد المحمود إن البشير وجه بالعمل على حل القضايا العالقة مع مصر التي استوجبت استدعاء السفير، كما اطمأن الرئيس السوداني خلال اللقاء على أوضاع الجالية السودانية بمصر. الجدير بالذكر أن تصريحات البشير جاءت بعد تصريحات للرئيس المصري قال فيها "إن بلاده لا تعتزم الدخول في حرب مع السودان أو إثيوبيا". ويرى مراقبون أن عدم عودة السفير السوداني إلى مصر، واستقالة وزير خارجية السودان، إبراهيم غندور، واستبدال به آخر صديق للنميري ، تجمعه علاقات متوترة بالقاهرة، كطرف متورط باغتيال الرئيس المصري المخلوع، محمد حسني مبارك، بالإضافة إلى التوتر في منطقة حلايب وشلاتين وملف سد النهضة، قد يضعف من تصريحات البشير بضرورة حلحلة الأزمة مع مصر. جنوب السودان بحث وفد من دولة جنوب السودان برئاسة مايكل فرانسيس نائب حاكم جوبا، مع محمد العصار وزير الدولة للإنتاج الحربي المصري، سبل تعزيز التعاون العسكري المشترك بين الجانبين، وأكد الوزير العصار أن وزارة الإنتاج الحربي المصرية حريصة على "التعاون المشترك مع الأفارقة، وتتبنى توفير كافة مطالب دولة جنوب السودان بما يعزز التعاون الثنائي بين الجانبين". وشهد العصار توقيع برتوكول تعاون بين مصر وجنوب السودان؛ لإنشاء أكبر منطقة صناعية في ولاية جوبك على مساحة 116 كم مربعًا لسد احتياجات القارة السمراء. ووقع البروتوكول نائب الحاكم بولاية جوبك من الجانب السوداني والمهندس محمد عطا، رئيس شركة عطا للاستثمار من الجانب المصري بحضور حاتم باشات، وكيل جهاز المخابرات المصرية السابق، ومنى أبو هشيمة رئيس مجلس إدارة مصنع قنا للأسمنت. انقر هنا من أجل الرد أو إعادة التوجيه