أدت الأمطار المتتالية إلى فساد المحاصيل الزراعية على نطاق واسع في شرق إفريقيا، مما ألحق الضرر بالمزارعين ورعاة الماشية في جميع أنحاء المنطقة، وخلَّف ذلك 26,5 مليون شخص يعانون من الجوع في القرن الإفريقي؛ مما يضاعف احتياجهم للتمويل لسد الفجوة التي تركتها الجهات المانحة التقليدية، ومن المقرر أن تنفد حصص الإعاشة الغذائية ل 7.8 مليون إثيوبي في يوليو بسبب نقص التمويل، في حين أن الصومال المجاورة على وشك الدخول في المجاعة الثانية في ست سنوات، وفي خطوة لم يسبق لها مثيل صرح البنك الدولي أنه بصدد تقديم 50 مليون دولار إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة؛ لتوزيع الأغذية والماء والنقد في الصومال. وقال موقع نيويورك تايمز إن أحد كبار المسؤولين في البنك الدولي محمود محيي قال: إننا لا نبرهن فقط على أننا نقدر نوع الضغط الذي تواجهه الصومال، ولكن نبرهن على أهمية تعاون الأطراف الإنسانية والإنمائية الفاعلة ووجوب عملها معًا. وأعلن مصرف التنمية الإفريقي أيضًا عن منح 1.1 مليار دولار لمكافحة الجفاف في ستة بلدان، معظمها في القرن الإفريقي. وتابع الموقع: عقد مسؤولون من الأممالمتحدة والبنك الدولي ومصرف التنمية الإفريقي والاتحاد الإفريقي مؤتمرًا صحفيًّا في نيروبي بعد اجتماعهم مع النازحين في منطقتي الصومال وجيدو الصوماليتين. وقالت الأممالمتحدة إن أكبر الاحتياجات في إثيوبيا، حيث من المتوقع أن ترتفع الأرقام بسبب سوء أمطار الربيع، وقال ديرك جان أومتزيغ المحلل لدى مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في نيروبي: لدينا أكبر أزمة انعدام أمن غذائي وأكبر أزمة نزوح تواجهها هذه المنطقة، وإن عدد اللاجئين وطالبي اللجوء في شرق إفريقيا تضاعف ثلاث مرات تقريبًا إلى 4.3 مليون منذ عام 2011، مدفوعًا بالنزاع وتغير المناخ والصدمات الاقتصادية مثل انخفاض أسعار المواشي أثناء الجفاف. وأضاف الموقع: في صفقة كبرى تم التوصل إليها في القمة العالمية للعمل الإنساني في العام الماضي، وعد المانحون بجعل تمويلهم أكثر مرونة للاستجابة للأزمات الإنسانية المتزايدة على مستوى العالم، وبدأ البنك الدولي في تمويل العاملين في المجال الإنساني لتقديم المساعدات في بلدان مثل الصومال واليمن، حيث هناك حاجة إلى استجابة سريعة، ولكن الصراع أضعف قدرة الحكومات على الوصول إلى السكان المحتاجين، كما قال محيي. لكن الحقيقة ربما تكون عكس ما تتداوله الصحف أو تصرح به هذه المؤسسات العالمية، فالسؤال الذي يطرح نفسه هو: ما هي القوى الخارجية التي تسبّبت في تدمير شرق إفريقيا بشكل عام والدولة الصومالية خاصة في بداية التسعينيات؟ فقد ظلت منطقة القرن الإفريقي تتمتع بالاكتفاء الذاتي من الغذاء حتى أواخر السبعينيات على الرغم من مراحل الجفاف المتكررة. واعتبارًا من أوائل الثمانينيات جرت زعزعة استقرار الاقتصاد الوطني، ودُمّرت الزراعة الغذائية عملية التفكك الاقتصادي سبقت اندلاع الحرب الأهلية في الصومال في عام 1991. والفوضى الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن "الطب الاقتصادي" لصندوق النقد الدولي قد مهدت الطريق لإطلاق "حرب أهلية" ترعاها الولاياتالمتحدة حتى تتحول منطقة باكملها مع تاريخ غني من التجارة والتنمية الاقتصادية، إلى مقاطعة النفط هو هدف التدخل الإنساني الأمريكي فيها. وبينما المتغيرات المناخية "الخارجية" تلعب دورا في إشعال فتيل المجاعة وتزيد من الأثر الاجتماعي للجفاف، فإن المجاعات في عصر العولمة هي من صنع الإنسان. فهي ليست نتيجة لندرة الطعام ولكن بنية من الفائض العالمي الذي يقوض الأمن الغذائي ويدمر الزراعة الغذائية الوطنية. منظما بإحكام ومسيطرا عليه من قبل الكارتلات الزراعية والتجارية الدولية، ويفضي هذا الفائض في نهاية المطاف إلى ركود كل من الإنتاج والاستهلاك من المواد الغذائية الأساسية وإفقار المزارعين في جميع أنحاء العالم. وعلاوة على ذلك، وفي عصر العولمة، يتضمن برنامج التكيف الهيكلي لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي علاقة مباشرة بعملية تكوين المجاعة لأنه يقوض منهجياً كل أنواع النشاط الاقتصادي، سواء في المناطق الحضرية أو الريفية، التي لا تخدم مباشرة مصالح نظام السوق العالمي.