مازالت السياسة النقدية للبنك المركزي تتوقع خفض معدلات التضخم المرتفعة والتي وصلت إلى 34.8% بنهاية شهر أغسطس الماضي، ومع تطبيق سياسة مالية تعتمد خلال الفترة القادمة على رفع الدعم عن الوقود والكهرباء والغاز والمياه ترتفع الأسعار بشكل كبير متأثرة بهذه السياسات التي لا تتناسب مع بعضها البعض فيرتفع التضخم الذي يسعى المركزي لخفضه. أعلن البنك المركزي المصري من خلال تقرير له عن السياسة النقدية انتهاء حالة الارتفاع في المعدل السنوي للتضخم بنهاية الربع الثالث من عام 2017 قبل البدء في الانخفاض التدريجي مدعوما بتأثير فترة الأساس وكذلك تقييد الأوضاع النقدية ليتسق مع المسار المستهدف له من قبل البنك. وأكد أنه على المدى القصير سيتم تقييد الأوضاع النقدية عبر ارتفاع أسعار العائد الحقيقية مدعوما بالارتفاعات السابقة لأسعار العائد الأساسية للبنك المركزي وعبر الانخفاض في سعر الصرف الحقيقي الفعال نتيجة الفارق بين معدل التضخم في مصر وشركائها التجاريين. وتوقع البنك المركزي أن يرتفع معدل النمو الاقتصادي الحقيقي مدعوما بتعافي صافي صادرات السلع والخدمات، وكذلك الاستثمارات المحلية والأجنبية بالإضافة إلى الاستهلاك المحلي من منظور الإنفاق، وبتعافي قطاع السياحة والصناعة التحويلية غير البترولية وقطاع الاستخراجات وعلى الأخص الغاز الطبيعي من منظور الإنتاج. وتهدف الحكومة إلى تخفيض العجز المالي الكلي إلى 9% من الناتج المحلي الإجمالي وكذلك تحقيق فائض أولي يبلغ 3.% من الناتج المحلي الإجمالي، وتوقع التقرير ارتفاع أسعار البترول الخام إلى 55 دولار أمريكي للبرميل العام المالي الحالي، وكذلك ارتفاع أسعار السلع الغذائية المقومة بالنسبة لسلة الاستهلاك المحلي بشكل طفيف، وفي ذات الوقت توقع المركزي استمرار التعافي المتواضع في معدلات النمو والتضخم العالمي مما يستمر معه وضع ضغوط ضعيفة على الأسعار المحلية بالإضافة إلى تدعيم الارتفاع التدريجي لأسعار الفائدة العالمية . ونشر البنك المركزي أن ما حققه ميزان المدفوعات المصري من فائض كلي بلغ نحو 13.7 مليار دولار خلال السنة المالية 2016/2017، (منه نحو 12.2 مليار دولار يخص الفترة من نوفمبر يونيو 2016/2017) التي أعقبت قرار تحرير سعر الصرف، وذلك مقابل عجز كلي 2.8 مليار دولار خلال السنة المالية السابقة. الحكومة تأمل في خفض معدل التضخم، لكن كيف سيحدث ذلك في ظل توقعات بارتفاع أسعار السلع الغذائية المقومة بالنسبة لسلة الاستهلاك المحلي بشكل طفيف، فالتضخم وفقا للنظريات الاقتصادية يقاس وفقا للأسعار، فإذا ارتفعت الأسعار ارتفع معدل التضخم، وإذا انخفضت الأسعار انخفض التضخم، فكيف ينخفض التضخم مع ارتفاع أسعار السلع؟. الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، أكد أن السياسة المالية التي تتبعها الحكومة من رفع الدعم عن الوقود والكهرباء وغيرها من السياسات المتبعة ستؤدي إلى ضرب خطة المركزي النقدية لخفض التضخم، فمع كل زيادة في أسعار البنزين والكهرباء سترتفع الأسعار ويزيد التضخم المعروف سببه، أما التضخم غير المبرر سينخفض مع انخفاض سعر الصرف والفائدة وهذا ما يتحدث عنه المركزي. وأوضح ل«البديل» أن السياسة المالية ورفع الدعم الذي يخشاه البنك المركزي ستأخذ كل ما يسعى إليه لخفض التضخم، ولذلك يجب التنسيق بين السياسة النقدية والسياسة المالية حتى لا يرتفع التضخم في محاولة التخفيض التي يتبعها البنك المركزي.