في الوقت الذي تستعر فيه الأزمة الخليجية بعد إبداء قطر تعنتها وتحديها لمطالب الدول المقاطعة ال13، وإغلاق الأخيرة أي طريق للتفاوض أو التنازل عن بعض هذه الشروط، يبدو أن آفاق الحل باتت ضيقة ومؤشرات تصعيد الأزمة أصبحت تتزايد، وفي الوقت نفسه صارت الكويت قبلة دبلوماسية للعديد من المسؤولين الغربيين الذين حطوا رحالهم هناك لحل الأزمة الخليجية خلال الأسبوع الجاري، على اعتبار أن الكويت هي همزة الوصل بين الدول المتنازعة. تيلرسون إلى الكويت حطت طائرة وزير الخارجية الأمريكي ريكس تليرسون، في الكويت، أمس الإثنين، قادمة من اسطنبول في أول جولة مكوكية له في المنطقة الخليجية من المقرر أن تستمر لأربعة أيام، سيزور فيها الرياضوالدوحة علّه يفلح في تسوية الأزمة المحيطة بقطر، وبالتزامن مع وصول تيلرسون، كان مستشار الأمن القومي البريطاني مارك سيدويل، أيضًا قد وصل إلى الدولة الوسيطة ذاتها، ليجتمع الطرفان مع وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد، ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الكويتي الشيخ محمد العبد الله. عقب الاجتماع خرج الأطراف الثلاثة ببيان أعربوا فيه عن عميق القلق لدى الدول الثلاث جراء استمرار الأزمة بين قطر من جهة والسعودية والإمارات والبحرين ومصر من جهة ثانية، مناشدين جميع الأطراف العمل على سرعة احتوائها وحلها عبر الحوار، وجدد الطرفان الأمريكي والبريطاني دعمهما الكامل للوساطة الكويتية ومساعي الكويت وجهودها لحل الأزمة. من جانبها قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن واشنطن تراهن خلال زيارة تيلرسون، إلى الرياضوالدوحة على العلاقات الطيبة التي أرساها وزير الخارجية الأمريكي في الخليج إبان شغله منصب الرئيس التنفيذي لشركة "إكسون موبيل" النفطية، وأشارت إلى أنه سوف يستعرض سبل كسر الجمود الحاصل بعد رد قطر النهائي على قائمة الشروط العربية ال13″. يبدو أن أمريكا لا تريد تصعيد الأزمة السياسية بين الدول الخليجية أكثر من ذلك، وفي الوقت نفسه فهي ليست جادة في مساعيها إنهاء النزاع، فهي تتأرجح بين الشد والجذب، وتحاول أن تقف على مسافة واحدة من الدول المتنازعة وإن كانت تقدم الدعم الضمني والسري للطرف السعودي أكثر، على اعتبار أن تصعيد الأزمة إلى حرب إقليمية سيمس حتمًا بالمصالح الأمريكية هناك، فواشنطن تعتبر الدول الخليجية وخاصة السعودية والإمارات خزينة مفتوحة بالنسبة لها، وهو ما اتضح خلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السعودية في مايو الماضي، كما أنها سلاح أمريكا في مواجهة تعاظم النفوذ الإيراني في المنطقة، وفي الوقت نفسه فإن ميل واشنطن بكل قوتها إلى الجانب السعودي الإماراتي يمكن أن يهدد علاقاتها العسكرية مع الدوحة، لاسيما أن قطر تستضيف على أراضيها في العِديد أكبر قاعدة جوية أمريكية في الشرق الأوسط، تستخدمها واشنطن في تنفيذ ضربات التحالف الذي تقوده ضد تنظيم "داعش" الإرهابي في سوريا والعراق. بريطانيا وألمانيا زيارة تيلرسون، وسيدويل، تعتبر حلقة في سلسلة زيارات دبلوماسية قام بها مسؤولون غربيون إلى الكويت خلال الأسبوع الجاري، حيث شهدت الكويت زيارة قام بها وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، الأحد الماضي، ضمن جولة بدأها من السعودية وأنهاها في قطر، وزار خلالها الكويت، ليحث أطراف الأزمة على احتواء الاحتقان الحالي والاستعجال بإيجاد حل عبر الحوار. وفي ذات الإطار فقد وصل وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل، ونائب أمين عام الأممالمتحدة جيفري فيلتمان، إلى الكويت أيضًا في وقت سابق، حيث بدأ وزير الخارجية الألماني جولة خليجية، الإثنين الماضي بالسعودية وانتقل منها إلى الإمارات ثم قطر ليختتمها بالكويت، فيما وصل فيلتمان، إلى الإمارات ثم الكويت لينهي جولته بزيارة قطر. قطر تتحرك سرًا تزامنًا مع هذا التحرك الدبلوماسي الغربي الكبير، كانت هناك تحركات قطرية أيضًا إلى الكويت، البعض قال إنها بأوامر أمريكية والبعض الآخر رأى فيها محاولة لإرساء الشروط القطرية، وأكدت تقارير إخبارية أن مبعوثا خاصا لأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، وصل إلى الكويت في زيارة سرية الأحد الماضي للقاء الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح. تركيا على الخط يبدو أن تركيا التي أقحمت نفسها في الخلاف الخليجي من خلال دعمها العلني وغير المسبوق لحليفتها القطرية، لن تقف متفرجه أمام هذه التفاهمات الدبلوماسية المشتعلة في الكويت، فقد أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن عزمه القيام بجولة خليجية في منتصف يوليو الجاري، بهدف بحث سبل إنهاء المقاطعة لقطر، وقال أردوغان: سيكون لدي تحركات دبلوماسية خاصة بعد 15 يوليو، أود أن أزور المنطقة مرة أخرى، علّنا نتمكن من المساهمة في إعادة الحوار بين دول المنطقة خلال الزيارة، نخطط لزيارة قطروالكويت والمملكة العربية السعودية بالذات.