كتب: محمود عبد الله وجمال عبد المجيد وسيد عبد اللاه ووسام حسين ومحمد الحسيني ومحمد ربيع وبسمات السعيد: نحو 20 عامًا مرت على عمليات الخصخصة في تسعينيات القرن الماضي، ومنذ ذلك الحين تراجعت الصناعة بخطى سريعة، وخاصة بعد ثورة يناير، ليتم يوميًّا إغلاق مصنع أو شركة كانت تأوى آلاف العمال، لعدم قدرة أصحابها على دفع رواتب العمال بسبب تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية بالبلاد. بحسب بيانات عدد من منظمات عمالية وحقوقية فإن عدد المصانع المغلقة حتى نهاية 2015 وصل لأكثر من 4 آلاف وخمسمائة مصنع، كان بها نحو 250 ألف عامل، أكثرها بالأقاليم والباقي بالمدن الصناعية الكبرى، وأعلنت أول حكومة بعد عزل مرسي عن مبادرة لتوفير 500 مليون جنيه لأصحاب المصانع المغلقة من أجل أزمتهم، ضمن حزمة تنشيط الاقتصاد، وصدر بها قانون من رئاسة الجمهورية إبان حكم عدلي منصور. إغلاق 670 مصنعًا بالسادس من أكتوبر تم غلق 670 مصنعًا بالسادس من أكتوبر بسبب الأزمات المادية، كان يعمل بها آلاف العمال، وأبرزها بصناعة النسيج والغزل والملابس والكيماويات والأغذية والصناعات الهندسية وصناعة الأثاث ومواد البناء. وأكد الأمين العام لجمعية مستثمري 6 أكتوبر محمود برعي، أن هناك مصانع أخرى على وشك الإغلاق لتفاقم ديونها، مما يهدد بكارثة حقيقية للصناعة، موضحًا تناقض في الحديث عن جذب الاستثمارات وفي الوقت ذاته تغلق المصانع. وتابع في تصريحات ل«البديل»: هناك 16 مليون مواطن يمكن تشغيلهم بالمصانع إذا تم فتحها، لكن الدولة تتحدث عن استثمارات خارجية وتنسى مشكلات المصانع ورجال الأعمال المصريين ولا تساعد في الحلول، مما يؤدي في النهاية إلى تدمير الصناعة، حسب وصفه. «أنا مش لاقي مسؤول قادر على حل مشكلة المصانع المتعثرة، طالبنا الرئيس السيسي كثيرًا بحل المشكلة، لكن محافظ البنك المركز الحالي مش موافق يصرف أي مليم، ومحدش قادر يقف قصاده بما فيهم رئيس الجمهورية».. هكذا يقول اللواء مجدي شاهين، صاحب أحد المصانع المغلقة بالسادس من أكتوبر. ويؤكد في تصريحات ل«البديل» أن مصنعه كان يعمل به 500 عامل مدرب مع المعهد الدينماركي على صناعة اللحوم، وتم إغلاقه منذ 1997 لمنع ضخ رأس المال العامل عنه، ولما حصل المصنع على جائز واحد من أفضل منتج عالمي بعد عرض منتجاته بمعرض أنوجا الدولي، فوجئ بعدد من رجال أعمال كانوا وزراء بحكومات مبارك المتعاقبة، يطالبونه ب50% من أرباح المصنع بلا مقابل، وحينما رفض، اتخذ بنك التنمية الصناعي قرارًا بعدم إعطائه الجزء الآخر من رأس المال العامل والمقدر ب20 مليون جنيه، بقرار من الحكومة ورجال أعمال مبارك، مما اضطره إلى غلق المصنع وتشريد العمال، ولم يتبق سوى الماكينات وخفير يحرسه منذ 20 عامًا. تشريد 23 ألف عامل بالإسكندرية يوجد العديد من الشركات المتوقفة بمحافظة الإسكندرية، وتم تشريد ألاف العمال بها، فالشركة الشرقية للكتان والقطن، الكائنة بالرأس السوداء، كانت تضم 13 ألف عامل وثلاثة مصانع، كما تم تشريد 4 آلاف عامل بالشركة العربية للغزل والنسيج «بلوفارا» بعد توقفها عن العمل نهائيًّا، وعدم صرف مرتبات ما تبقى من العاملين وبيع أجزاء من أصولها، وكانت بداية التدهور مع بيعها ضمن حركة