يبدو أن حادثة تورط الروس في الانتخابات الأمريكية وتعرض المواقع الإلكترونية الأمريكية للقرصنة لم تمر مرور الكرام، فما زالت أجهزة الاستخبارات الأمريكية تحقق في الموضوع إلى وقتنا هذا، فبعد أن أخضع مكتب التحقيقات الفيدرالي في وقت سابق أربعة من المقربين للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في دائرة الاشتباه، أقال الأخير عددًا منهم، واستقال آخرون، وبقي صهره «جاريد كوشنر» هو الأخير في مملكة البيت الأبيض الذي يواجه خطر الملاحقة. وفي هذا الإطار يتهم مكتب التحقيقات الفدرالي كوشنر بالتواصل مع شخصيات روسية مقربة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؛ للتأثير على الانتخابات الأمريكية التي فاز بها ترامب ضد منافسته هيلاري كلينتون مرشحة الحزب الديمقراطي. وما زاد من القلق حول تورط ترامب وعائلته في هذه المسألة هو إقالة الرئيس الأمريكي مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق جيمس كومي، الأمر الذي نظر إليه من قبل النخبة ومراكز الأبحاث بأنه تضييق على المحققين لإبعادهم عن الحقيقة، وهو أمر ظهر أيضًا في رد فعل البيت الأبيض على تعيين «روبرت مولر» كمحامٍ خاص في التحقيق الروسي، ومحاولة ترامب الحد من نطاق تحقيقاته، خاصة وأن التحقيقات تشمل صهر ترامب «كوشنر» والرئيس الأمريكي ذاته. وبحسب صحيفة «واشنطن بوست» فإن المحقق المستقل روبرت مولر يدقق في البيانات المالية والصفقات التي قام بها كوشنر كبير مستشاري الرئيس، مشددة على أن توسيع نطاق التحقيق يشكل "منعطفًا كبيرًا"، مشيرة إلى أن المحققين يبحثون عن جنح مالية محتملة ارتكبها مقربون من ترامب. وبالإضافة إلى ذلك فإن معلومات خرجت من الصحف الأمريكية تؤكد أن المحقق مولر يستجوب حاليًّا كبار مسؤولي الاستخبارات، لتحديد ما إذا حاول الرئيس الأمريكي إبطاء أو عرقلة التحقيق الذي يشمل أيضًا تواطؤًا ممكنًا بين مقربين من ترامب (كوشنر) وروسيا، لكن الرئيس الأمريكي علق غاضيًا بعدها على تويتر «فبركوا تواطؤًا زائفًا عبر القضية الروسية، لم يجدوا أي إثبات، والآن اتجهوا إلى عرقلة سير العدالة في هذه القضية الزائفة». ويرتبط «كوشنر» ارتباطًا وثيقًا ب «مايكل فلين» مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق، الذي عينه ترامب في يناير من العام الجاري بعد صعوده مباشرة إلى السلطة، والذي استقال على خلفية فضيحة اتصالات مع روسيا، واتهم فلين بمناقشة موضوع العقوبات الأمريكية مع السفير الروسي في الولاياتالمتحدة قبيل تولي ترامب مهام الرئاسة، كما أنه ضلل مسؤولين أمريكيين بشأن محادثته تلك مع السفير الروسي، وبعد أيام من كشف هذا الأمر استقال من منصبه على خلفية ضغوط دونالد ترامب، لكن الرئيس الأمريكي يؤكد أنه لا يوجد أعضاء آخرون في حملته يواجهون اتهامات بالتورط في الملف الروسي، منددًا في تغريدة له ب«أضخم حملة اضطهاد في التاريخ السياسي للولايات المتحدة» لكن صحيفة واشنطن بوست كانت قد كشفت في وقت سابق عن أن كوشنر، قطب العقارات في نيويورك وزوج إيفانكا ابنة ترامب، يدخل ضمن دائرة اهتمام مكتب التحقيقات الفيدرالي من حيث إنه سبق أن التقى السفير الروسي سيرجي كيسلياك ومصرفيًّا روسيًّا بعد الانتخابات وقبل أن يتولى ترامب مهام منصبه، مؤكدة الصحيفة ذاتها أن كوشنر اقترح فتح قناة اتصال سرية وآمنة بين الفريق الانتقالي للرئيس الأمريكي وموسكو، خلال مناقشات مع السفير الروسي في ديسمبر الماضي، وهو الاجتماع الذي حضره مايكل فلين، واستقال على أثره بعد 25 يومًا فقط من بداية عمله، وهو حاليًّا في قلب التحقيقات التي يقوم بها مكتب التحقيقات الاتحادي بشأن التدخل الروسي. وبالإضافة إلى مرافقة «كوشنر» لفلين في اجتماعه مع السفير الروسي «سيرجى كيسلياك» خلال فترة الانتقال الرئاسي، فإن هناك الكثير من التقارير التي أكدت أن كوشنر رتب أيضًا اجتماعات لاحقة مع كيسلياك ومسؤولين روس آخرين، لكن لم يكشف البيت الأبيض عن أولئك الذين كانوا موجودين في هذه الاجتماعات، لتكون هذه اللقاءات مع المسؤولين الروس كافية لوضعه تحت أنظار لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ في ملف ترامب وروسيا، التي تستجوب كل الشخصيات المحيطة بترامب الذين كانوا على اتصال مع روسيا. كما ينظر لكوشنر وزوجته إيفانكا ترامب بعين الربية من قبل جهاز الاستخبارات الامريكية (مكتب التحقيقات الفيدرالي)، لاسيما وأنه وفقًا للتقارير فإن إيفانكا وكوشنر كانا وراء تعيين مايكل فلين مستشارًا للرئيس الأمريكي، مؤكدين أن مايكل فلين يمكنه الحصول على وظيفة مستشار الأمن القومي، وقيل إنهما قالا إن ولاء فلين للعائلة سوف يكافأ عليه.