تبادلت وزارتا السياحة والبيئة الاتهامات حول مسؤولية تأمين محمية وادي الريان بمحافظة الفيوم، والتي عانت من إهمال شديد طيلة السنوات الأخيرة, من حيث نقص الخدمات, وعدم وجود وحدات إنقاذ نهري؛ مما حولها من متنزه طبيعي للاستمتاع إلى مصيدة تحصد أرواح مئات الشباب بشكل دوري, بل وطالت أيضًا الحياة البرية, ورغم ذلك لم يعبأ المسؤولون بالأمر، واكتفوا بوضع لافتات تحذيرية, ليلقوا بالمسؤولية علي عاتق الزوار, وتراشقوا المسؤولية بينهم، الأمر الذي صاحبه ارتفاع معدل الوفيات بشلالات الريان, وأدى لتراجع ملحوظ في السياحة الداخلية والخارجية للمحمية. تعد محمية وادي الريان إحدى أهم المحميات الطبيعية في مصر, وتقع جنوب غرب محافظة الفيوم, وتبلغ مساحتها حوالى 23 كم2، وتتكون من كثبان رملية كثيفة متحركة، ويوجد بها أربع عيون طبيعية كبريتية, كما تتميز بوجود مجموعات من النباتات تحتوى على 16 نوعًا من النباتات الصحراوية أهمها (العاقول والأثل والغردق ونخيل البلح والعبل والحجنة, وحوالي 15 نوعًا من الحيوانات، أهمها (الغزال المصري, والفنك وثعلب الرمال والثعلب الأحمر, والذئب المصري) وحوالى 100 نوع من الطيور المقيمة والمهاجرة. ولم تشفع استغاثات وأوجاع أهالي محافظة الفيوم بعد فقدانهم بعض أبنائهم ممن راحوا ضحايا الإهمال في شلالات الريان خلال رحلات اليوم الواحد, عند المسؤولين لتوفير وحدات إنقاذ نهري وغواصين, ووحدة صحية بالمحمية؛ لإسعاف زوار المحمية الذين هم عرضى لضربات الشمس وحالات الإغماء والدوار والغرق, عوضًا عن عدم توفير كافتيريات أو أماكن مخصصة لتجنب حرارة الشمس، خاصة ان المحمية وسط منطقة صحراوية؛ مما دفع البعض إلى المطالبة بإغلاق المحمية، بعد أن عجز المسؤولون بالمحافظة عن تأمين روادها. ويتبرأ محمد كمال، مدير عام السياحة بالفيوم، من المسؤولية الجنائية, قائًلا: "مسؤولية تطوير وتأمين زوار محمية وادي الريان تقع على عاتق وزارة البيئة, المتمثلة في إدارة المحميات الطبيعية, ويقتصر دور السياحة على متابعة المنشأة السياحية, والمحمية ليست بها منشأة نظرًا لطبيعتها, وأيضًا تمهيد الطرق من رصف وإنارة, مشيرًا إلى أن طبيعة المحمية المتعرجة لا تسمح للغواصات بالسباحة فوق مياهها في أغلب المناطق, لما تتضمنه من شلالات, وتربة حجرية. موضحًا أن ارتفاع منسوب المياه بالبحيرة يتسبب في نحت التربة وتآكلها، وهو الأمر الذي يتسبب في غرق وإصابة بعض الزوار خلال استحمامهم بالبحيرة, حيث يقفز الضحايا من ارتفاع قرابة 6 أمتار من أعلى الشلالات إلى قاع البحيرة، فإما أن يصاب بنزيف في المخ باصطدامه بقاع البحيرة، أو غيبوبة وهو تحت المياه، فيلقى مصرعه، مؤكدًا أن هناك لوحات إرشادية بالمنطقة، وعلى الرغم من ذلك لا يلتفت إليها أحد, ولكن الأمر يحتاج الى أن تعمل وزارة البيئة على تطوير المحمية وتهيئتها لاستقبال الزوار, خاصة وأن المحمية شهدت تراجعًا للسياحة الخارجية على مدار الأربع سنوات الأخيرة بنسبة كبيرة, وباتت قاصرة على السكان المحليين. فيما ينفي الدكتور عمرو هيبة، مدير عام المحميات الطبيعية بالفيوم، مسؤوليته عن غرق الشباب وبعض المواطنين في منطقة وادي الريان قائلًا: "من المعروف أن مناطق السواحل تمثل خطورة على حياة المواطنين, والمحمية لها طابع أكثر تعقيدًا بسبب قاعها المتعرج والحجري, ودورنا هو إرشاد الزوار بطبيعة المكان وليس تأمينه, وبالفعل هناك لوحات إرشادية بأرجاء المحمية حرصًا على حياتهم, إلا أن الكثيرين لا يعبؤون بها, ويندفع بعض الشباب بروح المغامرة بالقفز من أعلى الشلالات إلى القاع الذي لا يوجد به عمق يتناسب مع ارتفاع بعض تلك الشلالات الذي يصل إلى 6 أمتار, وبالقاع أحجار ومناطق صخرية, مما يجعلهم عرضة للخطر. وأشار "هيبة" إلى أن الإدارة اتخذت عدة إجراءات من أجل مواجهة تلك الحوادث، منها التنسيق مع قوات الإنقاذ النهري للانتشار على حدود البحيرة ومنطقة الشلالات للتعامل مع أي حالة غرق، مع دعم المنطقة باللافتات والعلامات التي تحذر الزوار من النزول أو السباحة في هذه المنطقة، وكذلك التنسيق مع مديرية الشباب والرياضة لمد المحميات بغطاسين لمتابعة الشواطئ للتعامل مع مثل هذه الحالات، منتقدًا بعض السلوكيات الخاطئة من بل الزوار، وطالبهم بتقدير مكانة المحمية والتعامل بشكل يليق بها. وأكد مدير المحميات أن المحمية تشهد حاليًّا تنفيذ مشروع لإعادة تأهيل موقع الشلالات بالتعاون مع برنامج الأممالمتحدة الإنمائي, والبرنامج البيئي للتعاون المصري الإيطالي, على مدار 8 أشهر، ويتضمن المشروع تطوير مدخل المحمية, وإقامة مناطق خاصة بالتسويق للصناعات البيئية, وساحة انتظار للسيارات, وإنشاء كافتيريات ودورات مياه لتحسين الخدمات المقدمة للزائرين, وكذلك سيتم تخصيص موقع للتخييم، واقامة فنادق بيئية تتناسب مع طبيعة المحميات والاشتراطات البيئية؛ لتوفير مناخ ملائم يعيد للمحمية مكانتها السياحية.