كما هي عادة أهل السويس، بدأت في ليلة النصف من شعبان الاحتفالات بمولد سيدى عبدالله الأربعين، وتوافد المئات من داخل وخارج المحافظة على الساحة التي تحتضن مسجد ومقام الإمام، وتحلقوا في حلقات تضم كل منها العشرات من المريدين إيذانا ببدء فعاليات مولد الأربعين. جميع مظاهر المولد حاضرة أمام مقام الإمام عبدالله الأربعين، فهناك سلطان المداحين الذي يعتلي المنصة لينطلق متجليا في ابتهالات صوفية يتفاعل معها المحتفلون باحتفاء شديد مرددين "الله حي" و"مدد يا أربعين مدد"، ورغم الزحام اتخذ كل شخص مكانه في باحة المسجد، يسبح ويتلو أذكارا وأورادا لأولياء الله الصالحين. محمد عبدالله، أحد المشاركين في إعدادات المولد ومن مريديه، قال ل"البديل" إنهم يبدأون التجهيزات منذ منتصف شهر شعبان في مسجد الأربعين ومحيطه تمهيدا لإحياء الليلة الكبيرة، مشيرا إلى أن أبناء الحي يعرفون بعضهم ويجمعهم حب الإمام، كما يتجمع مشايخ الطرق الصوفية والمنشدون، وتشمل الاحتفالات إقامة سرادقات لتلاوة القرآن والذكر والإنشاد والمدائح والابتهالات الدينية, إلى جانب إقامة مآدب للراغبين في تناول الطعام وتوزيع الصدقات على المحتاجين. وأكد الشيخ المسنّ عبد الجليل السيد، من أبناء محافظة قنا، أنه رغم تقدمه في السن ومشقة السفر فإنه حريص على حضور مولد الأربعين، فهو بالنسبة له "عوائد وفوائد"، ويؤمن بأن الروح تبقى بعد موت الجسد، وأنها موجودة في كل مكان، قائلاً: "نحضر للموالد لا لنزور الجسد بل لنتفاعل مع الروح ومع مواقفها الدينية والإنسانية والاجتماعية، وزيارة الأولياء واجبة، يلتقي فيها الناس وأهل العلم والطرق ويتحدثون في الأمور الفقهية والتصوفية". وأكد أن هناك فرقًا بين الصوفي والمتصوف، "فالصوفي نادر الوجود الآن، نحن هنا متصوفون، نقابل أهل الله من أصحاب الطرق حتى نتفاعل معهم في شتى المجالات الدينية ومجالات الترقي بالروح إلى الآفاق العليا ونتقابل كأرواح لا كأجساد. إن التقاء الأرواح ليست بدعة وإنما واجبة على كل مسلم، والدليل زيارة الكعبة المشرفة وقبر الرسول". من ناحية أخرى، وفي باحة المسجد، يفترش الشاب أحمد ربيع، أحد الأرصفة عارضا بعض السلع والألعاب والهدايا ليبيعها لزوار المولد، مشيرا إلى أنه ينتظر المولد كل عام ليعرض بضاعتة التي يصنعها هو وأفراد أسرتة فى منزله الريفي بحى الجناين، حيث يعتبر المولد مناسبة مهمة للبيع والتجارة واكتساب الرزق. اللافت في مولد سيدي عبدالله الأربعين هذا العام هو احتلال العيش والفول النابت لموائد الطعام، فيما غابت اللحوم، إلا فيما ندر، عن خيام وموائد الطرق الصوفية التي تعودت إقامتها في مثل هذه الموالد، وأرجع البعض ذلك إلى ارتفاع أسعار اللحوم بسبب الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد. يذكر أن الشيخ عبدالله الأربعين، حضر إلى مدينة السويس خلال فترة حفر قناةالسويس, قادما من شمال إفريقيا، ونذر نفسه وجهده لتقديم المساعدات الإنسانية لعمال السخرة الذين كانوا يتساقطون قتلى ومصابين نتيجة سوء معاملتهم خلال الحفر، بالإضافة إلى اضطلاعه بمهمة تعريف الناس بأمور دينهم الحنيف, وتوفي ودفن في المكان الذي كان يقيم فيه, فأقام الأهالي حول ضريحه مسجده الحالي. وقال الدكتور كمال بربري، وكيل وزارة الأوقاف بالسويس، إن المحافظة بها العديد من أولياء الله الصالحين مثل "سيدي عبد الله الغريب، وسيدي عبد الله الأربعين، وسيدي فرج، وسيدي مشيمش" ولكن أشهرهم سيدي الغريب، وسيدي الأربعين، ويحمل حيّان من أحياء المدينة اسميهما.