لا تزال الولاياتالمتحدةالأمريكية تبحث عن موطئ قدم لها في الأراضي العراقية خاصة بعد تحرير مدينة الموصل وبدء معركة تحرير مدينة "تلعفر" على يد القوات العراقية بمساندة الحشد الشعبي، وأظهرت العديد من التصريحات الأمريكية النية المبيتة على البقاء في العراق بعد طرد داعش، فيما يحاول رئيس الوزراء حيدر العبادي، إرسال رسائل سياسية واضحة لأمريكا مفادها أن وجود قوات أجنبية في العراق بعد تحريرها من داعش خط أحمر، سواء كانت هذه القوات أمريكية أو تركية. ماتيس في بغداد وصل وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، اليوم الثلاثاء، إلى بغداد في زيارة لم يتم الإعلان عنها مسبقًا، لتكون الثانية بالنسبه له خلال أقل من عام، حيث سبق أن زار ماتيس، العراق في 20 فبراير الماضي، كأول زيارة له إلى العراق منذ توليه منصبه في إدارة ترامب، وأعلنت مصادر عسكرية وسياسية مقربة من الأحداث أنه كان من المفترض أن يقوم ماتيس بجولة لمدة 5 أيام، يزور خلالها الأردن ثم تركيا فأوكرانيا، لكن يبدو أن شيئًا طرأ على خطه وزير الدفاع الأمريكي دفعه إلى تغيير وجهته إلى العراق. من المقرر أن يلتقي ماتيس، خلال زيارته الحالية رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، وكبار المسؤولين في بغداد، على أن يجتمع برئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني، في أربيل لاحقًا، وقال ماتيس قبل زيارته إلى بغداد "إن تركيزنا حاليًا هو على إلحاق الهزيمة بداعش داخل العراق، وإعادة فرض السيادة العراقية ووحدة الأراضي". تحرير تلعفر تأتي هذه الزيارة بعد نحو شهرين من استعادة القوات العراقية للموصل، ثاني أكبر مدن العراق، إثر معارك ضارية استمرت لتسعة أشهر، وفي الوقت نفسه فإنها تأتي في اليوم الثالث الذي يشتد فيه الخناق حول مدينة تلعفر، آخر أكبر معاقل تنظيم داعش في محافظة نينوى بشمال البلاد، حيث تقود القوات العراقية بالتعاون مع الحشد الشعبي معارك ضارية هناك لإنجاز هدف تحرير المدينة التي تبعد عن العاصمة العراقيةبغداد بمسافة 450 كلم شمال غرب، والتي تبعد عن الحدود السورية بحوالي 60 كلم، وهو ما يجعلها معركة هامة جدًا بالنسبة لواشنطن، ودفعها ذلك مرارًا إلى الضغط على بغداد لتأجيل ساعة الصفر لمعركة تلعفر حتى تكون واشنطن جاهزة ورتبت أوراقها كافة وأولوياتها هناك، الأمر الذي يفسر ربما تأخر إطلاق عمليات استعادة القضاء الاستراتيجي في شمال العراق لعدة أشهر. في ذات الإطار، رأى مراقبون وعسكريون أن انطلاق العملية كان مرهونًا بالضغوط الأمريكية القوية التي مارستها واشنطن خلال الفترة الأخيرة على حكومة بغداد لإزاحة الحشد الشعبي من المعركة، حيث سعت أمريكا كثيرًا إلى منع الحشد من الدخول إلى المدينة وفق تبريرات علنية انطوت كالعادة على الحساسيات الطائفية، لكنها في الحقيقة تهدف إلى منع الترابط الميداني بين غرب العراق وشرق سوريا، وقطع الطريق على أي تنسيق سوري عراقي، مثلما حاولت مرارًا منع أي تنسيق لبناني سوري، لتظل الأمور في القبضة الأمريكية. معبر طريبيل زيارة وزير الدفاع الأمريكي إلى العراق سبقتها زيارة مماثلة إلى الأردن، أمس الإثنين، واجتمع ماتيس، مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، في العاصمة الأردنيةعمان، وبحث الجانبان التعاون العسكري والدفاعي بين البلدين، والأوضاع الراهنة في منطقة الشرق الأوسط، والتطورات في العراق، وأكد ماتيس خلال اللقاء على دعم الإدارة الأمريكية للأردن، ورغبتها بتوفير جميع الوسائل الممكنة لزيادة هذا الدعم لمساعدة المملكة على مواجهة التحديات، كما بحث رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الأردني الفريق الركن محمود فريحات، مع وزير الدفاع الأمريكي، بحضور الأمير فيصل بن الحسين، أوجه التعاون والتنسيق في عدد من القضايا التي تخص القوات المسلحة في البلدين. تزامنت زيارة ماتيس إلى الأردنوالعراق مع تجهيز الجانبين الإجراءات العملية والتنفيذية لفتح معبر الكرامة – طريبيل الحدودي بين البلدين، حيث دعت نقابة أصحاب شركات ومكاتب تخليص ونقل البضائع، الشركات العاملة في المركز الحدودي إلى تجهيز مكاتبهم قبل تاريخ 30 أغسطس الجاري، حيث بدأ الجانب العراقي الإشراف على جاهزية الدوائر الخدمية في المعبر من ماء وكهرباء وجوازات وجمارك، كما أصبح هناك إجراءات لوجستية على الأرض وما يشبه الموعد التقريبي لفتح المعبر رسميًا في شهر سبتمبر المقبل، علاوة على افتتاح تجريبي جرى قبل أيام يمهد للافتتاح الحقيقي. استفتاء كردستان بعد تحرير مدينة الموصل برزت على الساحة السياسية مسألة انفصال إقليم كردستان العراق عن الدولة، وهي المسألة التي تلقى رفضًا قاطعًا من الحكومة العراقية وبعض القوى الدولية الأخرى وعلى رأسها تركيا وإيران، لكن في الوقت نفسه تدعمها أمريكا ضمنيًا لكنها تطالب بتأجيل موعد الاستفتاء المقرر في 25 سبتمبر المقبل، ربما لتتمكن من ترتيب الأوراق السياسية مع الحكومة العراقية والقوى الدولية الرافضة للانفصال، لكن الكرد رفضوا الدعوة الأمريكية بتأجيل الاستفتاء قبل أيام من زيارة ماتيس إلى العراق، ما دفع البعض إلى القول إن زيارة ماتيس قد تكون رسالة ضغط على الكرد للتأجيل بدلًا من إنهاء الدعم الأمريكي لهم. مبعوث الرئيس الأمريكي لدى التحالف الدولي، بريت ماكغورك، قال مؤخرا، إن الاستفتاء في هذا الوقت سيكون كارثيًا للحملة ضد داعش، وأضاف: ليست الولاياتالمتحدة وحدها، كل عضو في التحالف يعتقد أن ليس هذا الوقت المناسب لإجراء هذا الاستفتاء. إحباط التعاون الإيراني التركي اللافت للانتباه أيضًا أن زيارة ماتيس المفاجئة جاءت بعد ساعات من تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بشأن تعاون تركي إيراني ضد الأكراد في سورياوالعراق، الأمر الذي من المؤكد أنه أثار قلق أمريكا التي تخشي من توسع النفوذ الإيراني في سورياوالعراق، كما أن زيارة ماتيس تأتي قبل يوم واحد من زيارة يعتزم وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أن يقوم بها الى العراق، غدًا الأربعاء، للقاء الرئيس العراقي فؤاد معصوم، ورئيس الوزراء حيدر العبادي، ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري، ووزير الخارجية إبراهيم الجعفري، في العاصمة بغداد.