بعد أسابيع قليلة من الانتهاكات الإسرائيلية ضد المسجد الأقصى، عاد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، للحديث عن التنسيق الأمني مع العدو الصهيوني، وإن كان من باب وضع شروط لعودة ذلك التنسيق، رغم أن عباس يلمح بعودة التنسيق من جهته لا من جهة إسرائيل التي لم تطالبه بإعادة التنسيق معها لا بشروط ولا من غير شروط، الأمر الذي اعتبره البعض تمهيدًا من أبو مازن للرأي العام الفلسطيني المحتقن بسبب أزمة الأقصى للعودة السريعة للتنسيق مع الكيان المغتصب. وكشف محمود الهباش، مستشار الرئيس الفلسطيني، عن شروط السلطة الفلسطينية لعودة التنسيق الأمني مع تل أبيب، وقال إن القيادة لا تمانع في استئناف المفاوضات إذا كانت إسرائيل معنية بذلك، شريطة التزامها بإعادة الترتيبات على الأرض، وفق الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين، من خلال عدة نقاط من بينها، أن تكون المناطق المصنفة «أ» حسب اتفاقية أوسلو تحت سيادة السلطة بشكل كامل، وأن تكون مراكز السلطة لها حماية قانونية ودولية، ووقف تدخل إسرائيل في هذه المناطق، بالإضافة إلى ضمان حرية تنقل المواطن الفلسطيني دون قيود أو شروط، والالتزام بحق السلطة في السيطرة على المعابر، وفي سياق المطلب الأخير، تطالب السلطة الفلسطينية بأن يكون هناك تواجد لقواتها عند معبر "أللنبي" الحدودي بين الضفة الغربية والأردن، كما جاء في الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع إسرائيل. الجدير بالذكر أن معظم هذه الشروط لا علاقة لها بأحداث مسجد الأقصى الأخيرة التي ادعى أبو مازن أنه أوقف تنسيقه الأمني مع تل أبيب بسببها، فعباس دائمًا ما كان يطالب الكيان الصهيوني وقبل الأحداث بفرض سلطاته على المنطقة "أ" وعدم وجود مظاهر عسكرية إسرائيلية فيها، وتكريس سلطته على المعابر، وقبل أحداث الأقصى كان هناك حديث في شهر يونيو الماضي حول إمكانية عودة الشرطة الفلسطينية للتواجد على معبر "أللنبي" الإسرائيلي، ويرى البعض أن أبو مازن استغل أحداث الأقصى لتحسين ظروفه التفاوضية مع إسرائيل لتكريس سلطاته خاصة بعد التقاربات الأخيرة بين منافسه اللدود محمد دحلان، النائب السابق في فتح، وبين حركة حماس. التنسيق الأمني بين أبو مازن والعدو الإسرائيلي مازال مستمرًا حتى اللحظة، وعلى الرغم من إصرار السلطة الفلسطينية رسميًا على الاستمرار في تجميد التنسيق الأمني مع إسرائيل، قامت قوى الأمن التابعة لها في وقت سابق من هذا الأسبوع باعتقال اثنين من أقارب منفذ هجوم حاول طعن جنود إسرائيليين قبل إطلاق النار عليه وقتله. فوفقًا لمصادر فلسطينية تم القبض على عم وابن عم عبد الله طقاطقة بالقرب من مدينة بيت لحم في أعقاب الهجوم الذي وقع في 28 يوليو عند مفرق غوش عتصيون. واعتقلت قوى الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية مؤخرًا أيضًا عددا من نشطاء حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، وذكر صحفيون فلسطينيون، أمس، أن أجهزة الأمن الفلسطينية في الضفة الغربية اعتقلت 4 صحفيين فلسطينيين، وزعم مسؤول أمني فلسطيني اعتقالهم بتهمة "تسريب معلومات حساسة إلى جهات معادية"، والجهات المعادية بحسب ما تم نقله هي ليست إسرائيل، ويبدو أنها جهات محسوبة على قطاع غزة، حيث تناقل صحفيون فلسطينيون عبر رسائل خاصة ومجموعات إلكترونية اعتقال مراسل قناة القدس الفضائية ممدوح حمامرة، وعامر أبو عرفة، الذي يعمل في قناة محلية في الخليل، وطارق أبو زيد، مراسل قناة الأقصى التابعة لحركة حماس في جنين، والمراسل الحر قتيبة قاسم، من بيت لحم. وعقب قرار أبو مازن تجميد التنسيق الأمني مباشرةً، نقلت المواقع العبرية عن الجنرال يوآف مردخاي، منسق أعمال حكومة الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة، قوله: "الاتصالات لن تقطع، لقد حصلنا علي تطمينات من قبل السلطة الفلسطينية والاتصالات مستمرة والتنسيق الأمني والمدني مستمر مع السلطة الفلسطينية"، وفي نفس اليوم، أكد موقع تايمز أوف إسرائيل العبري أن السلطة الفلسطينية مستمرة في تنفيذ اعتقالات في صفوف عناصر "حماس" في الضفة الغربية. وأكد رئيس جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني في الضفة الغربية، زياد هب الريح، استمرار اعتقالات نشطاء "حماس"، لكنه أضاف أنه باستثناء "الشؤون الحيوية"، لم يتم بعد استئناف التنسيق مع إسرائيل، وقال هب الريح في الأسبوع الماضي أنه تم اعتقال عدد من نشطاء "حماس" في قلقيلية وطولكرم ورام الله وفي جامعة "بوليتكنيك" في الخليل. ويبدو أن حالة الشك في أقوال أبو مازن بتجميد التنسيق انعكست في خطاب قيادات حماس، وقال القيادي في حركة حماس محمود الزهار، إن خطاب محمود عباس خطاب اللحظات الأخيرة، فهو يحاول من خلاله ركوب الموجة، وهو يحاول أيضًا أن يلحق بعربة القدس بعد أن انطلقت وليس فيها له مقعد، وأضاف الزهار: "لا نصدق حديث أبو مازن حول تجميد الاتصالات مع الاحتلال، هذا كلام لا يملكه؛ لأن الاجهزة الأمنية منفتحة ليل نهار بالاتصالات مع الاحتلال، وهذه أمور سرية لا يراها أحد".