شهد الأسبوع الماضي العديد من التغييرات على المستوى الخارجي، كانت الدبلوماسية المصرية حاضرة فيها برعايتها أم ببياناتها، بدءًا من الاتفاق الذي شهدته إمارة أبو ظبي بين فرقاء الأزمة الليبية، مرورًا بزيارة الرئيس السيسي للإمارات من أجل الملف الليبي، وصولًا إلى ترحيب مصر باتفاق آستانة الخاص بسوريا، والذي نص على تحديد أربع مناطق لتخفيف التوتر. لقاء حفتر والسراج شهد الملف الليبي تطورات عدة الأسبوع الماضي، تكللت بعقد لقاء نادر بين رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج والقائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر، في أبو ظبي برعاية إماراتية مصرية إيطالية. فبعد لقاء جمع رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة عبد الرحمن السويحلي في إيطاليا منذ أيام، نجحت الإمارات في استضافة اللقاء الذي يحمل تطورًا مهمًّا على صعيد الملف الليبي، حيث رآه كثيرون تحولًا في الأزمة الليبية، بعد الانسداد السياسي الذي استمر أكثر من عام، إثر الاتفاق السياسي الليبي الموقع في الصخيرات المغربية بين الفرقاء المتصارعين على الشرعية والحكم، لا سيما وأنه بعد التوقيع على الاتفاق لم تهدأ الاشتباكات، على خلفية عدم منح البرلمان الثقة له وعدم التوصل إلى توافق بشأن كيفية إدارة الجيش. وقالت مصادر ليبية مطلعة ل "البديل" إن نتائج الاتفاق النهائية ستصدر في اللقاء الثاني بالقاهرة، والذي من المتوقع أن يجرى منتصف مايو الجاري، وكشفت المصادر الليبية أن حفتر والسراج اتفقا على إجراء انتخابات عامة بعد 6 أشهر من توقيع الاتفاق، مضيفة أنهم أكدوا على ضرورة حل المجموعات التي وصفها الاثنان بالمسلحة غير النظامية ومحاربة الإرهاب، وتشكيل مجلس رئاسة الدولة في ليبيا، على أن يكون المجلس بمثابة القائد الأعلى للجيش، ويتشكل من عقيلة صالح، وفايز السراج، وخليفة حفتر. وتم الاتفاق على مواصلة محاربة الاٍرهاب حتى القضاء عليه نهائيًّا، وإبعاد النزعة الأيديولوجية أو الحزبية أو المناطقية عن الحكومة المقبلة، وأخيرًا الاتفاق على ضرورة الامتثال لجميع الأحكام القضائية التي تصدرها المحاكم الليبية. ومن بين نقاط التشاور التي لم يتم الاتفاق عليها حتى الآن إلغاء وزارة دفاع حكومة الوفاق وخروج البرغثي مع حقيبته ويرى مراقبون أن كافة العوامل الإقليمية والداخلية تساعد حاليًّا على توحيد الفرقاء في حكومة مركزية واحدة تجمع الشرق والغرب، ورغم أن هناك تخوفات من الفشل على شاكلة التجارب الاتفاقيات السابقة التي باتت في النهاية حبرًا على ورق، إلا أن الكثير نظر إلى نتائج اللقاء بإيجابية، ومن هنا علق الكثير آمالًا واسعة عليه؛ لإنهاء الفوضى وعدم الاستقرار الذي ضرب ليبيا منذ ما يقارب الستة أعوام. واعتبرت وزارة الخارجية في الحكومة الليبية المؤقتة اللقاء خطوة جادة لإعادة الثقة ووضع أسس وفاق وطني حقيقي، بعد إدخال تعديلات على الاتفاق السياسي الليبي، مشيرة إلى وجود "تنسيق للجهود الدبلوماسية بين القيادتين السياسيتين في مصر والإمارات الرامية لتحقيق الاستقرار ووحدة أراضي ليبيا ودرء خطر قوى الشر الإرهابية". وقالت وزارة الخارجية الإمارتية إن الاجتماع "يعد خطوة هامة على طريق إحراز تقدم في العملية السياسية وخطوة إيجابية تدعو إلى التفاؤل نحو ضمان حل سياسي"، معربة عن أملها بأن يكون الاجتماع "بمثابة الخطوة الأولى من ضمن مجموعة من الخطوات التي تهدف إلى تحقيق الاستقرار". ورحبت مصر بكافة الجهود الرامية لرأب الصدع السياسي في ليبيا ودعم التوافق بين الأطراف الليبية، مؤكدة عبر تصريح للمستشار أحمد أبو زيد، المتحدث باسم وزارة الخارجية، لصحيفة "البيان" الإماراتية، تعليقًا على اللقاء الذي تم بين السراج وحفتر، أن مصر تدعم التوافق بين الأطراف الليبية من أجل تنفيذ اتفاق الصخيرات"، مؤكدًا أن مصر ستواصل جهودها من أجل دعم الحوار وتنفيذ الاتفاقات التي يتم التوصل إليها بين مختلف الأطراف الليبية، من خلال التنسيق مع آلية دول جوار ليبيا والآلية الثلاثية مع كل من تونس والجزائر وكافة الأطراف الدولية والإقليمية ذات الصلة. زيارة السيسي للإمارات يقول المراقبون إن زيارة الرئيس السيسي للإمارات ضمن زيارته الروتينية التي تعود على إجرائها منذ استلامه السلطة، والتي توضح العلاقات القوية البلدين. ويضيف مراقبون أنه خلال اللقاء الذي جمع السيسي وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، ناقش الجانبان 4 محاور رئيسية، على رأسها دعم أبو ظبي الاقتصادي والاجتماعي للقاهرة، ومنه الألف المدرسة التي تتبنى الإمارات إنشاءها في مصر، فضلًا عن تحديث قاعدة البيانات الخاصة برجال الأعمال الإمارتيين، والتسوية الاقتصادية التي طلبها رجال الأعمال، والتي سوف تتضح بنودها خلال قانون الاستثمار الجديد من المتوقع أن يخرج للنور خلال أيام. وعلى الصعيد الإقليمي ناقش الجانبان التعاون المشترك لحل الأزمة الليبية، بالتزامن مع وجود خليفة حفتر، وفائز السراج في الإمارات، الأمر الذي أشار إلى بوادر حديث عن المسار السياسي الأشمل في حل القضية، كما يرى آخرون أن زيارة السيسي للإمارات جاءت لحل الخلاف بين الدولتين السعودية والإماراتية. آستانة السوري من جانب آخر شاركت القاهرة في الملف السوري مؤخرًا ببيان رحبت فيه عبر وزارة خارجيتها بالاتفاق الذي تم التوقيع عليه في ختام الجولة الرابعة من مفاوضات آستانة بشأن الأزمة السورية، والذي ينص على إقامة أربع مناطق منخفضة التوتر في سوريا. وفي حين غاب الصوت العربي في اجتماع آستانة، والذي سيطرت عليه تركيا وروسيا وإيران، أكدت مصر على دعم كافة الجهود الرامية إلى تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في جميع الأراضي السورية، والوقف الفوري للعنف، وتحسين الأوضاع الإنسانية، وتطلع مصر لأن يسهم الاتفاق الأخير في استئناف مباحثات جنيف السياسية في أسرع وقت تحت إشراف الأممالمتحدة.