أعلن الجيش المصري حالة الطوارئ القصوى في سيناء، بعد الهجوم الإرهابي الذي استهدف مسجدًا صوفيًّا أمس في العريش؛ وفي هذا الصدد نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريرًا تسلط فيه الضوء على التصوف الإسلامي والاستهداف الذي يتعرض له خلال السنوات الأخيرة. ويحاول التقرير، الذي أعدته ميجان سبيسيا، الوقوف على الأسباب التي تجعل الصوفيين مكروهين من المتطرفين. وإليكم نص المقال التصوف هو شكل روحاني من الإسلام، وهو مدرسة تؤكد على البحث الداخلي عن اهلو، وتتجاهل المادية. وقد أنتجت تلك المدرسة بعض الإصدارات الأدبية الأكثر شعبية في العالم، مثل قصائد الحب في القرن الثالث عشر للفقيه والشاعر الصوفي جلال الدين الرومي. وأتباع الرومي في العصر الحديث يعتزون بالقيم الروحانية، خاصة التسامح والتعددية، وهي الصفات التي هي في كثير من الأديان غير مرسخة في عقيدة ووجدان المتطرفين. تعرض التصوف الإسلامي لهجوم عنيف في السنوات الأخيرة. عندما اقتحم مسلحون يوم الجمعة مسجدًا صوفيًّا في شبه جزيرة سيناء؛ مما أسفر عن استشهاد ما لا يقل عن 305 أشخاص، في هجوم يعد الأسوأ في تاريخ مصر الحديث. ويعتبر التصوف شكلاً من أشكال الممارسة الإسلامية للعقيدة، والذي يعتمد على التأمل والتقارب الروحاني مع الله. ولكن أحيانًا يساء فهمه، بالرغم من أن التصوف في الواقع أسلوب أوسع للعبادة؛ حيث تركز الممارسة الصوفية على التخلي عن الأشياء الدنيوية، وتنقية الروح والتأمل الروحاني. وأتباع التصوف يحاولون الاقتراب من الله، من خلال السعي إلى التعلم الروحي المعروف باسم "الطريقة". إن اللغط والالتباس حول التصوف أمر شائع، حتى بين المسلمين أنفسهم، ووفقًا للإمام فيصل عبد الرؤوف، عالم دين صوفي كويتي أمريكي ومؤسس مبادرة قرطبة، التي تهدف لتعزيز صورة الإسلام المعتدل في الغرب: لفترة من الزمن، ابتداءً من القرن الثاني عشر، كان التصوف الدعامة الأساسية للنظام الاجتماعي للحضارة الإسلامية، ومنذ ذلك الوقت انتشر في جميع أنحاء العالم الإسلامي، ووصل إلى الصين، وغرب إفريقيا والولايات المتحدة. وكانت تلك الممارسة قادرة على التكيف مع عناصر الثقافات المحلية؛ مما جعلها ممارسة شعبية. ومن جانبه يصف ألكسندر كنيش، أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة ميشيجان، الصوفية بأنها "حركة واسعة جدًّا غير متبلورة، تمارس داخل كل التقاليد الإسلامية". وشكلت الصوفية معالم الأدب والفن لعدة قرون، وترتبط بالعديد من الإبداعات الرنانة للعصر الذهبي للإسلام، الذي استمر تقريبًا من القرن الثامن إلى القرن الثالث عشر، بما في ذلك شعر جلال الدين الرومي. وفي العصر الحديث، سادت النظرة للإسلام الصوفي على أنه "الحب والسلام والتسامح"، كما أوضح كنيش. لماذا يستهدف المتطرفون الصوفية؟ بينما ينظر بعض المسلمين إلى الصوفية على أنها غير واضحة، بل أحيانا غريبة الأطوار، ينظر إليها الأصوليون والمتطرفون باعتبارها تهديدًا، وأن أتباعها هم زنادقة أو مرتدون. خلال العام الماضي شن متطرفون عدة اعتداءات على الأضرحة الصوفية في باكستان. وفي فبراير هاجم مسلحون ينتمون إلى تنظيم داعش زوار ضريح فيلسوف صوفي جنوبباكستان؛ مما أسفر عن مقتل أكثر من 80 شخصًا، ووصفهم المتطرفون المسلحون بأنهم مشركون. كما تعرض المصلون في مساجد تنتمي إلى الصوفية لهجمات مماثلة في الهند والشرق الأوسط. يستهدف تنظيم داعش الصوفيين؛ لأنهم يعتقدون أن الشكل الأصولي المتشدد هو الشكل الوحيد الصحيح للإسلام. ويرى الأصوليون أن إظهار حب آل البيت والصالحين شكل من أشكال الوثنية؛ لأنه في نظرهم يظهر إخلاصًا إلى شيء آخر غير الإله الواحد. يقول كنيش: "إن معارضي الصوفية يرون الأضرحة كأوثان وأن وجودهم والصلاة في مساجد بها أضرحة ينتهكان المبدأ الرئيسي للإسلام، وهو تفرد العبادة لله". تنظر الجماعات الإرهابية منذ فترة طويلة إلى الصوفيين على أنهم أصحاب بدع. وعندما استولى فرع تنظيم القاعدة على شمال مالي في عام 2012، استخدم مسلحوه جرافات لتدمير الأضرحة الخاصة بالصالحين الصوفيين في تمبكتو. وعلى الرغم من أن تنظيم القاعدة استهدف مواقع صوفية، لكن تفردت داعش بالنهج الأكثر تشددًا، حيث كانت قائدة الدعوة لشن هجمات وحشية ضد الصوفية. وضع الصوفية في مصر رغم عدم إعلان أي جماعة مسؤوليتها عن الهجوم الذي وقع في مصر يوم الجمعة، إلا أنه يحمل بعض السمات المميزة للاعتداءات السابقة ضد المسيحيين في مصر. ولكن الاعتراضات الدينية من الأصوليين على أسلوب العبادة الصوفية قد لا تكون العامل الوحيد وراء شن الهجمات ضدهم. يقول الخبراء إن العلاقات الودية بين الصوفية والحكومة المصرية قد تكون أيضًا عاملاً مساعدًا، مما يعطي الهجوم بعدًا سياسيًّا. المقال من المصدر