من جديد، يهدد المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة عيدروس الزبيدي، بتولي إدارة محافظاتالجنوب اليمنية، إذا فشلت ما تسمى بالحكومة الشرعية برئاسة عبد ربه منصور هادي، في الوفاء بالتزاماتها. المجلس الانتقالي الجنوبي بهذا التهديد لم يعد يكتفي بمطالبة حكومة أحمد بن دغر، رئيس حكومة هادي، بالاعتراف به كقوة فاعلة على الأرض، بل بات يوجه إليها تحذيرات من أنه لن يصمت إزاء ما يدعوه فشل الحكومة اليمنية في وقف العبث بحياة المواطنين وحرمانهم من الخدمات الأساسية، وهددها بأنه سيتدخل لإدارة المحافظاتالجنوبية وتأمينها بإرادة جنوبية مدعومة بالتحالف العربي، على حد تعبيره. تصعيد عيدروس والبريك في الجنوب عيدروس الزبيدي، وهاني بن بريك، اللذان يقودان التصعيد في الجنوب ضد حكومة هادي المهلهلة، هما حليفان وثيقان لأبو ظبي، وكان الرئيس اليمني المستقيل عبد ربه منصور، قد أقالهما من منصبهما قبل أشهر فرفضا قراراته، ومن هنا اشتعلت المعركة. وعاد كل من الزبيدي والبريك خلال الأسبوع الماضي على متن طائرة إماراتية إلى عدن ليستكملا المهمة، وهي بحسب بيانات الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي ومحافظ عدن السابق، استعادة الدولة وإنهاء الوحدة اليمنية التي انطلقت عام 1990، وسخر عيدروس مما دعاها "حكومة المعاشيق" في إشارة إلى حكومة بن دغر، الموجودة داخل قصر "المعاشيق" الرئاسي بعدن، قائلًا إن مجلسه الانتقالي الجنوبي يسيطر على الأرض، وأعطى مهملة للحكومة لتنفيذ مطالبه، وإلا فإنه سيتولى إدارة الجنوب. ويتحدث الزبيدي من عدن باسم شعب الجنوب رغم أن الجنوب منطقة واسعة الجغرافيا والتحديات، بتعدده المناطقي والجغرافي والقبلي، وبصراعاته التاريخية، الأمر الذي ترك صورة سوداوية بالنسبة لمن اعتقدوا عقب انطلاق عدوان عاصفة الحزم بقيادة السعودية قبل أكثر من عامين، أن الدولة اليمنية يمكن أن تعود قوية كما كانت، وصدقوا مزاعم الرياض عن يمن موحد، بعد أن أرجعت كل من الرياض وأبو ظبي تدخلهما في اليمن إلى أن هناك نفوذًا إيرانيًا يسعى للسيطرة على اليمن وتقسيمه، ومن الواضح أنهما اتخذتا الفزاعة الإيرانية لتقسيم اليمن خدمةً لمصالحهما، فالسعودية تسعى لتحقيق مشروع قديم في حضرموت وشبوة لتمرير أنبوب نفط إلى بحر العرب دون المرور بمضيق هرمز، أما هدف الإمارات من احتلال سوقطرة فهو تحويلها إلى منتجع سياحي من منتجعاتها، كما تعتزم الإمارات بناء قواعد بحرية وجوية بها للتحكم في الطرق البحرية من خليج عدن إلى المحيط الهندي والبحر الأحمر. تحركات أبو ظبي تكثفت في الأيام الأخيرة بما يخدم أجندتها السياسية والمعادية بطبيعة الحال للإخوان المسلمين، حيث يعود الزبيدي المُقال من قبل هادي، مدججًا بأوراق أبو ظبي العسكرية والأمنية والإعلامية في عدنوالجنوب، وبغطاء من تحالف السعودية والإمارات ليعلن الانفصال وحظر الإخوان المسلمين، وهو طلب إماراتي طلبه ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان، من هادي، ورفضه عدة مرات، فأحاله لأعوانه الزبيدي وبن بريك لتنفيذه بقوة السلاح والرجال. وبذلك انقلب شركاء حزب الإصلاح الإخواني في جنوب اليمن على تحالفاتهم القديمة، فإلى جانب القاعدة وداعش وحتى أنصار الله، أصبح حزب الإصلاح محظورًا في جنوب اليمن، خطوة مهد لها من قبل حلفاء الإمارات باتهام علي محسن الأحمر، نائب الرئيس هادي، بدعم الإرهاب، وهو الاتهام الذي رد عليه مصدر مسؤول في حكومة هادي، وتنصل منه بن دغر. وتتوالى الضربات على حزب الإصلاح الذي يبدو في ورطة حقيقية وهو يتلقى الضربة تلو الأخرى، ويعجز عن اتخاذ موقف رسمي مما يجري ولاسيما بعد إنكار رئيسه محمد اليدومي، انتماءه الإخواني سابقًا، فضلًا عن إدراج الولاياتالمتحدةالأمريكية منذ بدء الحرب على اليمن قادةً بارزين فيه ضمن لائحة الإرهاب. ويرى محللون أن الهدف من الخطوة الإماراتية تجاه الإخوان هي تحجيم الإصلاح والإخوان في اليمن، وبرمجتهم وفق متطلبات المرحلة المقبلة لا أكثر، لافتين إلى أن الأمر لم يمتد إلى الحظر الكلي، بما يخدم قوى اليسار والقومية. ويبدو أن إحراق ورقة إخوان اليمن قد بدأ بخطوة ولن يقف عندها بحسب المؤشرات، في وقت يقول سياسيون إن الإصلاح يدفع ثمن انقلابه على كونه حزبًا سياسيًا، وتأييده واصطفافه إلى جانب العدوان الخارجي على بلاده. وبذلك يكون التحالف العربي قد حطم اليمن بسياسته العدوانية والخاطئة، حيث انتشرت الميليشيات فيه وأصبح اليمن أكثر من يمن وهوية ورئيس، فهادي في الرياض، والصماد في صنعاء، وعيدروس في عدن، كما أن الخطوات التصعيدية في الجنوب اليمني قد لا تقف عند حد التقسيم، فحكومة هادي تنظر إلى التحركات الجنوبية على أنها انقلاب ضدها، وبالتالي قد يكون التدخل العسكري مع الجنوب أمرًا مطروحًا على طاولة هادي، وقد يكون ما يؤجل هذا الخيار هو أن هادي منخرط بالفعل في حرب مع حركة أنصار الله، والرئيس اليمني السابق علي صالح، الأمر الذي قد يفتح عليه جميع الجبهات ومن كل الجهات في حال قرر مهاجمة الجنوب لإيقاف المشروع الإماراتي الذي يهدف بالأساس لتحجيم صلاحيات هادي أو حتى الإطاحة به، فهادي سعى لقصقصة الأجنحة الإماراتية في حكومته بعد استبعادة لخالد البحاح والبريك والزبيدي منها.