رغم قلة الأحداث المرتبطة بالشأن الخارجي المصري الأسبوع الماضي، إلا أن ما حدث من تطورات على المستوى الدولي، بدءًا من زيارة نائب رئيس مجلس الرئاسي الليبي أحمد معيتق وما تمثله هذه المقابلة من تحركات مصرية جديدة في الملف، وصولًا إلى الشرخ المستمر في العلاقات بين الخرطوموالقاهرة، كان له أثر على الساحة المصرية. التوتر المصري السوداني تلوح في الأفق بوادر أزمة سياسية بين الخرطوموالقاهرة، من ادعاء جديد للسودان بوجود ما أسمته استفزازات مصرية في منطقة حلايب المصرية، بالإضافة لتقارير تزعم أن القاهرة ترغب في تمديد العقوبات على السودان على خلفية قضية دارفور، كما إنها فرضت في الأسبوع ذاته تأشيرة على المصريين الراغبين في السفر إلى السودان. وبينما تحاول القاهرة استخدام الدبلوماسية الهادئة في توجيه رسائلها للخرطوم، بدت الأخيرة في خطابها أكثر حدة، وهو ما تجلى في عدد من التحركات والقرارات التي تشير إلى توجه سوداني جديد في التعامل مع مصر، الأمر الذي أرجعه مراقبون لتقارب السودان مع الخليج، وخاصة السعودية. وقام رئيس السودان عمر البشير مؤخرًا بزيارة للعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، أكد خلالها أن الأمن القومي الإثيوبي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي السوداني، مشددًا على أن أي تهديد لأمن إثيوبيا هو تهديد مباشر لأمن السودان، ما فهم منه البعض أن المقصود من وراء ذلك مصر. كما قامت القوات الجوية السودانية والسعودية بإجراء تدريبات مشتركة، بالقرب من الحدود الجنوبية لمصر، وقال نائب رئيس أركان القوات الجوية السودانية، اللواء صلاح الدين عبد الخالق، إن التدريبات تهدف إلى رفع القدرات القتالية للقوات الجوية في البلدين، وإعدادها لمواجهة أي عمليات مشتركة مستقبلًا. إضافة إلى ما أعلنت عنه شعبة مستوردي الخضر والفواكه السودانية عن اعتزامها توقيع عقود جديدة لاستيراد بعض الخضراوات والفواكه من دول المغرب وسوريا ولبنان وإسبانيا وجنوب إفريقيا، عوضًا عن الخضر والفواكه المصرية المحظور دخولها إلى البلاد منذ نحو عام. التوتر الراهن بين مصر والسودان وسعي الأخير لإحراج القاهرة قد يعود إلى تحسن علاقات السودان مع دول الخليج، فبحسب الدكتور هاني سليمان، الباحث المتخصص في الشؤون الدولية والعربية، فإن الزيارات الخليجية للخرطوم، خاصة قطر والسعودية، في ظل علاقة يشوبها التوتر بين هاتين الدولتين مع مصر، أحد أسباب استقواء السودان مؤخرًا، خصوصًا وأن الخرطوم لم تعد بحاجة ماسة إلى القاهرة، بالنظر إلى أنها لم تحصل على مكاسب من النظام المصري. وأشار سليمان إلى أن مشاركة الخرطوم بشكل واسع في الحرب اليمنية أعطاها قوة إضافية وجرأة في تصعيدها ضد القاهرة، فيما ردت مصر سياسيًّا عبر وزارة الخارجية المصرية على اتهامات السودان التي تزعم أن القاهرة تسعى لتمديد العقوبات على السودان في مجلس الأمن، مؤكدة أن "مصر تتخذ مواقفها بشأن السودان في مجلس الأمن بالشكل الذي يحافظ على مصالح الشعب السوداني". وقالت الخارجية المصرية في بيان أمس الخميس، أن "لجنة العقوبات الخاصة بالأوضاع في دارفور لم تناقش من قريب أو بعيد في اجتماعاتها الأخيرة مسألة تمديد العقوبات على السودان، حيث إن مجلس الأمن قد أصدر بالفعل القرار 2340 في 8 فبراير الماضي بتمديد تلك العقوبات لمدة عام قادم، وإن مصر كانت من أكثر الدول التي قامت بدور فعال في اعتماد قرار متوازن يحافظ على المصالح العليا للشعب السوداني". تحرك مصري جديد في الملف الليبي في الملف الليبي كانت القاهرة أقرب إلى فريق طبرق المتمثل في الجيش الليبي بقيادة حفتر، ومجلس النواب الليبي، إلا أن القاهرة بدت من خلال لقاءاتها تحاول تقريب النظر مع الطرف الآخر المتمثل في فريق السراج وحلفائه في طرابلس، حيث استقبل سامح شكري، وزير الخارجية، الاثنين الماضي نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي أحمد معيتيق، الذي زار القاهرة في إطار الجهود المبذولة للتوصل إلى تسوية للقضية الليبية. وأشار المتحدث باسم الخارجية إلى أن معيتيق ثمن الدور المصري الرامي لتمكين الأطراف الليبية من التوصل إلى تسوية تنهي الأزمة في ليبيا، كما قام بإطلاع الوزير شكري على أبرز تطورات الأوضاع على الساحة الليبية خاصة الاقتصادية، مؤكدًا على ضرورة العمل على تحريك الملف الاقتصادي بالتوازي مع المسار السياسى، بما يسهم في تحقيق التنمية والمعيشة الكريمة للمواطنين الليبيين. وفي ذات السياق أكد شكري على ضرورة العمل على تحقيق الاستقرار الأمني والسياسي في ليبيا، من خلال مصالحة وطنية بين مختلف الأطراف الليبية، ترتكز على اتفاق الصخيرات، مشددًا في هذا الصدد على تطلع مصر إلى استكمال الشكل المؤسسي للدولة الليبية، والتوصل الى توافق يضمن تنفيذ الاتفاق السياسي، وتوفير الدعم الدستوري لحكومة الوفاق الوطني، بما يسمح لها بأداء مهامها وإدارة مؤسسات الدولة الليبية بكفاءة تحقق تطلعات وطموحات الشعب الليبي الشقيق. وأكد شكري على مواصلة مصر لمساعيها الحثيثة من أجل تحقيق المصالحة الشاملة في ليبيا دون إقصاء في إطار الحوار الليبي/ الليبي ودون أي تدخل خارجي، والتوصل إلى حلول ترضى جميع الأطراف، وتحافظ على كيان الدولة الليبية، وتصون مقدرات شعبها.