تذرعت الدول الأربع التي قطعت العلاقات مع قطر بأنها تدعم جماعات إرهابية، مثل الإخوان وحماس، لكن يعتقد المحققون الأمريكان أن الأزمة تعود إلى زمن طويل وليست حديثة. تشتكي السعودية المتهمة أيضا، بدعم جماعات إرهابية، والإمارات ودول أخرى من قناة الجزيرة القطرية، والعلاقات القطرية مع إيران، التي تعد الغريم التقليدي للسعودية، لكن الأزمة بالنسبة للبعض حكاية بسيطة لوقف أحد مصادر تمويل الإرهاب، وتعتبر عند آخرين أحدث الجهود لكبح جماح البلد الصغير من الذهاب والسير في طريقه الخاص. قبل أن تصبح قطر دولة مصدرة للغاز، اعتادت أن تكون تابعة لغيرها، حيث سيطر عليها الأتراك في القرن التاسع عشر، وفي فترة كبيرة من القرن العشرين، سيطر الاحتلال البريطاني عليها حتى نالت استقلالها عام 1971، ومع اكتشاف النفط والغاز، أصبحت الدولة الصغيرة تتحكم في ثالث أكبر احتياطي غاز في العالم، ما جعلها واحدة من أغنى الدول على سطح الكرة الأرضية. قادة قطر وجميعهم من عائلة آل ثاني، وآخرهم تميم بن حمد الثاني، الأمير الحالي للدولة، ضد السيطرة السعودية عليهم، ومن أبرز علامات الاعتراض والخروج عن السيطرة السعودية، أنه في عام 1996، أطلقت قطر قناة الجزيرة الفضائية لتقدم علامة جديدة في عالم التغطية الإخبارية في المنطقة، وأزعجت القناة القادة العرب بتقاريرها التي تبرز الخلافات العربية في المنطقة ولم يكشف عنها سابقا، كما صدمت بعض المشاهدين لاستضافتها مسؤولين إسرائيليين أثناء تغطية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. واستفزت قطر السعوديين مرة أخرى لأنها أقامت علاقات مع إيران، التي تتقاسم معها موارد الغاز الطبيعي الضخمة، وانزعج الخليج العربي من قطر في عام 2011، حين دعمت انتفاضات الربيع العربي خاصة في مصر وليبيا وسوريا، حيث دعمت جماعة الإخوان في مصر، التي وصل أحد أعضائها، محمد مرسي، إلى منصب الرئيس، في حين أن السعودية دعمت الجيش للإطاحة به. 2014 بداية الصراع رفضت الأسرة الحاكمة السعودية انتفاضات الربيع العربي ورأت أنها تزعزع الاستقرار في المنطقة وتهدد حكامها، لكن في سوريا وليبيا، دعم السعوديون والقطريون الجماعات المسلحة المختلفة، إلا أنه في عام 2014 علقت السعودية ودول الخليج علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وهددتها بالأسوأ. وبعد زيارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الرياض في مايو الماضي، طالب السعوديون القطريين بتنازلات أكثر، مثل إغلاق قناة الجزيرة، وطرد قادة حماس، في مقابل عودة العلاقات. وفي السياق، قال رئيس مركز الدراسات الدولية والإقليمية في جامعة جورجتاون، مهران كامرافا: ما يحدث الآن أكثر دراماتيكية عما كان عليه الخلاف الدبلوماسي في عام 2014؛ حيث أغلق السعوديون الحدود البرية مع قطر، التي كانت مصدر 40% من وارداتها، وأوقفت دول الخليج الشحنات الجوية والبحرية إلى قطر. وفي أعقاب زيارة ترامب والتعليقات التي وجهت إلى قطر دون انتقاد سلوك السعودية في المنطقة، تشكلت فكرة أن دول الخليج لديهم القدرة لإجبار الدوحة على أن تكون أكثر تعاونا، وقال رياض قهوجي، في معهد الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري، إن "المنطقة الرمادية" التي تعمل فيها قطر، حيث الولاء لجيرانها في مجلس التعاون الخليجي مع الاستمرار في دعم المسلحين والتعاون مع إيران، تختفي، كما أن الوقت حان لكي تختار قطر، مضيفا إذا كانت قطر حليفا حقيقيا، وعضوا في مجلس التعاون الخليجي، لا يمكنها دعم الجماعات المتطرفة، ولا يمكن أن تكون في نفس الخندق مع إيران. تحالف جديد الأزمة أجبرت قطر على طلب المساعدة، بما فيها من إيران، كما أعلنت روسيا دعمها، وأرسلت تركيا المواد الغذائية، وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن محاصرة قطر خطأ جسيم جدا، ورفض الحصار على أساس أنه غير إنساني وضد القيم الإسلامية. ويتساءل كثيرون عما إذا كان كل الضغط على قطر قد يكون له أثر عكسي، يدفع البلاد إلى تحالف مع روسياوتركياوإيران، على غير رغبة الولاياتالمتحدة، لكن مدير مركز الدراسات الاقتصادية والسياسة الخارجية في اسطنبول، سنان أولجين، قال إنه لا يرى تحالفا بين قطروروسياوإيرانوتركيا، على الأقل، حتى الآن. وأضاف: هناك بالتأكيد خطر بعد وقوف تركيا بقوة مع قطر، ما من شأنه يؤدي إلى زيادة التوتر مع السعودية والإمارات ومصر، لكن في نهاية المطاف، لا تملك قطر القدرة على تحمل الضغوط المستمرة من جيرانها في الخليج، خاصة إذا كانت هذه الاستراتيجية مدعومة بالفعل من قبل الولاياتالمتحدة. حتى الآن، ترسل واشنطن رسائل مختلطة حول النزاع، حيث يدعو وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، إلى الهدوء والحوار، أما الرئيس ترامب يشجع على حصار قطر، وفي الوقت ذاته، تحتفظ وزارة الدفاع بقاعدة تشغيل مركزية إقليمية للقيادة المركزية الأمريكية في قطر، ووقعت للتو صفقة بقيمة 12 مليار دولار لبيع طائرات مقاتلة من طراز "إف 15" إلى الدوحة. وقال محلل شؤون الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية، ستيفن كوك، إن الجهود المبذولة لحل النزاع تبدو وكأنها لا تزال في المراحل المبكرة، وسط الكثير من الأسئلة التي لا يجيب أحد عليها، ما مدى استدامة جهود الإغاثة التركية، وإلى أي مدى ستكون قطر على استعداد لإرضاء السعوديين، وهل يستطيعون حقا طرد أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين وحماس، وهل سيكون ذلك كافيا؟ المقال الأصلى: اضغط هنا