أعلنت هيئة الرقابة الإدارية، القبض على (م.ع) طبيب جراحة العظام بمستشفى الزقازيق الجامعي، واثنين من مسؤولي إحدى شركات توريد المستلزمات الطبية، أثناء تواجدهم مع الطبيب داخل غرفة العمليات بالجامعة، متلبسين بتقاضي مبالغ مالية على سبيل الرشوة، بلغت حوالي 25 ألف جنيه من 4 مرضى أجريت لهم عمليات جراحية للعظام في ذات اليوم. الهيئة ذكرت في بيان رسمي صادر أمس الأربعاء، أن المتهمين حصلوا على الرشوة مقابل تسهيل إجراءات دخول المرضى وتوفير المستلزمات الطبية الموردة من الشركة، رغم صدور قرار علاجهم على نفقة الدولة يشمل ويغطى كامل تكاليف الجراحة، بهدف تربيح أنفسهم والشركة على حساب المرضى. بتعليمات شفهية وقرارات مكتوبة من إدارة المستشفيات الجامعية، استأجر محمود ناصر، طبيب عظام بالمستشفى الجامعي بالزقازيق، «المناظير» من شركة مستلزمات طبية خاصة؛ لأن قرار علاج المريض على نفقة الدولة لا يُغطي التكلفة، وهنا طالب الطبيب من المريض أن يتحمل فرق السعر للشركة من أجل إجراء العملية الجراحية اللازمة، لكن المريض ظن أن الطبيب يستغله من أجل الحصول على نسبة معينة مقابل إرساله للشركة الخاصة، فسجل له مكالمات تليفونية، وتقدم بشكوى في نيابة الزقازيق التي حققت في الأمر، وأمرت بحبس الطبيب المتهم واثنين آخرين أربعة أيام على ذمة التحقيق لحين العرض على النيابة صباح اليوم الخميس. وفي المقابل، أعلن أعضاء مجلس النقابة العامة للأطباء، أن التسجيلات الصوتية الواردة في القضية حملت أرقامًا أكبر من التي تداولتها صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وأنها لم تقتصر على تكلفة استئجار المنظار التي لا تزيد على 200 جنيهًا، وأن هناك اتهامات بتحصيل مبلغ 6 آلاف جنيه فوق سعر التكلفة بصورة لا تستدعي حبس الطبيب احتياطيًا. علاج على نفقة المواطن حصلت «البديل» على مستند رسمي صادر من الدكتور أحمد عزيز عبد المنعم، رئيس جامعة سوهاج، عبر «أمر إداري» منشور بتاريخ أمس الأربعاء، يلزم المواطنين بتحمل تكاليف علاجهم. وجاء في القرار أنه في ضوء قيام المستشفيات الجامعية باستقبال جميع حالات الحوادث والطوارئ على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع، يتم استمرار العمل بالمستشفى الجامعي من أدوية ومستلزمات ومستهلكات طبية على أن يتم استكمال النواقص في حالة وجودها بمعرفة المريض لحين اكتمال توريد هذه النواقص، استمرارا للعمل بجميع الأقسام وحفاظًا على حياة المرضى. في الوقت ذاته، أعلنت مصادر خاصة داخل هيئة التأمين الصحي، أن الهيئة تعرض تعاقد مع مستشفى المسالك الجامعي بأسيوط لمرضى زرع الكُلى ب7500 جنيه، وتكلفة استخراج قرار العلاج على نفقة الدولة لنفس العملية ب15 ألف جنيه، في حين، أن التكلفة الفعلية (بدون أجور الأطباء والتمريض) في حدود 40 ألف جنيه. بداية الأزمة، حين أعلنت الإدارة العامة للمجالس الطبية المتخصصة أنه في حالة مطالبة المستشفى بأي نفقات إضافية، يتوجب على المرضى الاتصال على الرقم الساخن (92647700)، الأمر الذي دفع عددا كبيرا من المواطنين المتضررين الرافضين لتحمل فارق التكلفة لتقديم البلاغات والشكاوى ضد إدارة المستشفيات، وكان هناك 4 حالات أخرى متضررة من القرار في المستشفى ذاتها. وبعد زيارته للمستشفى، أعلن محمود فؤاد، مدير المركز المصري للحق في الدواء، أن المبلغ المالي الذي طلبه طبيب العظام من المريض لتكمله فارق التكلفة لاستئجار منظار الركبة كان مائتي جنيه وليس الذي قيل في النيابة إنه 6 آلاف جنيه والتسجيل يؤكد ذلك. وأضاف فؤاد ل"البديل": «لو افترضنا أن مبلغ 6 آلاف جنيه صحيح، هناك روايات أخرى تقول إن هذه المبالغ تكون بتوصية من أساتذة الجامعة وهم المسؤولون، ويتم التنفيذ عن طريق الأطباء غير المقيمين أو الجدد، والمريض الذي سجل للطبيب يقال إنه فعل ذلك بعد سماعه أن هذه المبالغ تدفع باستمرار من آخرين». وطالب مدير المركز المصري للحق في الدواء، بضرورة فتح ما أسماه "إمبراطورية أساتذة الجامعة"؛ لأن شغل ما يقال عنه ال«Private» واضح للجميع، وهذا الطبيب الشاب ضحية، ودفع ثمنا من حريته لصالح مافيا قائمة بالمستشفيات الجامعية. كبش فداء وأكد الدكتور أيمن سالم، نقيب أطباء الشرقية، أن طبيب العظام مجرد «كبش فداء»، وتعرض لظلم فادح، ويعاقب على جريمة لا ذنب له فيها، بل نتيجة سوء إدارة المنظومة الصحية، موضحًا أن العمليات لها حد أقصى عند المجالس الطبية المتخصصة لا تتخطاها إدارة المستشفى الجامعي، لكن الإجراء المتبع داخل غالبية المستشفيات الجامعية، أن المريض يتكفل بجزء من علاجه على حسابه الخاص، وهذا النظام معمول به منذ قرار تعويم الجنيه وتحرير سعر الصرف في نوفمبر من العام الماضي، في ظل ارتفاع أسعار المستلزمات الطبية ورفض الشركات التوريد للجامعة بالسعر القديم. المفاجأة شركة المستلزمات والمستهلكات الطبية، أعلنت أنها لن تورد أي مستلزمات أخرى للمستشفى بالأسعار القديمة وإن اضطرت أن تسدد الشرط الجزائي الكبير بدلًا من الخسائر اليومية التي تتكبدها. المفاجأة التي توصلت إليها «البديل» من مصدر موثوق، كانت في اعتراف أصحاب شركة المستلزمات الطبية على المستشفى والطبيب المذكور بأنهم أخذوا من المرضى أكثر من المطلوب منهم مقابل توريد المستهلكات والمستلزمات الطبية اللازمة. وقال نقيب أطباء الشرقية ل«البديل»: "إذا كان هناك اتفاق شفهيًا بين إدارة المستشفيات الجامعية وبين جميع الأقسام الداخلية بالمستشفيات، كان يتوجب عليهم أن يخبروا المريض بذلك، القادر منهم يتحمل فارق السعر وغير القادر على تكلفة العلاج يتواصلون مع الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني التي تتكفل بسداد ذلك للخروج من الأوضاع الاقتصادية الصعبة". «تكهين» منظار الجامعة وأضاف سالم: "تكلفة إيجار المنظار تتراوح ما بين 200 -500 جنيه، ولجأت المستشفى الجامعي إلى ذلك بعد تعطل منظار الجامعة الوحيد الذي صدر قرار من إدارة المستشفيات الجامعية قبل 3 أشهر بتكهينه وعمل مناقصة جديدة لشراء منظار جديد لم يصل حتى الآن". وتابع: "مش هنسيب المريض يموت بسبب نقص المستلزمات في المستشفى"، مستطردا أن الطبيب المحبوس احتياطيًا لم يحدد للمريض أي شركة مستلزمات بخلاف الشركة التي تتعاقد معها إدارة المستشفى الجامعي والتي رفضت التوريد بالسعر القديم وتُحصل الفارق من جيب المريض والمجتمع المدني. قوائم انتظار في الوقت ذاته، أعلنت الدكتورة منى مينا، وكيل نقابة الأطباء، أن الدكتور محمود ناصر، طبيب مقيم حديث، ليس له إلا أن يسير على نظام العمل الإداري بالقسم دون أدنى اعتراض، ولأن القسم لا يوجد به إلا منظار ركبة واحد صالح للعمل وقوائم انتظار طويلة للمرضى، تم التوافق في المستشفى الجامعي بشكل أو بآخر على تأجير منظارين آخرين من شركة خاصة لتشغيل 3 غرف عمليات على التوازي. وأوضحت مينا أنه لم يتم التعاقد بشكل رسمي مع الشركة، فالمستشفى الجامعي لا يستطيع دفع إيجار المنظارين وسارت الأمور بشكل غير رسمي، المرضى يدفعون للشركة والأطباء يعملون والخدمة الطبية تقدم بعد أن يتم توفير المستلزمات بهذه الطرق المرتبكة والعرجاء، لكنها أحيانا كثيرة تكون الطريقة الوحيدة لتقديم الخدمة الطبية. السؤال الذي طرحته وكيل نقابة الأطباء عبر صفحتها الرسمية على «فيس بوك»: هل كان يملك طبيب العظام رفض العمل بهذه الطريقة المتبعة أو حق الاعتراض على ضعف الإمكانيات وضعف الميزانية التي لم تمكن المستشفى الجامعي من تأجير منظار أو اثنين؟ وطالبت مينا جموع الأطباء بالتوجه إلى نيابة الزقازيق لتقديم شكاوى عديدة، قائلة: انقلوا إليهم شهاداتكم عن العجز الجاري في العديد من أدوات ومستلزمات العمل الأساسية في مختلف الأقسام التي تطلب من المرضى شرائها من الخارج، نملك أن نتضامن حتى لا يتم التضحية بنا دائما ككبش فداء. كيفية التعامل مع النواقص وطالب الدكتور خالد سمير، عضو مجلس نقابة الأطباء، جمموع الأطباء بعدّة توصيات للخروج من الأزمة؛ تبدأ بمناظرة المريض وتسجيل العلاج والمستلزمات الطبية المطلوبة في التذكرة مع التوقيت، وفي حالة عدم وجود ما يحتاجه المريض، على الطبيب أن يُسجل ذلك على ظهر التذكرة، مع إضافة أنه تم إبلاغ إدارة المستشفى وأهل المريض بذلك. وأضاف: "أما في حالة سماح إدارة المستشفى بالتعاقد مع شركات خارجية، على الطبيب كتابة أسماء المستلزمات المطلوبة للمريض على ورقة دون توجيهه لمكان محدد كتابيًا، وإذا رفضت الإدارة، يتم تدوين الرفض في التذكرة مع إبلاغ المرضى"، محذرًا من تلقي أي أموال من مرضى أو توجيههم لمكان أو شركة أو صيدلية أو شخص يبيع النواقص كتابيًا أو عبر الهاتف منعًا للمساءلة القانونية.