تواصل الحكومة المصرية كل أسبوع عملية طرح أذون وسندات خزانة؛ من أجل سد عجز الموازنة العامة للدولة، حيث طرح البنك المركزي المصري، أمس نيابة عن وزارة المالية، أذون خزانة بقيمة إجمالية تقدر ب13.5 مليار جنيه، وتبلغ قيمة الطرح الأول لأذون خزانة لأجل 91 يومًا 6.5 مليار جنيه، وأذونًا بقيمة 7 مليارات جنيه لأجل 266 يومًا. بعض الاقتصاديين يسمون الاستثمارات في سندات وأذون الخزانة الحكومية أموالاً ساخنة؛ بسبب قدرتها على الانسحاب بشكل مفاجئ عند حدوث أي خطر، وهو ما يمكن معه أن تتفاقم أزمة جديدة في سوق الصرف وسعر الدولار، ومنذ تحرير سعر الصرف عكفت كثير من صناديق الاستثمار الأجنبية على دخول الاستثمار في أذون الخزانة والسندات الحكومية. وأكد وزير المالية الدكتور عمرو الجارحي، في تصريح له يوم 31 مايو 2017، على أن استثمارات الأجانب في أذون الخزانة المصرية بلغت 136 مليار جنيه، بما يعادل 7.5 مليار دولار، منذ تحرير البنك المركزي سعر صرف الجنيه أمام الدولار في 3 نوفمبر 2016. وعلى المستوى الخارجي تنوي الحكومة طرح ما بين 4 و5 مليارات دولار سندات دولارية خلال العام المالي 2017/2018، بعد نجاح الحكومة في الحصول على 7 مليارات دولار العام المالي 2016/2017 من السندات الدولارية. وقال أحمد خزيم، الخبير الاقتصادي، إن الأموال الساخنة لا تصنع تنمية، ولا تبني اقتصادًا، فهي عبارة عن أموال صناديق استثمار ومنها صناديق سيادية، أي تملكها دول، مثل صندوق الإمارات العربية والسعودية، تدخل البلدان الفقيرة التي تعاني من أزمات في اقتصادياتها للاستثمار وخاصة الاستثمار الورقي منعدم المخاطر، وسرعان ما تهرب بأموالها إلي الخارج بعد تحقيق أرباح طائلة. ولفت «خزيم» إلى أن هذا الاستثمار في شراء أذون الخزانة يحقق ربحًا سريعًا، حيث إن مصر طرحت فائدة مرتفعة بالمقارنة بالفائدة التي دفعتها تلك الصناديق في سندات نيچيريا، التي تعد في وضع اقتصادي أسوأ من حال مصر، موضحًا أن هذه الصناديق الأجنبية انتظرت تعويم الجنيه، ودخلت البورصة لشراء أسهم منخفضة القيمة تبعًا لتعويم الجنيه، وباعتها بعد تحقيق أرباح طائلة، وخرجت من مصر، وهذا ما حدث في شراء السندات الحكومية. وأكد أن هذه الأموال الساخنة لا تفيد الاقتصاد في شيء، بل تدخل وتحقق أرباحًا ثم تهرب، بخلاف أموال الاستثمار المباشر، والتي تدخل لتبني المصانع والمشروعات، وتخلق عملاً، وتساهم في التنمية الاقتصادية الإيجابية، وتعد شريكًا أساسيًّا في تنمية أي اقتصاد. وقال الدكتور عادل عامر، الخبير الاقتصادي، إن الأموال الساخنة لن تتحول في يوم ما لأموال مستقرة تفيد الاقتصاد القومي، والتجارب أثبتت ذلك، منها تجربة مصر قبل 2011، فمع الارتفاع في طرح أذون وسندات الخزانة التي تطرحها وزارة المالية لتمويل عجز الموازنة، استحوذ الأجانب على 90% من عمليات الاكتتاب، وفشلت البنوك المحلية في منافستها، واستطاعت هذه الأموال جني أرباح طارئة في فترات قصيرة، خاصة بعد الهزات السياسية المتلاحقة بعد 25 يناير 2011، وانسحبت من البلاد هذه الأموال الساخنة للمستثمرين الأجانب والتي قدرت قيمتها في الفترة من يناير 2011 حتى إبريل 2011 بنحو 16 مليار دولار، وترتب على ذلك تراجع الاحتياطي الأجنبي لدى البنك المركزي من 36 مليارًا إلى نحو 20 مليار دولار. وأكد «عامر» أن هذه الأموال تدخل أيضًا في شراء الشركات الحكومية التي تخضع لبرامج الخصخصة، حيث يضمن أصحابها تحقيق أرباح خيالية مما تمتلكه هذه الشركات من أصول تتمثل في أراضٍ أو عقارات عكس ما يظهرونه من أحاديث حول الإصلاح وإعادة الهيكلة، مطالبًا بالحد من التوسع في عملية الحصول على الأموال الساخنة، عن طريق جذب استثمارات أجنبية مباشرة، يتم من خلالها إقامة مشروعات صناعية وزراعية وسياحية وخدمية وزيادة الإنتاج، مما سيؤدي إلى تزايد السيولة الدولارية داخل السوق وتدعيم العملة المحلية، مشددًا على أن هذا الأمر في حاجة لاستقرار سياسي وأمني حقيقي، وكذا بحاجة لاستقرار في التشريعات والقوانين المنظمة للاستثمار، وخفض معدلات الفساد والبيروقراطية.