«علي بابا» تواجه قرار هدم بعد 80 عامًا من إنشائها «الثقافة»: لن نتصدى لقرار سيادي يهدف للمنفعة العامة يوسف القعيد: قرار الهدم عبثي وسأتقدم ببيان عاجل لوقفه عاطف بشاي: نعيش في ردة ثقافية خيرية البشلاوي: أقترح إنشاء سينما بديلة في المول التجاري الجديد أحد مستأجري السينما: لسنا ضد المنفعة العامة ونطالب بتعويض عادل تواجه سينما «الكورسال» ببولاق أبو العلا، واحدة من أشهر دور العرض السينمائية بقلب القاهرة، والمعروفة ب«علي بابا»، إنذارًا بالإخلاء والهدم مع 30 محلًّا مجاورًا لها من جانب الهيئة القومية للأنفاق، قبل 25 مايو الجاري، لصدور قرارات بنزع الملكية الخاصة بهذه الأماكن للمنفعة العامة، من أجل تنفيذ المرحلة الثالثة «3 أ» من الخط الثالث، في مواقع محطات «ماسبيرو ناصر الزمالك الكيت كات» حيث سيتم نزع ملكية العمارات والمنشآت السكنية والمباني في تلك المناطق، من أجل بناء خط المترو الجديد. سينما علي بابا آخر سينما شعبية بمصر، روادها من أبناء الطبقة الكادحة والعمال والصنايعية وبائعي الملابس المستعملة بوكالة البلح، التى تشتهر بها منطقة بولاق أبو العلا الشعبية، وتعرض السينما ثلاثة أفلام في الحفل الواحد بتذكرة 15 جنيهًا، وهي الأرخص بالمقارنة بدور العرض الأخرى التى تصل فيها سعر التذكرة إلى 70 جنيهًا. تقدم «الكورسال» أفلامًا قديمة قد تكون أنتجت قبل عام أو عامين، وربما تم بثها على الفضائيات، إلَّا أنها مازال لها جمهورها المفضل. تمتاز سينا علي بابا بطراز معماري فريد، مثل كل مباني القاهرة العتيقة، وتتكون صالة العرض الداخلية من طابقين، ويزينها من الخارج لوحات دعائية «بوستر» للأفلام الحديثة. وكونها مبنية في أربعينيات القرن الماضي، حيث واكبت التطور العمراني لمنطقة وسط البلد «القاهرة الخديوية»، بدا طرازها المعماري قريب الشبه إلى عمارات وسط البلد، إلَّا أن التدهور طالها خارجيًّا أيضًا، ولما يشملها أي تطوير خلال السنوات الماضية. يقول سامي زارع، أحد الورثة المستأجرين لسينما علي بابا منذ عام 1968،:أشعر بالحزن لأنني أعيش لليوم الذي تنهار سينما تاريخية مثل الكورسال الجديدة، والتي عرضت بين جدران صالتها أهم وأبرز أفلام الترسو لوحش الشاشة فريد شوقي، متسائلًا: أين وزارة الثقافة من هذا التخريب للتراث السينمائي والحضاري للوطن، خاصة أن هناك قرارًا صدر في عهد فاروق حسني بمنع هدم السينمات من أجل نشر تلك الثقافة، فهل تدعم الدولة السينما بهذه الطريقة؟! وأضاف أنه مندهش من قرار الحكومة بمنحهم مهلة للإخلاء حتى يوم 25 مايو فقط، مؤكدًا أنه ليس محل ملابس يستطيع تشوين بضاعته بواسطة سيارة نقل، فالسينما تضم أكبر صالة عرض في مصر، حيث تحتوي على 750 كرسيًّا، ومازالت تعمل حتى الآن وتستقبل الزوار، فكيف أنقل المعدات والكراسي والماكينات خلال هذا الوقت القصير؟! واستطرد أنه رخصة السينما مسجل بها أنها تتكون من طابق أرضي عبارة عن صالة العرض، وطابق أول يتكون من البلكون، بالإضافة إلى حجرة آلة العرض، وتريد الحكومة أن تعوضنا عن مساحة الدور الأرضي فقط، وتعتبر البلكون «صندلة»، فهل هذا عادل؟! وتساءل: من يعوضنا عن النفقات التي تكبدناها خلال الشهور القليلة بتركيب جهاز إنذار، وفقًا لتعليمات جهاز الحماية المدنية المطبق على جميع الملاهي بتكلفلة ربع مليون جنيه، ليغطى الجهاز جميع أرجاء السينما من صالة وبلكون ومكاتب وشفاطات وماكينات توليد وأجهزة حنفيات معدلة، ويوفر الأمان للزوار؟ وعما سيفعله حيال قرار الإخلاء قال: لن نستطيع مواجهة قوات الشرطة والجيش، لسنا بلطجية أو خارجين على القانون، نفوض أمرنا لله، ونناشد الرئيس السيسي بإنقاذنا وتعويضنا بشكل عادل أو منحنا سينما بديلة في المول الجديد، فهي مهنتنا التي لا نعرف غيرها. وتابع: هيئة الأنفاق تريد منحنا ألفي جنيه فقط في المتر للسينما، وتعوضنا فقط على مساحة 500 متر وليس ألف متر، وهي المساحة الكلية للسينما، المكونة من أرض وطابق أول، حيث اعتبرت الهيئة الدور الأول بمثابة «صندلة» غير محسوبة فى التقييم! متسائلًا: لماذا يتم تعويض أصحاب المحلات ب7 آلاف جنيه للمتر، وألفين فقط للسينما، رغم أنها على واجهة رئيسية لشارع 26 يوليو؟! يقول الدكتور خالد عبد الجليل، مستشار وزير الثقافة لشؤون السينما، إنه ضد هدم أي دور عرض سينمائي، وخاصة الأثري منها، وضرورة الحفاظ على هذا التراث لكونه جزءًا أصيلًا من ذاكرة وتاريخ مصر الثقافي والحضاري، لكن سينما الكورسال الجديدة تختلف ظروفها لكونها تقع في مسار مشروع قومي ضخم وهو خط المترو الثالث. أضاف في تصريحات خاصة ل«البديل»: نحن لا نستطيع الوقوف أمام قرار سيادي بالهدم من أجل المنفعة العامة، خاصة أنه لا يوجد مسار لطريق المترو إلَّا شارع 26 يوليو لاستكمال محطاته إلى الزمالك، مستنكرًا المطالبة بعدم هدم السينما في ظل هدم 30 محلًّا مجاورًا لها، طبقًا للقرار ذاته. ويرى يوسف القعيد، الروائي وعضو لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، أن هدم سينما الكورسال الجديدة الشهيرة بعلي بابا بتاريخها العريق، محنة حقيقية لا تمت بصلة بحديث الدولة عن رغبتها في النهوض بالسينما ودعم هذه الصناعة. وأعلن في تصريحاته ل«البديل» أنه سيتقدم ببيان عاجل لوزير الثقافة خلال الأسبوع الجاري، لوقف هذا القرار العبثي بالهدم وإنقاذ السينما، مضيفًا أنه سيفتح ملف دور العرض المغلقة أيضًا، ومنها سينما فاتن حمامة بالمنيل، وداران للعرض بالسيدة زينب، وأول سينما صيفي بمدينة نصر، فهي مغلقة منذ فترة طويلة. وأكد القعيد أن السينما كانت تعتبر أحد مصادر الدخل القومي بجانب القطن في إحدى الفترات التاريخية، لكنها تعاني الآن من مشكلات كثيرة تحتاج إلى وقفة لحلها من أجل إنقاذ تلك الصناعة المهمة، التي تعتبر أحد أذرع القوة الناعمة. وأعرب عاطف بشاي، المؤلف والسيناريست، عن عدم اندهاشه من هذا القرار الغاشم لهدم آخر سينما شعبية بمصر، مؤكدًا أن المجتمع يعيش منذ فترة حالة من الردة الحضارية والثقافية، أزكتها تلك الهجمة الوهابية التي ضربت الوطن منذ السبعينيات، وترتب عليها الاحتقار للفنون والمرأة وأشكال البهجة كافة. وأضاف في تصريحات خاصة ل«البديل» أن الإخوان سقطوا لكن أفكارهم الظلامية مازالت متأصلة في قطاعات الدولة كافة، وهي تلك العقلية التي لا تدرك أهمية وقيمة دار عرض سينمائي مثل "سينما علي بابا، وترى أنها مجرد مكان للتسلية والترفيه غير مفيد؟! وبسؤاله عن دور وزارة الثقافة ومسؤوليتها في مواجهة قرار الهدم، قال بشاي: حلمي النمنم رجل مستنير، لكن المنصب له قيوده، ويحتاج إلى مساندة المثقفين، لافتًا إلى ضرورة إعلان السينمائيين والمفكرين غضبهم في مواجهة قرار هدم سينما علي بابا، ومنعه تنفيذه، وأن يهبوا من أجل نجدة فنونهم بصفة عامة. وقالت خيرية البشلاوي، الناقدة السينمائية: هدم دور العرض السينمائي فكرة غير مستحبة، لكن كل حالة ولها ظروفها، فالملايين التي سيخدمها مشروع الخط الثالث للمترو لا يمكن مقارنتها بالأعداد القليلة التي تترد على سينما الكورسال الجديدة، ورغم أنها سينما شعبية وتذكرتها رخيصة، إلَّا أن الإقبال عليها انخفض في ظل انتشار الفضائيات التي تعرض الأفلام بعد شهور قليلة من طرحه في السينما. وأضافت البشلاوي، في تصريحاتها ل«البديل» أنها تقترح إنشاء سينما أخرى في المول التجاري المقترح تأسيسه بعد مشروع المترو، مؤكدة أن دور العرض بالمولات يكون الأقبال عليها أكثر، فالمول يوفر الجراج والمطاعم ومحلات للتسوق وغيرها، ومن ثم يقضي الفرد مع أسرته يومًا كاملًا داخل المول دون صعوبات. جدير بالذكر أنه تم إصدار قانون في عام 1980 بمنع هدم سينما إلَّا إذا تم بناء سينما أخرى في نفس المكان, لكن يتم التحايل على هذا القانون طوال السنوات الماضية.