تشهد ليبيا أجواء ملتهبة، بعد الهجوم الذي شنته قوات تابعة لحكومة الوفاق على قاعد براك الشاطئ التابعة للجيش بجنوب البلاد، وبينما خرج المجلس الرئاسي بقيادة فائز السراج، ليدين الهجوم ويصدر قرارات للتهدئة، عبر مراقبون عن عدم تفائلهم بعد الواقعة، مؤكدين أنها قد تطوى صفحة التوافق السياسي بين قائد الجيش الليبي خليفة حفتر، وفائز السراج، بعد لقاء جرى بينهما في الإمارات مؤخرا، رسم العديد من خطوط التوافق الأولية التي قد يبني عليها الفرقاء مستقبل الحل السياسي في ليبيا، لكن ثمة عوائق ستحول دون تحقيق التهدئة والاستقرار. واستنكرت أطراف محلية وخارجية الهجوم الذي شنته قوة تابعة لحكومة الوفاق الوطني على القاعدة، وأسفر عن مقتل وإصابة العشرات من قوات الجيش الليبي، ورغم الغموض الذي ساد في البداية بشأن الجهة التي أعطت الأوامر بالهجوم، لاسيما مع إعلان وزارة الدفاع في حكومة الوفاق أنها لم تعط أي أوامر بذلك، ووعدها بالتحقيق في الحادثة، إلا أن القوة الثالثة التابعة لحكومة الوفاق أصدرت بيانًا يفيد ضلوعها في الواقعة، ما أحرج بما لا يدع مجالا للشك السراج. ولتهدئة الوضع وبقاء شعرة معاوية مع حفتر، أصدر المجلس الرئاسي قرارا بوقف عمل كل من وزير الدفاع المهدي البرغثي، والقوة الثالثة برئاسة جمال التريكي، إلى حين تحديد المسؤولين عن خرق الهدنة بالجنوب من خلال لجنة تحقيق برئاسة وزير العدل، لكن التريكي صب الزيت على النار عندما قال «القوة الثالثة تأتمر بأوامر فايز السراج ونائبه عبد السلام كاجمان، ولديها إثباتات مكتوبة وصوتية تثبت تلقيها تكليفات وأوامر شفهية مسجلة بالصوت لهما لمهاجمة براك الشاطئ، داعية إياهما لمراجعة تصريحاتهما»، أما قيادة الجيش الليبي وأعضاء مجلس النواب فرفضوا هذه القرارات، مؤكدين أنها لن تقلل من مسؤولية المجلس عن الحادث، وحملوا حكومة الوفاق مسؤولية الهجوم على القاعدة. وتوعد الجيش الليبي بقيادة حفتر، برد قاس وقوي على الهجوم الذي أوقع العشرات من جنوده ودمر قاعدة كانت تستخدمها لشن غارات على الميليشات المسلحة، وهو أمر قد يعيد الأزمة السياسية إلى الصفر، خاصة مع عدم استكمال الاجتماعات التي كان من المفترض أن تجري بين حفتر والسراج في مصر، ويجمع مراقبون على أن الهجوم سيؤدي إلى نسف الاتفاق، لاسيما أن الطرفين اتفقا على تهدئة الأوضاع بالجنوب خلال لقائهما في أبو ظبي مطلع مايو الجاري، لكن ما حدث غير ذلك. وجاء الهجوم بعد أيام قليلة من عرض عسكري أجراه الجيش الليبي في ذكرى انطلاق ما يعرف بعملية الكرامة الذي أقيم ببلدة توكرة، وأظهر قوة الجيش بقيادة حفتر، وفيما أرادت القوات المتشددة المتواجدة في حكومة الوفاق ضرب عصفورين بحجر واحد من خلال إحراج قوات الجيش الليبي من جهة وضرب عزيمتهم وضرب الحوار السياسي بين السراج وحفتر من جهة أخرى، تفيد معلومات أن القوة الثالثة تحركت بالتواطؤ مع مليشيا سرايا الدفاع عن بنغازي وتنظيم القاعدة، الأمر الذي تجسد في الهجوم على قاعدة براك الشاطئ الاستراتيجية. وكان لافتاً أن بيان حزب العدالة والبناء الليبي «الإخوان» في أعقاب الهجوم، خالياً من أي إدانة للهجوم براك الشاطئ، مكتفياً بالدعوة إلى وقف الاقتتال في الجنوب الليبي وعدم جعل المنطقة ساحة للنزاعات المسلحة، مطالبًا «المجلس الرئاسي بضرورة اتخاذ جميع الإجراءات والتدابير اللازمة لوقف إطلاق النار والخروج من حالة الاحتراب الدامي». ومن جهته، حمل عضو مجلس النواب عن وادي الشاطئ، علي القايدي، المجلس الرئاسي، مسؤولية الهجوم، مؤكدا أنه سيتقدم بمقاضاته والقوة الثالثة، ووصف عضو مجلس النواب عن الكفرة، جبريل وحيدة، ما حدث في قاعدة براك الشاطئ بالجريمة النكراء التي يدينها ويستنكرها كل مسلم ومواطن ليبي.