أثار توقيع وزارة القوى العاملة على اتفاقية العمل الجماعية مع ممثلي منظمات أصحاب الأعمال والعمال بشأن قواعد صرف علاوة اجتماعية من أول يوليو الجاري لنحو 18 مليون عامل بالقطاع الخاص، حالة من الجدل والتساؤلات سادت بين القيادات العمالية، حيث تقضي الاتفاقية التي وقعها محمد سعفان، وزير القوى العاملة، في حضور المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، بحصول العاملين في القطاع الخاص على علاوة قدرها 10% بحد أدنى 165 جنيهًا وأقصى 330 جنيهًا. وأوضح سعفان أن العلاوة تعد مبادرة صادرة من منظمات أصحاب الأعمال وائتلاف دعم مصر، تأكيدًا منهم على دور منظمات أصحاب الأعمال في تنفيذ توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، في الوقوف مع محدودي الدخل وخاصة العمال، الذين يحتاجون الكثير من الرعاية، متابعًا: «هذه بداية من أصحاب الأعمال الوطنيين يقدمون الدعم لعمالهم كي يضمنوا استقرار المناخ الإنتاجي»، وأثارت الاتفاقية تساؤلات من سيطرة ائتلاف دعم مصر على هذه المبادرة، فضلًا عن عدم واقعية تطبيق هذه الاتفاقية وإلزام أصحاب الشركات بصرفها. قال محمد عبد القادر، رئيس النقابة المستقلة للعمالة غير المنتظمة: تلك الاتفاقية التي وقعتها وزارة القوى العاملة مع ممثلي منظمات أصحاب الأعمال بشأن قواعد صرف العلاوة الاجتماعية ل18 مليون عامل، مجرد حبر على ورق وشو إعلامي للترويج السياسي لائتلاف دعم مصر برئاسة رجل الأعمال المهندس محمد السويدي، رئيس اتحاد الصناعات المصرية في الوقت ذاته، الذي يرعى تلك المبادرة والعلاوة للقطاع الخاص، بعدما الفشل في مجلس النواب في إصدار تشريعات منصفة لحقوق العمال. وأضاف في تصريحات خاصة ل«البديل» أن الاتفاقية تفتقر لأي ضوابط حاكمة ملزمة لرجال الأعمال وأصحاب الشركات لصرف العلاوة للعاملين، ومن ثم هي مجرد توظيف سياسي وعودة لنفس السياسات القديمة التي كان ينتهجها أحمد عز وشركاه، لكن بوجوه وأسماء جديدة يتولاها محمد السويدي وأحمد الوكيل، رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية. وتابع عبد القادر أن حتى نسبة العلاوة ال10% التي وافقت عليها وزارة القوى العاملة ظالمة، حيث تفتقر للمساواة بين القطاع العام والخاص، مؤكدًا أن أزمة العاملين بالقطاع الخاص هي الأجور وليس العلاوة الآن، ولو كان هناك مجلس نواب حقيقي ولجنة قوى عاملة تمثل صوت العمال وأوجاعهم لطالبت المجلس القومي للأجور بتحديد أجر عادل للعمال يتناسب مع القرارات الاقتصادية الأخيرة، التي لم يدفع ثمنها سوى العمال والفقراء. وأشار إلى أن إقرار العلاوة سيكون فاعلًا إذا كان قد صدر بقرار وزاري، وليس مجرد توقيع اتفاقية غير ملزمة، حيث يستغل أصحاب الشركات هذه الثغرة تحت حجج كثيرة؛ منها أنها صرفت مكافآت للعمال في مولد النبوي أو العيد الفطر أو رمضان وغيره. وكان محمد سعفان وزير القوى العاملة، قد قال في تصريحات صحفية: إن علاوة ال10% سيتم تطبيقها اعتبارًا من يوليو 2017، كما سيتم توزيع الاتفاقية على مديريات القوى العاملة بكل المحافظات وعلى مكاتب العمل لمتابعة تطبيق العلاوة من خلال مفتشي العمل بالشركات المختلفة، بينما يرى عبد القادر صعوبة تنفيذ الوزارة عبر مكاتبها بالمحافظات للاتفاقية، قائلًا: الوزارة التي عجزت في الدفاع عن حقوق العمال وتنفيذ قانون العمل الحالي 12 لسنة 2003، لن تستطيع مكاتبها في المحافظات إلزام أصحاب الشركات بصرف العلاوة. من جانبه يقول شعبان خليفة، رئيس نقابة العاملين بالقطاع الخاص: الاتفاقية التي تروج لها الحكومة على أنها انتصار عظيم للعاملين بالقطاع الخاص ما هي إلَّا مهزلة كبرى تعكس ضعف الحكومة وانبطاحها لرجال الأعمال الذين يتلاعبون بها. وأوضح في تصريحات خاصة ل«البديل» أن الحكومة التي تهلل للاتفاقية وإقرار علاوة ال10% وافقت على ثلاثة بنود في المنشور الصادر من وزارة القوى العاملة، والذي من المقرر توزيعه صباح الاثنين المقبل 24 يوليو على مديريات ومكاتب العمل بالمحافظات، فرلغت العلاوة من مضمونها وحولتها إلى ورقة بلا معنى، حيث نص البند الأول على خصم ما تم صرفه من علاوات بأنواعها المختلفة منذ يناير 2017 ما عدا العلاوة الدورية، والبند الثاني مراعاة القواعد والنظم الحاكمة لكل شركة أو منشأة، والبند الثالث مراعاة الظروف المالية والاقتصادية لكل شركة أو منشأة. وأشار أن تلك البنود فرغت العلاوة من مضمونها وفتحت الأبواب الخلفية لرجال الأعمال وأصحاب الشركات من التهرب من صرف العلاوة للعاملين بشكل قانوني ورسمي وممهور بختم النسر الحكومي، حيث سيتحجج أصحاب الشركات بالخسارة التي تعانيها الشركات مثلًا حتى لا تصرف العلاوة، مستغلة القرارات الاقتصادية الأخيرة وتحرير سعر الصرف، مضيفًا أن أحمد الوكيل، رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، أحد إطراف المبادرة بعد توقيع الاتفاقية مع وزارة القوى العاملة أعلن صراحة في مؤتمر صحفي أنها غير ملزمة لرجال الأعمال، مما يعد صفعة ثانية على وجه الحكومة وتلاعب بأوجاع العمال وظروفهم الصعبة. وأكد رئيس النقابة المستقلة للعاملين بالقطاع الخاص أن العلاوة ليست منحة أو هبة من أعضاء ائتلاف دعم مصر المعروف أن أغلب أعضائه من رجال الأعمال، ومن ثم لا يمكن انتظار تطبيق العلاوة منهم لصالح العمال، بل تعتبر الاتفاقية والمبادرة مجرد دعاية سياسية على جسد فقراء العمال لخدمة ائتلاف دعم مصر، الظهير السياسي للنظام الحالي. اختتم خليفة قائلًا عن العاملين بالقطاع الخاص، الذين تتجاوز أعدادهم ال18 مليون عامل: إن مطالبهم واضحة، فهم لا يريدون اتفاقيات وقرارات نظرية غير ملزمة، بل يريدون إصدار قرارًا بقانون بالعلاوة أسوة بقرار رئاسة الوزراء بقانون رقم 16 لسنة 2017 لصالح العلاوة لغير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية.