بعد مرور أكثر من ثمانية أشهر على إطلاق معركة "قادمون يا نينوى"، ومرور ما يقرب من ثلاث سنوات على إعلان تنظيم داعش وما أسماه "دولة الخلافة"، باتت مدينة الموصل قاب قوسين أو أدنى من إعلانها محررة وآمنة، وذلك بعد أن خطت القوات العراقية خطوة جديدة وهامة على طريق تحرير المدينة، التي تعتبر ثاني أكبر المدن العراقية، وآخر حصن للتنظيم المتطرف في الدولة العراقية، إذ أعلنت القوات العراقية أمس الخميس استعادة موقع الجامع النوري الكبير، الذي أعلن زعيم تنظيم داعش من منبره ما أسماه دولة الخلافة قبل سنوات. الموصل على أعتاب التحرير أعلنت قيادة عمليات "قادمون يا نينوى"، أمس الخميس، عن سيطرة قوات مكافحة الإرهاب على جامع النوري ومئذنته التاريخية المنارة الحدباء ومنطقة السرج خانة في الساحل الأيمن من مدينة الموصل. من جانبه أعلن رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، أمس الخميس، عن انتهاء "دويلة الباطل الداعشية"، تزامنًا مع سيطرة القوات الأمنية على المنارة الحدباء، فيما توعد بملاحقة آخر عنصر من تنظيم "داعش" في العراق، وقال العبادي إن "تفجير الدواعش لجامع النوري ومنارة الحدباء وإعادته اليوم إلى حضن الوطن، إعلان بانتهاء دويلة الباطل الداعشية"، وأضاف العبادي: سنبقى نلاحق الدواعش بين قتل وأسر حتى آخر داعشي في العراق. في ذات الإطار قال المتحدث باسم التحالف الدولي بقيادة أمريكا في بغداد، الكولونيل الأمريكي "راين ديلون"، إن الإعلان الرسمي عن استعادة الموصل ستقوم به الحكومة العراقية خلال أيام وليس أسابيع، واعتبر أن نهاية التنظيم المتطرف باتت وشيكة. هذه الخطوات السريعة من قبل القوات العراقية على مسار تحرير مدينة الموصل دفعت قائد قوات مكافحة الإرهاب في العراق، الفريق الركن عبد الغني الأسدي، إلى إعلان أن النصر النهائي على تنظيم داعش الإرهابي في الموصل سيعلن في الأيام القليلة القادمة، وأضاف الأسدي اليوم الجمعة من داخل المدينة القديمة بغرب الموصل أن "المتبقي من عناصر داعش بين 200 و300 مقاتل، غالبيتهم من الأجانب. في الأيام القليلة القادمة سنعلن النصر النهائي على داعش". بهذا التقدم الأخير للجيش العراقي، يكون التنظيم المتطرف قد خسر وفق ما أظهرت دراسة نشرتها مؤسسة "آي إتش إس ماركت" البريطانية خلال ثلاث سنوات 60 % من المناطق التي كانت تحت سيطرته في سورياوالعراق المجاور، بالإضافة إلى 80% من عائداته، وأكدت المؤسسة أن مناطق سيطرة التنظيم في سورياوالعراق التي أعلن في يونيو عام 2014 إقامة "الخلافة الإسلامية" عليها تراجعت مساحتها من تسعين ألف كيلومتر مربع في يناير عام 2015، إلى 36,200 كيلومتر مربع في يونيو الحالي. مسجد النوري.. من إعلان الخلافة إلى سقوطها المسجد النوري يعتبر من مساجد العراق التاريخية، ويقع في الساحل الأيمن للموصل، وتسمى المنطقة المحيطة بالجامع محلة الجامع الكبير، وقد شيد جامع النوري الكبير عام 1173، من قبل "نور الدين زنكي" بعد أن سيطر على المدينة، وهو ثاني مسجد يُبنى في الموصل بعد المسجد الأموي، ويشتهر الجامع بمنارته الحدباء، وهي الجزء الوحيد المتبقي في مكانه من البناء الأصلي، وعادة ما تقترن كلمة الحدباء مع الموصل، وتعد المئذنة أحد أبرز الآثار التاريخية في المدينة، وقد خضع الجامع والمدرسة الملحقة به لعملية تجديد وترميم من قبل الحكومة العراقية في عام 1942، ولكن المئذنة لم ترمم. تردد اسم الجامع التاريخي كثيرًا منذ عام 2014، حيث كان شاهدًا على الظهور العلني الأول والأخير لزعيم التنظيم "أبو بكر البغدادي"، فقد أعلن الأخير من أعلى منبر هذا الجامع التاريخي عما أسماه "دولة الخلافة" قبل ثلاث سنوات، وبالتحديد في يوليو عام 2014، وذلك بعد استيلاء "داعش" على الموصل. قبل أيام، وبالتحديد في 21 من يونيو الجاري، وبعد أن أصبحت القوات العراقية على بعد عشرات الأمتار من الجامع، أفرغ تنظيم داعش ما تبقى من حقده على التاريخ العراقي، حيث فجر مسلحو التنظيم الجامع والمئذنة التي تتوسطه والمعروفة باسم الحدباء، ويعود تاريخ بنائها إلى أكثر من 800 عام، وأثار تدمير الجامع تنديدًا واسع النطاق في أنحاء العالم حينها، ليعلن التنظيم بنفسه عن سقوط مخططه وهزيمته أمام إصرار العراقيين ودولتهم وانهيار ما زعمه من "دولة الخلافة".