بدا واضحًا أن مسار الوفاق بين الفرقاء الليبين يواجه عوائق عدة، فبعد تعليق الآمال على قرب انفراجة قد تؤدي إلى حل الأزمة في أعقاب اللقاء الذي جمع رئيس المجلس الرئاسي فائز سراج والقائد العام للجيش الليبي والمشير خليفة حفتر الأسبوع قبل الماضي، في أبو ظبي برعاية إماراتية مصرية، يبدو أن الأزمة أعمق من مجرد خلاف ينهيه اجتماع، وتحتاج إلى مزيد من الجهود لإقناع أطراف أخرى بالحل. وعلق محللون بأنه سيجرى في أعقاب اجتماع السراج وحفتر الأخير، مباحثات أخرى في القاهرة لتثبيت اتفاق كان قد تم الإعلان عنه مؤخرًا، لكن يبدو أن رئيس المجلس الرئاسي بمجرد عودته إلى طرابلس تلقى من حلفائه الإسلامين رسائل كثيرة، أبرزها ازدياد منسوب التوتر في العاصمة والتهديد باقتحام المؤسسات الحكومية التابعة لحكومته وتعليق أي تنسيق أمني معه؛ في إطار الرفض للمصالحة الدائرة بينه وبين حفتر. وكانت وسائل إعلام ليبية أكدت نقلًا عن مصادر مطلعة بأن اجتماعًا كان جاريًا الترتيب له في القاهرة بين السراج وحفتر أثناء زيارة الأخير لمصر، والتي التقي فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي أمس، ولكن يبدو أن اشتعال الأوضاع الأمنية في طرابلس من قبل الملشيات المسلحة والجماعات الإسلامية ومنها الإخوان حالت دون التزام رئيس المجلس الرئاسي بالسفر إلى مصر. وقالت وسائل إعلام ليبية إن حفتر والسراج اتفقا على بعض البنود، ومنها إجراء انتخابات عامة بعد 6 أشهر من توقيع الاتفاق، وحل المجموعات التي وصفها الاثنان بالمسلحة غير النظامية ومحاربة الإرهاب، وتشكيل مجلس رئاسة الدولة في ليبيا، على أن يكون المجلس بمثابة القائد الأعلى للجيش، ويتشكل من عقيلة صالح، وفايز السراج، وخليفة حفتر، وبحسب رويترز أصدر السراج بيانًا يعكس شروطًا قد تحتوي حفتر، ومنها وضع الجيش تحت سلطة مدنية وبناء دولة ديمقراطية والحفاظ على «مبادئ ثورة 17 فبراير 2011». لكن الرد على هذه البنود كان في طرابلس ، حيث قالت مصادر ليبية إن العاصمة وقعت تحت تهديدات أمنية واسعة في اليومين الماضيين، حيث نشرت ميليشيات فجر ليبيا، التي غيرت اسمها لاحقًا إلى فخر ليبيا والموالية لحكومة الغويل ويتزعمها المسلح صلاح بادي، مدرعاتها في شوارع طرابلس، وهددت باجتياح العاصمة والسيطرة عليها خلال 72 ساعة، كما انتشرت دبابات ومدرعات تابعة ل «القوة الثامنة»، وهددت عناصرها باقتحام مبنى مقر وزارة الخارجية بالعاصمة طرابلس. ورفعت في محيط وزارة الخارجية التابعة لحكومة السراج لافتات مناهضة لخليفة حفتر، داعية إلى عدم التنازل عما أسمته مبادئ الثورة الليبية، منددة بتصريحات المفوض بمهام وزير الخارجية بحكومة الوفاق محمد سيالة حول المشير خليفة حفتر، والذي قال في مؤتمر صحافي بالجزائر «إن المشير خليفة حفتر هو القائد العام للجيش الليبي»، مشيرًا إلى أن قرار تعيينه صدر عن مجلس النواب، وهو مجلس منتخب من فئات الشعب. من جانبه؛ حذر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية من محاولة بعض الأطراف إدخال العاصمة «في دوامة جديدة من العنف ليتسنى لها تحقيق مصالح خاصة عجزت عن تحقيقها دون فوضى وإشهار السلاح»، وفق بيان أصدره الجمعة، وأكد المجلس الرئاسي على أنه «لا رجعة عن الوفاق والتوافق بين الليبيين وعن مهمته في التمهيد للانتقال السلمي إلى دولة مدنية ديمقراطية دولة المؤسسات والقانون». رفض المليشيات المسلحة والتيارات الإسلامية ومنها الإخوان المناوئون لحفتر تصريحات سيالة يعبر عن عدم قبولهم بالتوافق الذي حدث بين السراج وقائد الجيش الليبي، الأمر الذي يزيد ضبابية وغموض المشهد الليبي، لكن بالنظر إلى ما نشرته الصحف القطرية والتركية المؤيدة لهذا التوجه سنلاحظ بأن هناك دعوة لدخول هؤلاء في الاتفاق، وعلى الرغم من تأكيد السراج وحفتر عدم إقصاء الأطراف الأخرى من المعادلة السياسية في ليبيا التي تضمن محاولة تعديل اتفاق الصخيرات، إلا أن هذه الصحف نشرت كمية من التقارير تشير إلى أن الصيغة التي خرجت بها التفاهمات الأخيرة مستحيلة وغير قابلة للتفاوض، على أساس أنها تقدم تنازلات من السراج لحفتر.