فشل جديد أظهرته الحكومة في ملف استرداد أراضي الدولة، فبعد أسبوعين من تكليفها بالأمر بدأت المشكلات تظهر واحدة تلو الأخرى، فرغم أن لجنة استرداد الأراضي قد أعلنت أن الأولوية ستكون للتصالح واسترداد حق الدولة المادي, وإن لم يحدث ستتم مصادرة الأراضي الزراعية والحفاظ على طبيعتها وضمها لأراضي الدولة، إلَّا أن الواقع كان غير ذلك. شهد البرلمان الأسبوع الماضي عدة شكاوى من نواب بمحافظات مختلفة بأن لجنة استرداد الأراضي وقوات الأمن يجرفون الأراضي الزراعية التي تتم مصادرتها ولا ينفذون تعليمات رئيس الجمهورية. هذا ما أكده النائب مصطفى بكري، عضو لجنة الشؤون التشريعية بالبرلمان، بأن تنفيذ قرار استرداد أراضي الدولة تسبب في كوارث كبرى على أرض الواقع, حيث إن الأرض الخضراء تم حرثها والمباني بدلًا من مصادرتها لصالح الدولة تم هدمها بطريقة أضاعت منفعة كبيرة للبلاد، رغم امتلاك كثيرين أوراقًا تؤكد امتلاكهم هذه المباني. وكشف بكري في تصريحات صحفية أن التنفيذ تسبب في أمور يجب أن تكون موضع تحقيق، وأن تتم معاقبة كل من تسبب في هذه الخسائر، واصفًا ما حدث بأن الغباء كان سيد الموقف في التنفيذ والحسابات الصغيرة الضيقة وتجاوز الدستور، مشكلات أساسية لمن نفذوا تلك الإجراءات التعسفية. الحصر أزمة أخرى لم تكن أزمة سوء تنفيذ التعليمات وحدها التي أطلت بظلالها على مهمة استرداد أراضي الدولة, فهناك مفاجأة أخرى كشف عنها النائب رائف تمراز، وكيل لجنة الزراعة بمجلس النواب، وهي أن الدولة لا تمتلك حصرًا بأراضيها, وأن هناك عشوائية خاصة بهذا القطاع، مؤكدًا أن وزارة الزراعة لا تمتلك حصرًا ولا هيئة التعمير ولا وزاراتي الاستثمار ولا الإسكان ولا أي وزارة أخرى، مشددًا على ضرورة إنشاء قاعدة بيانات مركزية تضم أراضي الدولة كافة وكل ما يخصها من معلومات. من جانبه قال مدحت الزاهد، القائم بأعمال رئيس حزب التحالف الشعبي: فكرة استرداد الثروة المنهوبة صحيحة في أصلها, وأي أخطاء سابقة لا تبرر إجراءات تصحيح الأوضاع الحالية, فالأمر وصل إلى هذا الحد نتيجة لرأسمالية المحاسيب التي تأسست خارج إطار الاقتصاد الرسمي, مضيفًا أن التصحيح يحتاج إلى قاعدة بيانات صحيحة؛ لأن هناك من تحصلوا على مليارات من الهواء بسبب أراضي الدولة. وأضاف الزاهد في تصريحات خاصة أن الاسترداد له أشكال متنوعة، ولا يكون الهدم هو الإجراء الوحيدة فيه، فلابد من وجود سياسة مرنة, وأن يتم الأمر بشفافية تامة وبدون تمييز, فيجب أن يتم الأمر بطريقة صحيحة لا تهدر الثروة, وألَّا يكون بناء على خصومات سياسية، مؤكدًا ضرورة مراعاة البعد الاجتماعي، وأن يكون حاضرًا في تلك الإجراءات، وإلَّا سيتم هدم جميع المناطق العشوائية التي تقاعست الدولة نفسها عن توفير مساكن لقاطنيها.