حالة من الصدمات والتساؤلات العديدة طرأت لدى المواطنين في قطاع غزة على إثر خصم السلطة الفلسطينية لثلث رواتب جميع الموظفين المنتفعين منها، سواء المدني أو العسكري في قطاع غزة، إذ قامت السلطة الفلسطينية بقرار رئيسها محمود عباس باقتطاع 30% من رواتب الموظفين دون إبداء أي أسباب، ما اعتبره العديد خطوة للتخلي عن قطاع غزة والانفصال التام عنها، فيما رأى آخرون أن أطرافا أخرى كمحمد دحلان سوف تستغل هذا الوضع القائم وتحتوي هؤلاء الموظفين الذين خرجوا للشوارع وأعلنوا اعتصامات واضرابات احتجاجاًعلى الخصم الذي طالهم، كذلك قدمت كتل فتحاوية وأقاليم في مختلف أنحاء القطاع استقالتها، وطلبت كتل أخرى اعفائها من مهامها تمهيدا للاستقالة. هذا الأمر ورغم أثره السلبي البالغ، خلق نوعا من التكاتف الاجتماعي في قطاع غزة، حيث موظفو رام الله الذين يتقاضون راتبهم كاملا منذ الانقسام، وبدأت خصومات في رواتبهم حديثا، لم يشعر بهم أحد أكثر من موظفي حكومة قطاع غزة، الذين يحصلون على سلف مالية من رواتبهم الأساسية منذ بداية الانقسام، حتى وصل الأمر أن ينادوا أخوانهم وأصدقائهم ويعدونهم بتقاسم الرغيف معا إن ضاقت عليهم الدنيا. لكن الضرر الأكبر لحق بالموظفين الذين كانوا قد حصلوا على قروض من البنوك بضمانة رواتبهم المستمرة من السلطة الفلسطينية، فغالبيتهم من فئة الشباب الذين بدؤوا حياتهم بهذه الطريقة، ويقتطع البنك شهريا جزءا كبيرا من رواتبهم، ولكن بعد خصم السلطة 30% من رواتبهم، أصبحت الآن محصلة رواتبهم الذين يحصلون عليها لا تتجاوز 50 دولار ومعظمهم لديهم عائلات. وفي تصريحات لا تمت للواقع بأي صلة، قال روحي فتوح، عضو اللجنة المركزية بحركة فتح، إن الرئيس عباس يتابع ملف الموظفين عن كثب، إذ يعتبر عباس جميع الموظفين أبنائه ولا يميز بين موظفين غزة والضفة الغربية، رغم أن الخصم طال موظفي قطاع غزة وحدهم. وأكد فتوح أن الرئيس سيعقد اجتماعا السبت المقبل بأعضاء اللجنة المركزية لمتابعة الأمر، مطالبا من يستغل أوضاع الموظفين، بعدم الاصطياد في الماء العكر، واصفا هذا الملف بالداخلي. وعلى صعيد آخر، وصف مواقبون أن هذا الأمر يصب المزيد من الزيت على نيران الانقسام المستمر، إذ خرج محمد دحلان بتصريحات حاول من خلالها توظيف الأزمة لصالحه، حيث نشر على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: بعيدا عن كل القواعد و القيم الأخلاقية يرتكب محمود عباس و زمرته جريمة كبرى مستهدفا لقمة عيش أهلنا في قطاع غزة بخصم ما يوازي 30% من رواتب موظفي السلطة ، دون وجه حق أو أي مسوغات قانونية و بمبررات سخيفة وواهية. وقال مراقبون، إن دحلان سيحاول ضم هذه الأعداد لصالحه في حربه ضد الرئيس عباس، أما على الصعيد الشعبي فالغضب طال الجميع، واستنكر الموظفون هذا الخصم، وخرجوا في اعتصامات مهددين بإضرابات لا تنتهي في حال استمر الخصم، حاملين لافتات مختلفة، أهمها أن الرواتب حق أبنائهم وعائلاتهم، ولا يجوز حرمانهم منهم، ولا يعتبر منة عليهم من أحد. وفي ظل الجهود التي يسعى لها الفلسطينيون لإنهاء الانقسام وإعادة الوحدة للصف الفلسطيني، تأتي قرارات كهذه لتعزز الانقسام، وتزيد من معاناة الموظفين الذين يواجهون الويلات في قطاع غزة، ولا نصير لهم حتى حكوماتهم.