بالمقارنة مع مباحثات آستانة 3، والتي غلب عليها الطابع الشكلي، أثمرت مباحثات آستانة بنسختها الرابعة اتفاقًا بين الأطراف المشاركة، ترعاه الدول الضامنة الثلاث، وهي روسياوإيرانوتركيا، حيث إن الوثيقة التي تم الاتفاق عليها تمتد رقعة تنفيذها على مختلف مناطق الاشتباك في سوريا. أبرز نتائج آستانة 4 بتوقيع روسي إيراني تركي ولد اتفاق آستانة بعنوان "اتفاق مناطق خفض التصعيد" أو "مناطق تخفيف التوتر"، بنودًا معدودة تعول الدول الضامنة على تطبيقها، ما يمهد للحل السياسي وفق رئيس الوفد الروسي، ألكسندر لافرينتيف. الاتفاق الذي لم توقع عليه الحكومة السورية أو ممثلو المجموعات المسلحة يحدد 4 مناطق جغرافية كمناطق لتخفيض التوتر، دون تحديد هوية الدول التي ستشرف على تطبيق الهدوء فيها، وتشمل المناطق المعنية بخفض التوتر "محافظة إدلب-شمال حمص-ريفا درعا والقنيطرة-الغوطة الشرقية"، ومن المفترض وفقًا للاتفاق إعداد خرائط مناطق وقف التصعيد بحلول يوم 22 من شهر مايو الجاري، حيث تعكف روسيا على رسم خرائط مناطق تعزيز وقف إطلاق النار. الوثيقة التي تم الاتفاق عليها جددت دعوة الدول الضامنة إلى مساعدة الجيش السوري وجماعات المعارضة السورية في مواصلة قتال تنظيمي داعش وجبهة النصرة ومن يتبعهما، وبحسب الوثيقة سيجري العمل في مناطق تخفيف التصعيد على ضبط الأعمال القتالية بين الأطراف المتنازعة، وتهيئة ظروف العودة الآمنة والطوعية للاجئين والإيصال الفوري لمواد الإغاثة والمساعدات الطبية. آراء الأطراف حول خطة خفض التصعيد لقيت الخطة الروسية الأصل ترحيبًا رسميًّا من الأطراف الضامنة، حيث رأى رئيس الوفد الروسي لمفاوضات آستانة أنها تؤمن الحفاظ على وحدة أراضي سوريا، وتساهم في التسوية السياسية، وقال إن موسكو ستحاول بكل ما يمكن تجنب استخدام سلاح الجو في تلك المناطق في حال عدم تعرض السكان ومواقع الجيش للعنف، مؤكدًا استعداد روسيا إرسال مراقبيها إلى محيط المناطق، مع إمكانية مشاركة دول أخرى، بشرط الموافقة المشتركة. ووفقًا لرئيس الوفد الروسي في آستانة، فإن ستة أشهر هي مدة إقامة مناطق خفض التصعيد، مع إمكانية التمديد إلى أجل غير مسمى، كما أعربت موسكو عن استعدادها للعمل عن كثب مع الولاياتالمتحدةالأمريكية والسعودية بشأن سوريا. أما إيران فرأت في مناطق خفض التصعيد خطوة يمكن أن تؤدي إلى تغيير جذري للوضع في سوريا، مؤكدةً على لسان نائب وزير خارجيتها، حسين أنصاري، أن بنود المذكرة يجب أن تدخل حيز التنفيذ خلال شهر. تركيا التي قالت إن المناطق الآمنة تشمل إدلب وأجزاء من حلب واللاذقية وحمص أكدت أن هذا الاتفاق سيحظر استخدام جميع الأسلحة في تلك المناطق، وسيسمح بإدخال المساعدات الإنسانية إليها. بدوره اعتبر مبعوث الأممالمتحدة إلى سوريا، استيفان دي مستورا، الخطة خطوة في الاتجاه الصحيح لوقف حقيقي للقتال. أما الترحيب السوري فجاء على لسان رئيس وفد الحكومة السورية للمفاوضات، بشار الجعفري، الذي أمل في تطبيق الوثيقة على الفور. فيما رفض المسلحون قبول الخطة التي اعتبروها تهديدًا لوحدة سوريا، أو الاعتراف بإيران كدولة ضامنة لخطة السلام، وطالبوا بوقف النار على جميع الأراضي السورية، وأن يشمل جميع الفصائل المسلحة. من جهتها أكدت المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الأمريكية، هيذر نويرت، أن الولاياتالمتحدة لم تكن طرفًا مشاركًا بشكل مباشر في مؤتمر آستانة، كما أنها لم تكن طرفًا في الاتفاق المتوقع، وأضافت: شجعنا المعارضة السورية على المشاركة في المناقشات رغم الظروف الصعبة على أرض الواقع، موضحة: يساورنا القلق إزاء اتفاق آستانة بما فيه مشاركة إيران كطرف كفيل، وتابعت نويرت أن دعم إيران الثابت لنظام الأسد أدى إلى استمرار مأساة السوريين، وفي ضوء إخفاقات الاتفاقات السابقة لدينا أسباب تدعو إلى توخي الحذر. ويرى مراقبون أن لقاء الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بنظيره التركي، طيب رجب أردوغان في روسيا قبل أيام، حمل في طياته الكثير من بذور التوافق للوصول إلى اتفاق مناطق خفض التوتر، خاصة أن أردوغان بات يراقب بقلل تصاعد نجم القوات الكردية في الشمال السوري بعد قرار واشنطن تقديم الدعم لهم، ولكن الأمور قد تتضح ملامحها أكثر في القريب العاجل، سواء كانت للحلحلة أو التصعيد في حل الأزمة السورية، خاصة أن دولًا إقليمية راعية لمجموعات مسلحة في سوريا كقطر والسعودية لم يتضح موقفها بعد، وحتى الرئيس التركي يُنتظَر تقلب ما في موقفه في الخامس عشر من الشهر الجاري، وهو موعد لقائه بالرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وما يحمله هذا اللقاء من مساومات مع أنقرة من خلال ورقة الأكراد.