على بعد 60 كيلومترا من مدينة المنيا، وفي مركز ملوي بمنطقة تونة الجبل الأثرية، تقع استراحة طه حسين، عميد الأدب العربي، التي لا تتعدى مساحتها 50 مترًا، مكونة من طابقين بكل منهما غرفتين وصالة ودورة مياه، يحيطها سور صغير من الطوب اللبن، يبلغ ارتفاعه 100 سنتيمتر تقريبًا. عمر الاستراحة 80 عامًا تقريبًا، إذ قرر عالم الآثار الشهير الدكتور سامي جبره، صاحب أهم الاكتشافات والسراديب بتونة الجبل إنشائها لطه حسين بسبب شدة حبه له، ولصداقتهما وعملهما في مهنة التدريس بجامعة القاهرة، وفقا لما يقوله حمادة القلاوي، كبير مفتشي شرق مركز ملوي، الذي أضاف: "رغم موقع الاستراحة البعيد عن المدينة ووقوعها بالصحراء، وصعوبة المواصلات والتنقل في ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي، إلا أن حسين، اتخذ منها مقرًا للاستجمام والراحة النفسية، وقضاء إجازته بها كل عام، تتراوح مدتها من شهر إلى ثلاثة أشهر". وأوضح القلاوي ل"البديل": "تمتاز الاستراحة بالبساطة، لكنها شاهدة على أعظم كتابات عميد الأدب، إذ كتب فيها روايته الشهيرة (دعاء الكروان)، وتردد أيضًا أنه كتب بعضا من أجزاء كتابه (الأيام) خلال تواجده بها"، مضيفا: "كان حسين يعشق المنطقة، خاصة عندما عرف تاريخها من الدكتور سامي جبره، وأكثر ما أثار إعجابه قصة العاشقين (إيزادورا وحابي) أصحاب أقدم قصة حب منذ 2000 عام". وتابع أن قصة الحب الإغريقية بين إيزادورا ابنة الملك الحاكم للإقليم وقتها، التي كانت تعيش مع والدها في قصر بالناحية الشرقية للنيل، بالتحديد في منطقة الشيخ عبادة حاليًا، وحابي أحد أفراد الجيش، الذي يعد بالنسبة للعائلة الملكية مجرد فرد من الشعب، وكان يعيش بالناحية الغربية لمدينة ملوي "الأشمونين" حاليًا. وأردف: "بدأت قصة الحب بينهما حينما خرجت لمشاهدة الاحتفالات الخاصة برمز الحكمة (تحوتي)، وكانت تبلغ من العمر 16 سنة تقريبا، وظلا يتقابلان لمدة 3 سنوات بالقرب من ضفاف النيل، وسط ترقب وخوف أن يراهما والدها أو الحراس فتنتهي علاقتهما، وظل الأمر هكذا إلى أن وصلت الأنباء لوالدها بأنها تقابل أحد الضباط دون علمه، فطلب من الحراس أن يتعقبوها ويمنعونها من مقابلة الضابط مرة أخرى، حتى انتحرت بإلقاء نفسها في النيل وفارقت الحياة حزنًا على حبيبها، وتم تحنيط جثتها وعمل مقبرة جميلة لها بمنطقة تونة الجبل، وتقع حاليا على بعض أمتار قليلة من استراحة طه حسين". وأكد كبير مفتشي شرق مركز ملوي، أن الاستراحة تحتاج لبعض الترميمات والتجديدات، خاصة أنها مازالت تحوي بداخلها بعضًا من متعلقات عميد الأدب الشخصية، وفي حالة تحويلها لمتحف يضم المزيد من متعلقاته وكتبه، ستكون المنطقة منارة سياحية وثقافية مهمة، خاصة بعد الاكتشاف الأثري الكبير الذي تم التوصل إليه الأسبوع الماضي والعثور على أول مومياوات للآدميين بالمنطقة.