الخصخصة التي قامت بها حكومة عاطف عبيد عام 1997، لتصبح ملكية الشركة مقسمة بين الدولة ب16% فقط و8% للبنوك، وأحد المستثمرين يمتلك 22% وباقي الأسهم ملك للأفراد، وبها 4 آلاف عامل مرتباتهم الشهرية سبعة ملايين جنيه. ولم يختلف الأمر كثيرًا بشركة النحاس المصرية، الكائنة بمنطقة حجر النواتية شرق الإسكندرية، والتي يعمل بها نحو 3 آلاف عامل، وتعتبر قلعة من الصناعات المعدنية التي كانت تصدر منتجاتها للدول العربية كافة، وتوقفت عن العمل نهائيًّا منذ 2006. البطالة في زيادة استنكر محمد هندي، رئيس المجلس القومي للعمال والفلاحين، ما أعلنه وزير القوى العاملة، محمد سعفان، بخطاب احتفال عيد العمال هذا العام، بأن العمال في أحسن حال، وتوظيف 182 ألفًا و783 ب568 شركة بمختلف المحافظات، ونفى هندي تلك التصريحات، مؤكدًا أن البطالة ارتفعت إلى 12 مليون و750 ألف عاطل، وأنه تم غلق وتعثر 4 آلاف و650 شركة بالقطاع الخاص بسبب فتح أبواب الاستيراد دون قانون، فتم إغراق الأسواق بمنتجات مستورده بأسعار أقل بكثير من المنتجات الوطنية، ولم يجد أصحاب المخازن سيولة مالية لصرف مرتبات العمال، فتم غلقها وتشريد 350 ألف عامل. تشريد 400 ألف فني أثاث بدمياط بسبب عصابات الاستيراد وأضاف هندي أنه توجد عصابات للاستيراد بمحافظة دمياط، مما ترتب عليه تدمير الصناعة وتشريد 100 ألف فني أثاث خشبي و300 ألف مساعد فني أثاث؛ بسبب استيراد الأثاثات الحديثة من الصين والهند وماليزيا، وهذا دليل تدمير الدولة للصناعات المحلية. وأشار إلى أن عدد عمال القطاع الخاص وصل ل 27 مليون عامل، وبالإضافة ل6.5 مليون عامل بالجهاز الإداري، و23 مليون مزارع، والكل يعيش في مشقة بعد خصخصة الشركات وسقوط ورقة التوت الأخيرة، بحسب ذكره. وأرجع هشام البنا، القيادي العمالي بالمحلة، تعثر شركة سمنود للنسيج والوبريات إلى فساد الإدارة التي تريد غلق المصنع بتوصية من الجهاز المركزي للمحاسبات، خاصة بعد إهدار 76 مليون جنيه لتشغيل الشركة، خاصة بعد إهدار 76 مليون جنيه، وتهالكت الشركة بعد تشغليها دون أي صيانة منذ 2005 وحتى الآن، بهدف تجريف أصول الشركة، وبالفعل تم إصدار قرار بغلق الشركة وبيع أصولها. وأشار إلى أن شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى ثاني الشركات التي أصابها التدهور، حيث بلغت خسائرها نحو 600 مليون جنيه لعدم استغلال الطاقة الكاملة للمصنع الكاملة وغلق عدد من الأقسام، حيث اتفقت الإدارة مع عدد من رجال الأعمال برعاية الشركة القابضة للغزل والنسيج ووزير الاستثمار السابق، أشرف سالمان، بالاستيلاء على 34 فدانًا من أراضي الشركة لتقسيمها وبيعها لرجال الأعمال تحت شعار إنشاء منطقة صناعية جديدة بالمحلة الكبرى، وتم بيع المتر ب300 جنيه، علمًا بأن بأنه يصل ل5 آلاف جنيه. وأضاف: وحتى تمر الصفقة أشاع محافظ الغربية أنه سيتم تخصيص الأرض للشباب عن طريق القروض، وجمع عدد كبير من شباب المدينة توقيعات لسحب الثقة من الإدارة وتقديم مذكرة عاجلة للبرلمان والرئيس لمنع هذا المخطط، والمطالبة بسرعة توفير الدعم اللازم لشراء مستلزمات الإنتاج لتشغيل الماكينات التي توقف معظمها بدلًا من إنشاء منطقة صناعية جديدة. إغلاق 750 مصنعًا خلال 6 سنوات