مصطلح الأموال الساخنة «Hot Money»، يعرفه الاقتصاديون بأنه يتضمن الأموال الفائضة عن حاجة المستثمرين فى أسواق خارجية، تمكنهم من المضاربة فى بورصات الدول النامية «الاقتصادات الناشئة»، بهدف جنى أرباح سريعة ثم تخرج من السوق بمجرد حدوث أى هزة اقتصادية، بعدما تكون قد قامت بتسييل ممتلكاتها. اختلط الأمر على خبراء الاقتصاد والمستثمرين فى تفسير تراجع سعر الدولار أمام الجنيه خلال الأيام القليلة الماضية، خاصة أن الانخفاض جاء عكس المؤشرات الاقتصادية التى تؤكد تراجع صادرات مصر بواقع مليار جنيه العام الماضى، فضلًا عن أنه رغم استمرار التراجع فى الدولار إلا أن سعر السلع لم يتراجع حتى الآن. ورغم التضارب فى التفسيرات، وتوقع بعض الخبراء تسجيل سعر الدولار 12 جنيهًا منتصف العام الجارى، إلا أن البعض الآخر حذر من أن يكون التراجع الحالى مجرد «خدعة» تستمر طوال شهرًا، وهو مدة إجازة الصين السنوية، على أن يرتفع السعر مجددًا مع زيادة الطلب على الدولار ليصل إلى 20 جنيهًا. هذا الانهيار المفاجئ للدولار ينبئ اقتصاديًا عن توافر سيولة دولارية كبيرة دخلت السوق المصرى خلال الأيام الماضية، بعيدًا عن مصادرها الرسمية، ، وهذا الارتباك دفع العديد من الخبراء إلى التأكيد على أن تراجع الدولار جاء بسبب الأموال الساخنة، متهمين البنك المركزى بالتلاعب فى طرح أذون الخزانة والسندات من أجل تحريك الجنيه وهميًا أمام الدولار. فيما كشف مسئول حكومى رفيع المستوى فى تصريحات خاصة ل«الصباح»، أن طارق عامر محافظ البنك المركزى قام خلال الفترة الأخيرة بعمل مزادات لطرح أذون خزانة وسندات، استهدفت فى المقام الأول صناديق الاستثمار الأجنبية، حيث دخل البنك فى الأسبوع الماضى فقط نحو 700 مليون دولار، تم إضافتهم إلى الاحتياطى النقدى، ليس مقابل إنتاج وتصدير أو استثمار أو سياحة، وإنما أموال ساخنة بفائدة تصل إلى 20فى المائة مستغلة حالة الكساد الاقتصادى فى العالم، ووجود أزمة فى مصر، وستخرج بعد فترة قصيرة بأرباحها. خبراء الاقتصاد والمصرفيين، أرجعوا السبب الرئيسى للهبوط المفاجئ للدولار أمام الجنيه المصرى، إلى «الأموال الساخنة»، خاصة أنها ساهمت فى زيادة المعروض الدولارى، وسط انخفاض فى الطلب بسبب الإجراءات الأخيرة التى اتخذتها الحكومة للحد من الاستيراد. هانى توفيق، الخبير الاقتصادى والرئيس السابق لجمعية الاستثمار، أكد أن التمويل الأجنبى الناتج عن الأموال الساخنة التى تدخل البنك المركزى فى صور استثمار فى أذون الخزانة من أجل تحقيق أرباح مرتفعة، إجراء لا يحدث فى أى دولة بالعالم، مشيرًا إلى أن هذا التمويل مطلوب لسد فجوة تمويلية قصيرة الأجل، لكن استخدام هذه الأموال واستسهال الحصول عليها، بل واستخدامها لفرد عضلات المركزى وتخفيض سعر الدولار، فهو أمر فى منتهى الخطورة لأن تلك الأموال ستخرج من خزائن البنك فى أى وقت، وبأرباح كبيرة. وتابع «توفيق» قائلًا: «أكاد أرى غلطة فاروق العقدة تتكرر حرفيًا، عندما ثبت سعر الدولار لأصحاب الأموال الساخنة، وأخرج من البلد 20 مليار دولار أموال ساخنة أيضًا، خلال عدة أيام بعد ثورة يناير». وأرجع أسامة حفيلة رئيس جمعية مستثمرى دمياط، تراجع الدولار إلى عدم وضوح سياسة الرئيس الأمريكى ترامب، خاصة بعد وقوعه فى أزمة مع المكسيك ومهاجمته الشديد للصين وإيران، مضيفًا: «نزول الدولار بهذه السرعة غير طبيعى أو مفهوم، خاصة أن هناك مؤشرات اقتصادية تؤكد استمرار صعوده أمام الجنيه».