خارطة سياسية شديدة التعقيد، وأحزاب عدة لا وجود لها إلا على أوراق التأسيس ودفاتر لجنة شؤون الأحزاب، فتشهد الساحة أكثر من 100 حزب، يحظى حوالي 19 منها بتمثيل محدود في البرلمان، وباقي الأحزاب ربما لا وجود لها على أرض الواقع. دمج الأحزاب.. حلم طالما راود الكثير من السياسيين والحزبيين خلال الأعوام الماضية، وخرجت مبادرات عدة، باءت أغلبها بالفشل، وانتهت قبل أن تبدأ بخطوات فعلية من شأنها إعادة الحياة لتلك الأحزاب، بينما نجحت مبادرات أخرى، ولو على نطاق ضيق، مثل اندماج حزبي الوفد والمستقبل، الذي كان يتزعمه ياسر قورة، بالإضافة إلي اندماج حزبي المصريين الأحرار وحزب الجبهة الديمقراطية، قبل أعوام. "الأحزاب كثيرة ويجب أن تدعوهم للدمج من أجل زيادة قدراتهم".. هكذا قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال مؤتمر الشباب الأخير، عن ضعف الأحزاب السياسية، لتلتقط عدة أحزاب طرف الخيط، وتبدأ في بحث مبادرات الدمج، أبرزها حزب المحافظين الذي دعا على الفور إلى جلسات مناقشة حول آليات الدمج والتشاور بين الأحزاب، كما تحاول أحزاب اليسار خلال الأيام الجارية، إعادة إحياء مبادرات الدمج بين الأحزاب الاشتراكية؛ من خلال جلسات التشاور بينها. وقال ناجي الشهابي، عضو مجلس النواب، ورئيس حزب الجيل الديمقراطي، إن دعوة دمج الأحزاب السياسية، مهمة في ظل الحالة الأوضاع الحالية، موضحا أن عدد الأحزاب المعترف بها قانونيا، وصل إلى 104، والعدد كبير، ويجعل حياتنا الحزبية مريضة، وتحتاج إلى مشرط الجراح، الذي يتمثل في الاندماج الطوعي للمتقاربين برامجيا. وأضاف الشهابي ل"البديل"، أن دمج الأحزاب، كل حسب اتجاهه، سيجعل لدينا أحزاب كبيرة تمثل التيار القومي، وأخرى تمثل اليسار، وثالثة تمثل اليمين، ورابعة تمثل الوسط، وخامسة تمثل يمين الوسط، وسادسة تمثل يسار الوسط، متابعا: "أتصور ألا تزيد الأحزاب المندمجة طواعية عن سبعة، يمكنهم التأثير السياسي والجماهيري، وتحقيق تداول السلطة والحكم بينهم، من خلال انتخابات حرة، تنطبق عليها المعايير الدولية للحيدة والنزاهة والشفافية". وأكد رئيس حزب الجيل الديمقراطي، أن أبرز المعوقات، تتمثل في الأنا وغياب إنكار الذات، بالإضافة إلى المناخ العام الذي تعيشه الحياة الحزبية سياسيا وشعبيا، والذي يهمشها ولا يعطيها الأمل في تنفيذ برامجها، ويجعل كل قادة الأحزاب منكفئة على أحزابها لحين تغيير المناخ العام الذي تديره السلطة. وأوضح نبيل زكي، المتحدث الرسمي لحزب التجمع، أن اليسار له مساعٍ حقيقية منذ فترة طويلة، باتجاه توحيد فصائله، ودمج الأحزاب الاشتراكية متشابهة البرامج مع بعضها بعضا تحت راية حزب واحد، مطالبا جميع الأحزاب بالاستجابة لمبادرة الرئيس وجلوس الأحزاب المتقاربة في البرامج والتوجهات على طاولة النقاش فيما بينها لبحث فكرة الدمج والتوحد في حزب واحد؛ بهدف تقويتها، وزيادة شعبيتها وإثراء الحياة السياسية والحزبية في مصر. وتابع زكي ل"البديل"، أن النزعة الذاتية، التي يغلبها حسابات المصلحة الضيقة، تعد العائق الوحيد لتحقيق مبادرات الدمج وجعلها حقيقة على أرض الواقع، مضيفا أن "التجمع" من أوائل الأحزاب التي اتجهت إلى الدمج، وتشكيل لجنة ضمت أحزاب التجمع والاشتراكي المصري، والتحالف الشعبي والناصري.