بالسويس وفي محافظة السويس تم غلق نحو 750 مصنعًا، منذ 25 يناير حتى الآن، ما بين مصانع صغيرة ومتوسطة وكبيرة، وقطاع خاص وعام وأعمال؛ بسبب الأوضاع الاقتصادية بالبلاد وعجز أصحابها عن سداد الديون. وجاءت مصانع مصر إيران للغزل والنسيج والزيوت المتكاملة والبولي استر الهندية، في مقدمة تلك المصانع، ورغم إسناد مهمة إعادة تشغيل مصانع السويس المتوقفة إلى وزارة الاستثمار عقب اجتماع اللجنة الوزارية لمجلس الوزراء بعد زيادة عدد المصانع المتوقفة، إلَّا أنها في تزايد مستمر وتسريح العمالة يزداد يوميًّا. وبدأت الشركات في بيع أصولها، مثل «مصر ايران» للغزل والنسيج، التابعة للشركة القابضة للغزل والنسيج، بسبب أزمة مالية في 2012، وتم بيع مصيف العاملين بأقل من قيمته وبأقساط، ولم يوف ذلك بالتزامات الشركة تجاه العمال، الذين نظموا عدة وقفات طوال الأعوام الأربعة الماضية لتأخر مستحقاتهم المالية. وتقاعست الإدارة عن سداد أموال تأمينات العمال، رغم تحصيلها شهريًّا من رواتبهم، وحجزت التأمينات على أرصدة الشركة بالبنوك في يونيو، لحين سداد المستحقات المتأخرة وكانت وقتها خمسة ملايين جنيه. 17 مليار جنيه تعجز محافظة المنيا عن تحصيلها كأراض لشركة حليج الأقطان توقفت مصانع شركة النيل لحليج الأقطان بالمنيا عن العمل منذ 15 عامًا بقرار الخصخصة في تسعينيات القرن الماضي، والتي تبلغ مساحتها مليونًا و400 ألف متر تقريبًا؛ لتكهين معداتها وبيع الأخرى، وإحالة العاملين إلى المعاش المبكر، وفي 2011 تم رفع دعوة في برقم 37542 لسنة 65 ق، وقررت محكمة القضاء الإداري عودة تلك المصانع للدولة، ولم ينفذ الحكم حتى الآن. وقال خيري مرزوق، رئيس اللجنة النقابية لمصانع حليج الأقطان: الشركة كانت تحقق أرباحًا ضخمة، ثم بدأت في الإنهيار بشكل مريب بعد خصخصتها، وبدأنا نلاحظ تطفيش العمال وتصفية الشركة وتحويل أراضيها للقطاع العقاري؛ لوقوعها بمناطق حيوية، ويزيد سعر المتر بها الآن عن 40 ألف جنيه. ويضيف خيري ل«البديل» تدمير الشركة بدأ عن طريق شل حركة الإنتاج بقطع خطوط الكهرباء وتعطيل محطات المياه، وتخفيض المرتبات بشكل كبير، مع إحالة عدد كبير للمعاش المبكر عنوة، متسائلًا: لمصلحة من يتم بيع الشركة المتميزة في الصناعات كافة ب250 مليون جنيه فقط، ويتم تحويلها إلى خرابة حسب ذكره، في حين أن قيمة الشركة الفعلية كانت تزيد حينها عن 5 مليارات جنيه، وأعلن محافظ المنيا الحالي أن قيمة الأراضي فقط تقدر بنحو 17 مليار جنيه على أقل تقدير، ولكن يجب تسوية النزاعات مع ملاك الشركة أولًا قبل استردادها. تسريح 3 آلاف و500 عامل ب«بصل وبيبسي» في سوهاج وفي سوهاج تم إغلاق مصنع «بصل سوهاج» الذي يتبع شركة النصر لتجفيف المنتجات الزراعية في 2008؛ بسبب خصخصة الشركة التابع لها ورغبتها في بيع أرض المصنع مباني خاصة، للارتفاع الملحوظ لسعر الأرض بالمنطقة. كما تم إغلاق مصنع بيبسي سوهاج في 2014 وكان يضم أكثر من 500 عامل تم تسريحهم لرغبة الشركة في بيع أرض المصنع مباني، ورغم استغاثات العاملين وقطع طريق الجامعة أكثر من مرة وتنظيمهم العديد من الوقفات والاحتجاجات أمام المصنع، وتدخل وزيرة القوى العاملة، إلَّا أنه تم بيع أرض المصنع عقارات بأسعار مرتفعة.