لا يبدو الضغط الأمريكي على وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) أمرًا مباشرًا لخنق متلقي المساعدات الإنسانية من المنظمة فحسب، فالوكالة التي تقدم خدماتها لأكثر من 6 مليون لاجئ فلسطيني في أماكن متفرقة من العالم شاهد كبير على أن اللاجئين الفلسطينيين حاضرون، ولم يسقط حقهم بالتقادم وبمرور الوقت. النسبة الأكبر من تمويل الأونروا تتلقاها المنظمة من الولاياتالمتحدة، حيث كان من المقرر أن تُمد الأونروا بمبلغ 125 مليون دولار في عام 2018، لكنها قدمت 60 مليون دولار فقط، وجمدت باقي المبلغ، في خطوة يراها الفلسطينيون حربًا ضدهم، بعدما رفضت القيادة الفلسطينية استقبال مايك بنس، نائب الرئيس الأمريكي في زيارته للمنطقة. وإضافة للخدمات الإنسانية التي تقدمها الأونروا للفلسطينيين، فإنها تدير أكثر من 700 مدرسة، يتعلم بها ما يعادل نصف مليون فلسطيني، يتلقون التعليم الأساسي بداخلها، وتدير 140 مركزًا للخدمات الصحية، إضافة للنسبة الكبيرة من موظفي قطاع غزة التابعين للمنظمة، والذين يصل عددهم ل30 ألف موظف. اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار في قطاع غزة طالبت الدول العربية والإسلامية بسد هذا العجز الذي تخلفه الولاياتالمتحدة بتجميد دعمها، على الرغم من أن الدعم العربي للأونروا لا يزيد على 2% بحسب الناطق باسم الأونروا سامي مشعشع، حيث تعتمد الأونروا على مساعدات مقدمة من دول وأفراد، فيما تُسهم الأممالمتحدة بإجمالي 4% من ميزانيتها. المحلل الاقتصادي أمين أبو عيشة قال إن الولاياتالمتحدة هي أكبر الممولين للأونروا، حيث يصل إسهامها من مجموع موازنة وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين إلى 60%، مضيفًا أن لاجئين فلسطينيين في مناطق متفرقة يعتمدون على خدماتها، موضحًا أن غالبية خدماتها تشغيلية تستهدف الصحة والتعليم. ويرى أبو عيشة أن هذا النهج ضغط صريح على السلطة الفلسطينية والفلسطينيين كافة؛ لتلبية الرغبات الأمريكية دون جدال، داعيًا إلى إيجاد طرق بديلة لسد موازنة الأونروا من خلال البحث عن دول مساعدة أخرى. وبيّن محللون آخرون أن تقليص الولاياتالمتحدة لمساعداتها يأتي لضرب قطاعي التعليم والصحة في الأراضي الفلسطينية، إضافة للهدف الأول الذي يتمثل في إنهاء مسألة اللاجئين عن طريق الضغط على الأونروا لتقفل أبوابها. ويرى المحللون أن المجتمع الدولي مطالب بتحمل مسؤولياته تجاه قطاع غزة وعدم تركه في هذه الموجه وحيدًا. قد تبدو موازنة الأونروا كاملة خلال العام مبلغًا بسيطًا بالنسبة للدول العربية لو أرادت أن تتحمل مسؤولياتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين، لكن أموال العرب تصب في أماكن أخرى بعيدًا عن حاملي القضية الأساسية للعرب. المفوض العام لوكالة الأممالمتحدة لغوث اللاجئين، بيبر كرينبول، قال إن سياسة التقليص من شأنها أن تزعزع الأمن الإقليمي، خاصة في الوقت الذي يشهد مخاطر وتهديدات عديدة في منطقة الشرق الأوسط، داعيًا إلى ضرورة دعم الأونروا في تمويلها لخلق فرص عمل ومبادرات تقدمها المنظمة للاجئين.