في الذكري ال 69 من النكبة الموقف العربي الرسمي شديد السوء والتردي السيسي وصل بالعلاقات المصرية الإسرائيلية إلى درجة من العمق والحميمية غير مسبوقة الحديث عن حدود 67 بأي صيغة وفى أي سياق يحمل تنازلًا ضمنيًّا عن باقي فلسطين إضراب الأسرى في سجون الاحتلال يؤكد أن الشعب الفلسطيني يبدع نضالًا جديدًا تأتي الذكري التاسعة والستون للنكبة الفلسطينية والتي يحييها الشعب الفلسطيني سنويا للتذكير بما حل بهم من مأساة إنسانية وتهجير من قبل قوات الاحتلال الصهيوني، تزامننا مع إضراب الأسري الفلسطينيين للتأكيد علي أن المقاومة مستمرة والنضال مازال قائم، كان ل«البديل» حوار مع محمد عصمت سيف الدولة، المفكر القومي ومؤسس حركة مصريون ضد الصهيونية. ما الهدف من إحياء ذكرى النكبة الفلسطينية؟ الهدف الرئيسي من إحياء ذاكرة نكبة فلسطين هو التأكيد علي أن الصراع مع العدوان لا يزال مستمرًّا، وأن المعركة لم تنتهِ بعد، وأن سبعة عقود من الاحتلال لا تعطي الكيان الصهيوني ودولته المسماة بإسرائيل أي شرعية، وأنه رغم مرور كل هذا السنوات ورغم حالة الضعف والهزيمة والاستسلام واتفاقيات الصلح مع العدو، إلا أن الشعوب العربية لا تزال تتمسك بأن هذه الأرض من بحرها إلى نهرها هي فلسطين وليست إسرائيل، وأنها ترفض الاعتراف والصلح مع هذا العدو، وستواصل النضال جيلًا وراء جيل إلى أن يتحرر آخر شبر محتل من فلسطين، وأن المشروع الصهيوني وكيانه لا يهددان فلسطين فقط، وإنما يهددان مصر وكل الأمة العربية بذات القدر، وأن معركة تحرير فلسطين هي معركة كل العرب وليست معركة الفلسطينيين فقط. ما رأيك في موقف الأنظمة العربية من القضية الفلسطينية؟ تأتى الذكرى التاسعة والستون للنكبة هذا العام في ظل موقف رسمي عربي شديد السوء والتردي فيما يتعلق بفلسطين، موقف وصل إلى درجة التواطؤ العربي مع إسرائيل على تصفية القضية الفلسطينية، والدعوة إلى تأسيس أحلاف إقليمية وعسكرية بينهما تحت القيادة الأمريكية؛ لمواجهة المخاطر المشتركة، كما يدَّعون، أمثال إيران والإرهاب والإسلام المتطرف. إنه قاع السقوط لما يسمى بالنظام الرسمي العربي. ما تعليقك على أداء النظام المصري تجاه القضية الفلسطينية؟ للأسف في القلب من المشروع الجديد لما يسمى بالناتو العربي يقف النظام المصري تحت قيادة عبد الفتاح السيسي، الذي وصل بالعلاقات المصرية الإسرائيلية إلى درجة من العمق والحميمية غير مسبوقة، ولا حتى في عصر السادات أو مبارك. وهو ما يجعلني دائمًا ما أصف ما يدور اليوم بأنه العصر الذهبي للعلاقات المصرية الإسرائيلية. كيف ذلك؟ أراد السيسي أن يتخذ من إسرائيل بوابته الرئيسية إلى نيل الاعتراف والرضا والقبول الأمريكي والدولي، فأعطاها كل ما تريده وتطلبه على امتداد سنوات طويلة، أعطاها ما سبق أن رفضه مبارك، على رأسه قيامه بإخلاء المنطقة الحدودية من السكان؛ لإقامة المنطقة العازلة التي طالما طالبت بها إسرائيل! كيف لأي عاقل أو وطني أن يفرغ أرضه من السكان وعلى حدوده كيان استعماري متخصص في استيطان الأراضي الفارغة، بالإضافة إلى ذلك وجه سلسلة من الدعوات لتوسيع السلام ودمج إسرائيل في المنطقة؛ لمواجهة المخاطر المشتركة. وأعاد