عادت أسطوانة مفاوضات السلام مع العدو الصهيوني المشروخة إلى الظهور مجددًا، بعدما أفضت توقعات فلسطينية وعربية بضرورة كسرها والاحتكام إلى خيار المقاومة، حيث قالت النرويج أمس، إن الدول المانحة للفلسطينيين ستجتمع في بروكسيل نهاية الشهر الحالي، في إطار جهود إحياء محادثات السلام مع إسرائيل. وتضم مجموعة المانحين الدوليين لفلسطين 15 عضوًا، منهم الولاياتالمتحدةالأمريكية، وتجتمع المجموعة عادة على المستوى الوزاري مرة كل عام، وعقد آخر اجتماع لها في سبتمبر، وبادرت النرويج والاتحاد الأوروبي لعقد اجتماع طارئ للدول المانحة، هذا الشهر، بسبب الأزمة الإنسانية في غزة، ولتفادي أي كارثة إنسانية ممكن أن تحصل هناك، بعد تقليص مساهمة الولاياتالمتحدة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وبسبب الحصار الإسرائيلي للقطاع. ووفقًا لمصادر إعلامية غربية، فإن الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، وافقا على حضور الاجتماع، وستشارك إسرائيل رسميًا بالاجتماع، وسيمثلها الوزير بلا حقيبة، تساحي هنغبي، ومنسق أعمال حكومة الاحتلال الإسرائيلي في المناطق المحتلة، يوآف مردخاي. وقالت وزارة الخارجية في النرويج، التي ترأس الاجتماع، في بيان "هناك ضرورة ملحة لجمع كل الأطراف معا من أجل بحث إجراءات لتسريع الجهود التي يمكن أن تدعم تسوية تقوم على حل الدولتين من خلال المفاوضات". وسيعقد الاجتماع على المستوى الوزاري في بروكسل؛ حيث تستضيفه فيدريكا موجيريني، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، وترأسه وزيرة الخارجية النرويجية، إينه إريكسن سوريدي. والمفارقة، أن الاجتماع يأتي بعد أيام على محاولات للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لتركيع السلطة الفلسطينية من أجل القبول بالتفاوض مع المحتل الإسرائيلي، رغم قراره الظالم للفلسطينيين باعتبار القدس عاصمة أبدية للكيان الصهيوني. ويبدو أن إعلان ترامب، الأسبوع الماضي، تقليص مساهمة بلاده في تمويل مؤسسة "أونروا" وقطاعات أخرى في حال أصرت القيادة الفلسطينية على عدم العودة لطاولة المفاوضات مع الكيان الصهيوني، بدأ يؤتي ثماره، إلا إذا كانت السلطة الفلسطينية ذاتها تتحجج بملف الدعم المالي الأمريكي للعودة للمفاوضات. موافقة الطرف الفلسطيني للجلوس على طاولة مفاوضات واحدة تترأسها الولاياتالمتحدة، أمر مرفوض على الأقل في الوقت الراهن، حتى من بوابة الضغط المالي، خاصة أن واشنطن أهانت السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس، التي تمسكت بخيار المفاوضات على مدار عقود كخيار رئيسي للحل مع العدو الإسرائيلي. ويبدو أن تل أبيب باتت تتعامل مع كامل القدس كحق من حقوقها ونسيت أنها دولة احتلال، فبالأمس، قال رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إن مقرا الكنيست والحكومة سيكونان في القدس بغض النظر عن مسار عملية التسوية السياسية. وعلى جميع الأحوال، فإن الطرف الإسرائيلي كان أغلق الباب في وجه أبو مازن، فيما يتعلق بحل الدولتين والقدسالشرقية، فمطلع الشهر الجاري، صدق الكنيست الإسرائيلي بالقراءتين الثانية والثالثة على قانون "القدس الموحدة"، الذي يمنع أي حكومة إسرائيلية من التفاوض على أي جزء من القدس، إلا بعد موافقة غالبية نيابية استثنائية لا تقل عن ثمانين عضوا من أصل 120 (أي ثلثي أعضاء الكنيست). وشهدت المفاوضات الفلسطينية مع المحتل الإسرائيلي منذ حرب 67 قبل أكثر من 40 عاما طرح عدة خطط سلام ومفاوضات، وحتى الآن لم تكلل أي منعها بالنجاح، ولم يتم التوصل إلى اتفاق يضمن حقوق الشعب الفلسطيني المحقة في الأرض والحياة. ويرى مراقبون أن أي مفاوضات أمريكية إسرائيلية مع فلسطين ستدور في فلك صفقة القرن، فالمحور الرئيسي منها إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، وتطبيع العلاقات، وتشكيل تحالف ضد إيران، وبالفعل بدأ ترامب يطبق صفقة القرن من جانب واحد، عندما أزال عن طاولة المفاوضات قضية القدس، ويريد أن يصفي وكالة الغوث، ما يعني أنه شطب على قضية اللاجئين بالكامل، ولم يعترض بكلمة واحدة على الاستيطان الصهيوني الجديد الجاري على قدم وساق في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، خاصة الضفة الغربية، والذي بلغ 100% عما كان عليه منذ انتخب.