يومًا بعد يوم يضيق الخناق على المقربين من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بشأن الاتصالات مع موسكو أثناء حملة الانتخابات الرئاسية المنصرمة، فبعد فوز ترامب برئاسة الولاياتالمتحدة قبل قرابة العام، سقط كثير من أعضاء إدارته في تلك الشبهة، وحتى الآن ما زال شبح الاتهامات الروسية يحوم حول البيت الأبيض. ودخل مستشار ترامب الرئيسي وصهره، جارد كوشنر، في دائرة الشبهات أيضًا، حيث كثرت التساؤلات التي تلاحقه خلال التحقيقات التي تجريها لجان بالكونجرس وفريق خاص بالتحقيق في احتمال ضلوع مقربين من الرئيس الأمريكي في التدخل الروسي بالانتخابات الأمريكية. مجموعة هذه التساؤلات وسّعت من نطاق دائرة التحقيقات، الأمر الذي جعلها تشمل اتصالات بدول أجنبية، ومحاولات فتح قناة سرية بين الرئيسين الروسي والأمريكي قبل تولي الأخير منصبه. وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أن الفريق الذي يقوده المحقق الخاص، روبرت مولر، بعث إلى محامي كوشنر وإلى محامي البيت الأبيض مجموعة تساؤلات حول اتصالات ترامب وكوشنر بزعماء دول أجنبية قبل توليه الرئاسة، وتوسعت التحقيقات في التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية لتشمل النظر في اتصال هاتفي جرى بين الرئيسين الأمريكي والمصري، الأمر الذي دفع اللجنة للنظر في المحاولة الفاشلة التي قام بها ترامب وكوشنر لعرقلة صدور قرار في الأممالمتحدة ضد الاستيطان الإسرائيلي بناء على طلب من الكيان الصهيوني، حيث ذكرت الصحيفة أن ترامب وقبل تنصيبه اتصل بالرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، لتأجيل التصويت على القرار الذي يدين الاستيطان، وهذا ما وافق عليه الرئيس المصري، إلا أن القرار صدر في 23 ديسمبر العام الماضي، لعدم استخدام إدارة الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما الفيتو ضده. هذا ويحقق فريق مولر في اجتماع بين كوشنر ومحامية روسية قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية، حيث اجتمع كوشنر في يونيو العام الماضي في نيويورك برفقة دونالد ترمب الابن الأكبر للرئيس مع المحامية التي كانت على علاقة وثيقة بالكرملين، بعدما زعمت أن لديها معلومات مضرة بالمرشحة الديمقراطية حينها هيلاري كلينتون، حصلت عليها من حكومة بلادها. إضافة إلى ذلك يحقق فريق مولر في إخفاء كوشنر لاتصالات بأكثر من 100 مسئول من أكثر من 20 دولة، جاء ذلك بعد أن أكد عضوان في اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ الأمريكي قبل أيام أن كوشنر حجب وثائق تلقاها تتعلق باتصالات مع روسيا، إضافة إلى دعوة للعشاء. واتهمته اللجنة الخميس الماضي بأنه خلال استجوابه أمام لجنة الاستخبارات قبل ثلاثة أشهر في مجلس الشيوخ تعمد إخفاء معلومات عن اتصالات أجراها ابن ترمب الأكبر بموقع ويكليكس في أكتوبر العام الماضي. ورغم غموض دوافع مولر لتوسيع نطاق التحقيق وعدم اقتصاره على التدخل الروسي، إلا أن المؤكد هو أن دائرة التحقيقات القانونية والتشريعية بدأت تحيط أكثر بترامب وكبار مساعديه. التحقيقات لم تقتصر على الدائرة المقربة من ترامب، فمن جهتها تحدثت صحيفة بوليتيكو الأمريكية عن استدعاء إيريك برينس المدير السابق لشركة "بلاك ووتر" الأمنية المثيرة للجدل، للإدلاء بشهادته أمام لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأمريكي الأسبوع القادم، لتقديم إفادته في أعقاب معلومات بأن الإمارات رتبت لاجتماع سري في جزيرة سي شوز قرب ساحل إفريقيا الشرقي بين برينس وأحد حلفاء الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قبل تنصيب ترامب بتسعة أيام، رغم نفي محامي برينس سابقًا أن يكون للاجتماع علاقة بترامب، وذكرت الصحيفة الأمريكية أن برينس تبرع لحملة ترامب وهو حليف قديم لستيف بانون الذي كان كبير مستشاري ترامب. ويبدو أن التهم التي تحوم حول صهر ترامب قد تؤثر على موقع كوشنر، فبعض وسائل الإعلام الأمريكية بدأت في الحديث عن كوشنر بوصفه أنه ليس شخصية سياسية مرموقة، ولكن كل نصيبه في الحياة السياسية أنه زوج إفانكا ترامب. مجلة نيوزويك الأمريكية ذكرت أن دور المستشار السياسي لكوشنر آخذ في الانحسار، وأوردت أن الملفات التي أسندها ترامب له تقلصت إلى ملف واحد فقط هو الشرق الأوسط، لا سيما بعد تعيين جون كيلي كبيرًا لموظفي البيت الأبيض. وذكرت المجلة أن كيلي لم يكن راضيًا عن زيارة كوشنر الأخيرة للسعودية، والتي وصفت بالسرية، واجتماعه بولي العهد، مجمد بن سلمان، حتى الفجر عشية الاعتقالات الكبرى التي جرت في المملكة. ونقلت الصحيفة عن أحد الجمهوريين المقربين من الرئيس دونالد ترمب قوله إن الرئيس مستاء من أداء كوشنر، خصوصًا نصيحته بإقالة مدير ال"إف بي آي" السابق جيمس كومي. ويبدو أن التحقيقات التي تدور حول التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية الأخيرة بدأت تلقي بظلالها الثقيلة على كوشنر وترامب معًا، فوفقًا لما نقلته مجلة فانتي فاير الأمريكية الثلاثاء الماضي عن مصادر مقربة منه لم تسمها، فإن كوشنر يخشى أن تؤدي التحقيقات الجارية في التدخلات الروسية بالانتخابات الرئاسية العام الماضي إلى عزل الرئيس دونالد ترامب، وكانت تقارير إعلامية نُشرت الشهر الماضي، نقلت عن مقربين من ستيف بانون كبير المستشارين الاستراتيجيين في البيت الأبيض وعضو سابق بمجلس الأمن القومي، أنه يخشى أن يغدر الجمهوريون بالرئيس، ويصوتوا لصالح قرار عزله إذا ما عرض على الكونجرس.