مخرج «قواعد العشق» ل«البديل»: نقدم الحس الصوفي بالمسرح.. والدين الصحيح قائم على الحب من الصعب تحويل رواية حققت مبيعات كبيرة إلى عرض مسرحي العروض مستمرة طالما هناك جمهور رحلة إلى العشق الإلهي والحب الصوفي بالقرن الثالث عشر، حينما التقى المتصوّف الأفغاني الإيراني التركي جلال الدين الرومي بتوءمه الروحي الدرويش شمس التبريزي؛ لتشاهد ملحمة من الحب والعشق وكيف تحول الإمام الأكبر الذي استحوذ على حب الناس واحترامهم إلى أهم شاعر صوفي في تاريخ الإسلام. في عزلة تامة عن العالم الخارجي اجتمع الرومي والتبريزي لمدة 40 يومًا، متبحران في قواعد العشق الأربعين التي تخترق قلبك وتحررك من الأنا لتسبح في الحب الإلهي، ليتحول مولانا جلال الدين الرومي من مجرد رجل دين إلى شاعر صوفي، داعيًا إلى حب الله الخالص متحررًا من القيود ليخرج من عباءة الدين إلى وحدة الأديان وتفضيل العشق الإلهي على غيره من متع الحياة. خرج العرض المسرحي «قواعد العشق الأربعون» والذي يحاكي رواية الكاتبة التركية إليف شفق، والتي تحمل الاسم ذاته وهي الرواية الأكثر مبيعًا في تركيا، باعثًا للحب والتسامح بين الأديان بصورة فنية متكاملة من انسجام بين فريق العمل إلى الأزياء والديكور البسيط الثابت طول مدة العرض، وهو من بطولة بهاء ثروت، فوزية، عزت زين، دينا أحمد، هاني عبدالحي، محمد عبد الرشيد، إيهاب بكير، هشام علي، والمطربة أميرة أبوزيد، والمنشد سمير عزمي، بمشاركة فرقة المولوية العربية، وإخراج عادل حسان. بأريحية شديدة ينتقل الممثلون بين الحجرات المقسمة على خشبة المسرح إلى الغناء الصوفي وأداء المولوية للرقصات الصوفية، وكأنهم فرقة غنائية تعزف مقطوعة متناسقة تحت إشراف المايسترو عادل حسان مخرج العرض. في إقبال كثيف يتزاحم الجمهور أمام مسرح السلام بشار قصر العيني، لحضور العرض المسرحي «قواعد العشق الأربعون»، جمهور مختلف تمامًا ما بين رجال كبار في السن وسيدات ارستقراطيات وشباب تغلب عليهم اللمحة الثقافية وشخصيات مرموقة في المجتمع، الجميع ينتظر الدخول، وما أن حان موعد العرض يتوافد الجمهور متخذين أماكنهم داخل صالة العرض، وقبل لحظات من رفع الستار، يعزف النشيد الوطني ويقف الجميع في حالة تأهب للرحلة الروحانية، والتي تبدأ بصوت المغني الصوفي سمير عزمي، منتقلًا بنا إلى رحلة التصوف التي جمعت بين جلال الرومي وشمس التبريزي. كان ل«البديل» هذا الحوار مع المخرج المسرحي عادل حسان.. إلى نص الحوار. مع رفع الستار في العرض الافتتاحي لمسرحية «قواعد العشق الأربعون».. ماذا كان شعوركم؟ بعد معاناة شديدة، وفقًا للظروف التي استوقفت العرض، كان لدينا شعور بأن يومًا ما سنفتتح العرض للجمهور، وبعد سنة ونصف من التحضيرات، ومع العرض الأول وحالة الإقبال الكبيرة من قِبَل الجمهور على هذا العمل «قواعد العشق الأربعون»، الذي يقدم مسرحًا مختلفًا عما يقدم في الفضائيات، لمسنا السعادة على وجوه المتفرجين بنهاية العرض، وهذا وحده كان كافيًا لكي نتناسى التعب وطول فترة البروفات ومشقة التحضير للعرض؛ لأن أهم ما ينتظره الفنان والمبدع هو رسم البسمة على وجوه الناس. ما الذي دفعك إلى تحويل رواية العشق الأربعون من عمل أدبي إلى عمل مسرحي مرئي؟ في الحقيقة أنا مهتم بالمسرح الذي له شق وحس صوفي، وظهر ذلك ظهر 2009 بتقديم مسرحية «الجبل» للكاتب الفرنسي من أصل تونسي الطاهر بن جلون، على مسرح الشباب بمشاركة فرقة المولوية المصرية والمنشد عامر التوني، وكنت أتحسس أول تجربة تلمس لدى القصيد الصوفي في العرض المسرحي. عندما صدرت رواية قواعد العشق الأربعون لإليف شفق في 2014، والتي أحدثت ضجة كبيرة ومبيعات ضخمة، بدأت استمع حديث الناس عنها و آراء كثيرة حولها على مواقع التواصل الاجتماعي، حينها انجذبت تجاه الرواية وقمت بشرائها وبعد الانتهاء من القراءة الأولى راودني حلم تقديمها كعمل مسرحي رغم صعوبة ذلك. متى بدأ التحضير للعمل على أرض الواقع؟ كانت البداية عندما اخترت الرواية لتقديمها كعمل مسرحي، وبدأ التحضير في أواخر عام 2015، ومن المفارقات أن العمل لم يكن من إنتاج فرقة المسرح الحديث، فكان المشروع في البداية مقدمًا للمخرج محمد دسوقي، مدير مسرح الطليعة، في ذلك الوقت، مع حدوث حركة تنقلات بين مديري الفرق بمسارح الدولة، تعثر المشروع وانتقل بعد ذلك للمسرح الحديث. بدأنا بورشة كتابة استمرت ستة أشهر لاستخراج نص العرض المسرحي، ووالنسخة التي افتتح بها العرض هي الثالثة بعد نسختين سابقتين تم تطويرهما، وأثناء التحضيرات أغلق مسرح السلام لأسباب تتعلق بالدفاع المدني، واستمرت البروفات ولم ينقطع الأمل لدينا. هل تجد أن كتاب نص العرض المسرحي من رواية 500 صفحة.. مغامرة؟ نعم، مغامرة كبيرة العمل على رواية لديها شعبية كبيرة وقراء، والمراهنة على النجاح مغامرة أكبر، لكن في الحقيقة الرهان هنا كان على الجمهور الواعي الذي سيساند العرض ويدعمه، ولم يفارقنا القلق طوال فترة التحضير للعمل، وكان يتردد هذا السؤال على لسان كل فريق العمل، هل العمل هينجح؟ هل يلاقي جمهور وسط أشكال المسرح الأخرى، خاصة إننا تجربة مسرحية مختلفة عن السائد؟ والحقيقة قدرنا نكسب الرهان، وأقبل علينا الجمهور وكل التعليقات كانت إيجابية. لذلك أسندت مهمة كتابة نص المسرحية إلى الكاتبة رشا عبد المنعم، وهي كاتبة مسرحية مهمة ولها باع في المسرح المستقل، طلبت منها قراءة الرواية وبعد ذلك اقترحت عليها أن يكون النص نتاج ورشة عمل، بالفعل شارك في كتابة النص كل من الكاتب خيري الفخراني وياسمين إمام، وبدأت اعمل جلسات عمل بين الفريق لكي يلتصق فكريًّا وحتى يخرج العرض بهذا الانسجام والتناغم. ما هي الرسالة التي أراد صناع مسرحية قواعد العشق الأربعون توصيلها للجمهور؟ الهدف والرسالة من المسرحية نشر الحب والتسامح من خلال القضايا التي يتناولها العرض المسرحي، والتأكيد على المشاعر الإيجابية والود بين الناس؛ نظرًا لحالة العنف التي نشهدها مؤخرًا في الشارع وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، فأصبحت الحالة العامة توحي بعدم تقبل اختلاف الآخر، لذلك نحن هنا من على خشبة مسرح السلام نشجع على الحب والتسامح وقبول الآخر، ونؤكد أن صوت الدين الصحيح يجب أن يكون حاضرًا. المسرحية تتناول قضايا اجتماعية من منظور ديني وروحاني.. هل سنشاهد هذا النوع من المسرحيات فيما بعد؟ المسرح المصري مهتم بقضايا المجتمع منذ زمن بعيد، ولكن تختلف طريقة تناول المشكلات من كاتب إلى آخر ومن مخرج إلى آخر؛ لأن مجال العمل المسرحي متسعًا وليس له أفكار واحدة، وأتمنى أن يسود هذا النوع من المسرح في الفترة المقبلة، وأن كون الرسالة من المسرحية قد وصلت إلى الجمهور. هل كان هناك مشكلات إنتاجية؟ حاولنا أن نقدم تجربة جديدة ومختلفة على مستوى الصورة المرئية والتقطيع والتقنية وفقًا للإمكانيات البسيطة التي أتيحت لنا، وأتمنى أن تتسع المساحة المفتوحة للعروض المسرحية من هذا النوع، وعلى البيت الفني كما يتبني العروض ضخمة الإنتاج أن ينظر أيضًا إلى العروض الصغيرة، وهذا يحدث لكن على استحياء، وعلى كل حال لدينا أمل كبير في المخرج إسماعيل مختار، رئيس البيت الفني للمسرح، بأن تتاح الفرصة للجميع؛ لأنه لديه رؤية مختلفة. هل هيستمر العرض المسرحي خلال الفترة المقبلة؟ نعم العرض مستمر ويلقى ترحيبًا كبيرًا ودعمًا من وزارة الثقافة ممثلًا في الكاتب الصحفي حلمي النمنم، بالإضافة إلى كل القيادات المسؤولة عن البيت الفني للمسرح التي تدعم التجربة، «العروض مستمرة طول ما فيه جمهور مقبل على العرض»، كما أطالب جمهور المسرح وكل المهتمين في القاهرة والمحافظات بمشاهدة نوع جديد من المسرح به جرأة أن يحضر العرض.