السفراء، وأعاد فتح السفارة الإسرائيلية في مصر في الذكرى الرابعة لذات يوم إغلاقها من الشباب الغاضبين من قتل الإسرائيليين لجنودنا على الحدود. وسحب قرار إدانة المستوطنات من مجلس الأمن، وقام إعلامه بالانحياز إلى إسرائيل أثناء عدوانها الأخير على غزة، وحصل أنصاره على حكم الأمور المستعجلة على توصيف المقاومة كمنظمات إرهابية، في الوقت الذي حكم فيه بعدم الاختصاص في توصيف مماثل لإسرائيل ككيان إرهابي، ورفض وزير خارجيته إسماعيل شكري اعتبار قتل إسرائيل للفلسطينيين أعمالًا إرهابية، وعقد لقاء سريًّا مع نتياهو في الأردن، وقام بوصف نتنياهو لوفد أمريكي بأن لديه من الإمكانيات القيادية ما يؤهله لإحداث تغييرات في المنطقة والعالم. وكيف ترى السلام الدافئ الذي تحدث عنه السيسي؟ عبد الفتاح السيسي الذي أعلن أثناء حملته الرئاسية أن السلام مع إسرائيل أصبح في وجدان المصريين، وكررها كثيرًا، وآخرها ما صرح به في مؤتمر الإسماعيلية الأخير أن السلام أنقذنا من الضياع، من كان يتخيل أن إسرائيل هي التي توسطت لدى إدارة أوباما ولدى الكونجرس لاستئناف المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر، بعد أن كانت هي في الماضي التي تحرض دومًا ضدنا، وتطالب بتجميدها؟! لقد بلغ التنسيق الأمني والعسكري بينهما مداه، إلى الدرجة التي صرح فيها أحد رجال الكونجرس منذ بضعة أيام، أثناء جلسة استماع عن مصر، أن هناك تقارير تفيد بأن المروحيات العسكرية المصرية تقلع من مطارات إسرائيلية؛ لتقوم بضرب الإرهابيين في سيناء! كيف تري إضراب الأسري الفلسطينيين في سجون الاحتلال؟ وسط هذه الصورة القاتمة، يأبى الشعب الفلسطيني إلا أن يبدع نضالًا جديدًا من نضالاته التي لم تتوقف منذ قرن من الزمان، فبعد أن نجح منذ ما يزيد على عام في تفجير انتفاضته الثالثة، فإذا به يفاجئ العالم بإضراب الأسرى في السجون، في أكبر إضراب ربما شاهدته البشرية أو أي من سجون ومعتقلات العالم في أي بلد من البلدان، 1500 أسير من واقع ما يزيد على 7000 أسير يضربون عن الطعام إضرابًا جماعيًّا، وسط ظروف وإجراءات بالغة القسوة والإجرام في السجون الإسرائيلية، ليلهموا العالم مرة أخرى أنه مهما اختلت موازين القوى فإن الشعوب قادرة على القتال والمقاومة والتحدي والنصر، وهى رسالة موجهة لنا نحن أيضًا في مصر، في ظل ما نراه اليوم من قبضة بوليسية غير مسبوقة وحصار لكل القوى الوطنية الحية والحرة وتصفية الثورة المضادة لكل مكتسبات ثورة يناير. يتحدث الجميع عن إقامة دولة فلسطينية على حدود 67، ما رأيك في ذلك؟ وثيقة حماس وما ورد فيها من تعديلات تفيد قبولهم بدولة فلسطينية على حدود 1967، هذا في تصوري ليس سوى طلب عضوية للانضمام إلى نادي التسوية، فعلتها حماس، وكنت لا أظن أنها ستفعلها، فطالما كانت هي وشركاؤها من فصائل المقاومة كقلعة صلبة في مواجهة كل مشروعات التسوية، ترفض الاعتراف بإسرائيل والتنازل عن فلسطين التاريخية، وتصر على خيار المقاومة، ودفعت في سبيل ذلك أثمانًا غالية، ولذلك أصابتنا الدهشة الشديدة حين رأينا الوثيقة الجديدة. فالحديث عن حدود 67 بأي صيغة وفى أي سياق يحمل تنازلًا ضمنيًّا عن باقي فلسطين، حتى لو أحيط بأغلظ الأيمان بالتمسك بالثوابت الوطنية والحقوق التاريخية وعدم الاعتراف بإسرائيل. لماذا؟ لأن القبول بدولة على حدود 1967، أو بانسحاب قوات الاحتلال إلى حدود الرابع من يونيو 1967فقط، هو بند واحد في مشروع شامل ومنظومة متكاملة من القواعد والمبادئ والشروط والالتزامات المتبادلة، فهي حزمة واحدة، إما أن تأخذها كلها، أو ترفضها كلها، لا يمكن أن تنتقي منها ما تريد، وتترك الباقي. وأصل هذه المنظومة هو القرار رقم 242 الصادر من الأممالمتحدة بعد هزيمة 1967، والذي ينطلق من ضرورة الاعتراف بشرعية وجود إسرائيل وحقها أن تعيش داخل حدودها الآمنة، وهى حدود 1948، مقابل أن تنسحب من أراضٍ احتلتها عام 1967، فلا حديث عن حدود 1967 إلا مقابل الاعتراف بإسرائيل ولو بعد حين. كيف يكون اعترافًا بالعدو؟ لأن الاعتراف أنواع ودرجات ومراحل، أقواها الاعتراف الرسمي مثلما فعل أبو عمار ومن قبله أنور السادات ومن بعده الملك حسين، أو اعتراف وتطبيع كامل معلق على شرط انسحاب إسرائيل إلى حدود 1967، مثل اعتراف كافة الدول العربية بموجب مبادرة السلام العربية، أو اعتراف ضمني أو مستتر كما فعلت وثيقة حماس الأخيرة، بقبولها دولة على حدود 1967، بما يعني بمفهوم المخالفة: السكوت أو الصمت عن الوجود الصهيوني في باقي فلسطين. هل من الممكن أن يأخذ الفلسطينيون حقهم بالمفاوضات؟ المتصالحون مع العدو الصهيوني واعترفوا به، وتنازلوا له عن 78٪ من أرض فلسطين يبررون مواقفهم دائمًا بأن الأممالمتحدةوالولاياتالمتحدة وكل الدول الكبرى والمجتمع الدولي تعترف بإسرائيل، وتعتبر أن فلسطين عندهم تقتصر على الضفة الغربيةوغزة، وبالتالي فلا طائل ولا جدوى من التمسك غير الواقعي بكل فلسطين، ولذلك يحرصون على طمس أي حديث أو مطالبة بفلسطين 1948، وتركيز كل خطاباتهم ومفاوضاتهم وتصريحاتهم على دولة فلسطينية على حدود 1967 عاصمتها القدسالشرقية. ويقولون: لا يمكن تحرير فلسطين بالمقاومة والكفاح المسلح، وليس لنا قِبَل بحرب إسرائيل، ولن نأخذ شيئًا إلا بالمفاوضات، وإذا أخذنا شيئًا فلن يكون إلا ما يجود به المجتمع الدولي، وهو إن فعل، فلن يجود إلا بدولة قابلة للحياة على حدود 1967، وبالتالي فإن معنى حدود 67 في قاموس الصراع العربي الصهيوني يساوي مفاوضات بديلة عن الحرب والقتال، بالإضافة إلى التنازل عن باقي فلسطين والاعتراف بإسرائيل وبحقها في أرض 1948، وهو حل تقبله إسرائيل بشروطها، وتباركه الولاياتالمتحدة. وما هي فلسفة هذا الحل؟ تقوم فلسفة هذا الحل على إعطاء ضمانات لإسرائيل بأن أي أرض تنسحب منها لن تشكل قاعدة لتهديدها مستقبلًا، وأن أحدًا لن يعود فيما بعد ليطالب بحقوق في أرض فلسطين التاريخية، وأن شركاءها من العرب والفلسطينيين في أي معاهدة يجب أن يتم تكبيلهم بمنظومة من القيود الأمنية والعسكرية، لتجريدهم من أي إمكانية للعودة مرة أخرى إلى تهديد إسرائيل. هذا ما ورد في نص القرار 242، وما ورد في كل الاتفاقيات العربية الإسرائيلية بدءًا بكامب ديفيد، ومرورًا بأوسلو، وانتهاء بوادي عربة، وأي ادعاء لقادة حماس أو لغيرهم بأنهم قادرون على الفوز بدولة على حدود 1967 خارج هذه القواعد والشروط والقيود فهو وهم أو تضليل.