فتحت مراكز الاقتراع الألمانية اليوم الأحد أبوابها أمام حوالي 61.5 مليون ناخب، للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات التشريعية بين الساعة 8,00 والساعة 18,00، والتي من المقرر أن تحدد الهوية السياسية التي من المفترض أن يكون لها الصوت الأعلى في البرلمان خلال السنوات الأربع القادمة، لكن هذه الانتخابات يصفها البعض بأنها رتيبة ومملة في ظل إجماع سياسي على تجديد المستشارة الألمانية، إنجيلا ميركل لولايتها الرابعة، فيما يتوقع البعض دخول أحد الأحزاب اليمينية المتطرفة البرلمان للمرة الأولى منذ أكثر من 50 عامًا. ميركل تجدد ولايتها الرابعة أظهرت استطلاعات الرأي التي أجريت مؤخرًا في البلاد أن حزب المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل "الاتحاد الديمقراطي المسيحي" سيبقى التكتل الأكبر في البرلمان، حيث يتوقع أن يفوز بنسبة 35.1% من أصوات الناخبين، فيما يتخوف البعض من تكرار سيناريو الانتخابات الإقليمية العام الماضي، حيث عانى حزب ميركل المحافظ حينها من انتكاسات لصالح حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، الذي استفاد من استياء العامة من قرار "ميركل" في 2015 بترك الحدود الألمانية مفتوحة أمام أكثر من مليون مهاجر، ودفعت هذه الانتكاسات "ميركل" إلى التفكير في عدم الترشح لولاية جديدة. المجال الاقتصادي جعل ميركل تعود إلى قوتها سريعًا، ففي الوقت الذي كانت فيه العديد من دول العالم وخاصة الأوروبية تتخبط اقتصاديًّا، وتبحث عن تمويلات، نجحت ميركل في خفض معدلات البطالة إلى مستويات قياسية، وخفض عجز الميزانية إلى الصفر، وسجلت فائضًا تجاريًّا قياسيًّا، الأمر الذي أعاد ثقة الألمان بها سريعًا، ومع تنصيب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أصبحت ميركل المدافعة الرئيسية عن النظام الغربي الذي هزه "ترامب"، حتى إن البعض أطلق عليها "قائدة العالم الحر". في ذات الشأن رجح العديد من المراقبين أن يصعب انقسام المشهد السياسي الألماني من مسألة تشكيل ميركل لتحالف حاكم، أكثر من أي وقت مضى، وربما يتطلب الأمر شهورًا، حيث يشكك الشركاء السياسيون الحاليون لميركل في إمكانية تشارك السلطة مع المستشارة الألمانية، فيما ترفض جميع الأحزاب السياسية الكبرى العمل مع حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني، الأمر الذي قد يدفع ميركل لتجديد تحالفها الكبير مع "الحزب الديمقراطي الاشتراكي" بزعامة مارتن شولتز، كما أنه من الممكن أن تختار ميركل إنشاء تحالف ثلاثي يضم الحزب الديمقراطي الحر المؤيد لقطاع الأعمال وحزب الخضر المناصر للبيئة. الحزب الاشتراكي الديموقراطي.. حظوظ تتراجع تتراجع حظوظ غريم المستشارة الألمانية الرئيسي، مارتن شولتز، الذي بدأ حياته العملية كبائع للكتب، قبل أن يبدأ مسيرة جديدة كنائب في الاتحاد الأوربي، إلى أن شغل منصب رئيس البرلمان الأوربي وزعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وهو الحزب الأعرق في تاريخ ألمانيا والشريك الأصغر في الائتلاف الحكومي، حيث يتوقع أن يحصل على نسبة 22% فقط من الأصوات، فقد أفل نجم "شولتز" بعدما فشل في طرح نفسه كممثل للتغيير في وقت يشارك حزبه في حكومة ميركل منذ عام 2013، كما أن دعوته إلى المزيد من العدالة الاجتماعية لم تلقَ استجابة من الناخبين في بلد يشهد نموًّا قويًّا وبطالة في أدنى مستوياتها. هل يفعلها اليمين المتطرف؟ رجحت بعض التكهنات أن يصبح حزب "البديل من أجل ألمانيا" المحسوب على أقصى اليمين المتطرف، أكبر قوة معارضة في البرلمان لأول مرة منذ ستينيات القرن العشرين، حيث أظهرت استطلاعات للرأي العام أجريت مؤخرًا أن حزب "البديل من أجل ألمانيا" عزز مواقعه خلال الأسبوع الأخير قبل الانتخابات على حساب "الاتحاد الديمقراطي المسيحي" الذي تترأسه ميركل، و"الحزب الاشتراكي الديمقراطي" بزعامة مارتن شولتز، ليحتل بذلك المرتبة الثالثة، حاصدًا ما بين 11 و13% من أصوات الناخبين، وتنبأت الاستطلاعات بأن "البديل من أجل ألمانيا" سيحصل على ما بين 60 و85 مقعدًا، مما سيجعل منه أكبر قوة معارضة للتحالف الحاكم في حال نجاح ميركل في تشكيله، الأمر الذي سيمكنه من تحقيق مكاسب كبيرة، بما في ذلك ترؤس لجنة الميزانية المؤثرة والمواقع الرفيعة في غيرها من اللجان البرلمانية الألمانية والأوروبية، فضلًا عن حق تمثيل ألمانيا في قوام وفود الاجتماعات مع الأممالمتحدة وحلف الناتو. القفزة التي حققها الحزب اليميني المتطرف استندت بقوة إلى معاداته للهجرة والمهاجرين، حيث لعب الحزب منذ البداية على مشاعر الخوف الألماني من الإسلام والمسلمين، ويطالب الحزب، الذي تأسس عام 2013 كحزب مُعادٍ للاتحاد الأوروبي، بإغلاق جميع المساجد وفرض حظر على الأذان وتجريم الأشخاص الذين يرتدون الملابس الإسلامية التقليدية مثل الحجاب أو النقاب، علاوة على تبريره لجرائم النازيين إبان الحرب العالمية الثانية، وسبق أن تعهد مرشحا حزب "البديل عن ألمانيا" أليس فيديل وألكسندر غولاند، ب"هز البوندستاغ" وإجبار ميركل على تحمل المسؤولية القانونية عن قرارها بفتح الحدود أمام المهاجرين، ويعتبر المحللون هذا الحزب امتدادًا للحزب النازي القومي، الذي كان قد أخفق من قبل في الانتخابات الاتحادية وانتخابات الولايات.