بلغ حجم الإنفاق المتوقع في الموازنة العامة المقترحة للسنة المالية 2017/ 2018 مبلغ 1.2 تريليون جنيه حسبما أعلن رئيس الوزراء شريف إسماعيل، بزيادة 264 مليار جنيه، بعد أن سجلت في العام المالي السابق 2016 / 2017 مبلغ 936 مليار جنيه مصري، بزيادة 72 مليار جنيه عن العام المالي السابق عليه، الذي سجل حجم الإنفاق نحو 864.6 مليار جنيه. زيادة حجم الإنفاق في الموازنة العامة الجديدة التي يناقشها مجلس الوزراء حاليًّا، مع خطة الحكومة التي اتبعتها في تقليص الدعم على السلع والخدمات والطاقة، يؤكد فشل الإدارة الحكومية في القرارات التي اتخذتها خلال العام المالي 2016/2017، فتعويم العملة وزيادة حجم الاستيراد بالعملة الأجنبية أثرا على حجم زيادة الإنفاق الحكومي، وبالتالي سيكون لهما تأثير على زيادة عجز الموازنة بين الإنفاق المتزايد والإيرادات التي تجمع من خلال الضرائب والقروض. انخفاض قيمة النقود كان أحد الأسباب التي أثرت على زيادة حجم الإنفاق، فبعد قرار البنك المركزي بتعويم الجنيه وانخفاض قيمته، أصبح أمام الحكومة مسؤولية توفير أموال سداد القروض التي تعدت داخليًّا 2.7 تريليون جنيه، وخارجيًّا 60.2 مليار دولار، بالإضافة إلي فوائدها التي تسدد بالعملة الأجنبية التي زادت الضعف تقريبًا بعد هذا القرار. وقال وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، إن زيادة الإنفاق في الموازنة العامة الجديدة للحكومة بقيمة 264 مليار جنيه جاءت نتيجة سوء الإدارة بالنسبة للإصلاح الاقتصادي، فهذه الزيادة نتجت عن قرار تعويم الجنيه الذي اتخذه طارق عامر محافظ البنك المركزي في نوفمبر من العام الماضي. وأوضح النحاس ل«البديل» الكارثة التي تشهدها الموازنة، قائلًا إن دعم التموين ارتفع في الموازنة الجديدة إلى 86 مليار جنيه من 42 مليار نتيجة تعويم الجنيه فقط، هذا غير فوائد الديون التي زادت من 292 مليار جنيه إلى 380 مليار جنيه، ونحن هنا لا نتحدث عن أقساط الدين، بل فوائد القروض. وأوضح أن المتوقع في الموازنة الجديدة أن تحصل الحكومة 600 مليار جنيه من الضرائب بدلًا من 426 مليار جنيه العام الماضي، والذي في الأساس لم تحصل منها سوى على 350 مليار جنيه فقط، في ظل أن الاقتصاد لم يكن قد هوى مثلما نحن فيه الآن بعد قرار التعويم، فإذا لم تنجح الحكومة في تحصيل الضرائب المتوقعة في ظل الركود الاقتصادي، فسندخل في كارثة حقيقية، فلو نجحت في تحصيل 400 مليار جنيه من أصل 600 مليار جنيه، نكون قد جمعنا فوائد الديون فقط، وهنا تكمن الكارثة.. كيف ستصرف الموازنة على باقي البنود؟ فنسبة عدم تحقيق المطلوب ترتفع إلى معدل الخطورة، ونحن الآن نقترب من مرحلة عدم القدرة. وأكد الخبير الاقتصادي أن زيادة الموازنة تريليون جنيه في الناتج المحلي دون أن نشهد أي زيادة في الإنتاج كارثة أخرى، فمع تزايد الأسعار عالميًّا وتقليل الدعم بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي وزيادة ضريبة القيمة المضافة 1% سترتفع الأسعار في ظل حالة التردي في الأسواق بالكامل؛ ولذلك وجب إقالة ومحاسبة طارق عامر صاحب قرار التعويم. وشدد على أن الحكومة تتصرف على أنها دولة غنية بمشروعات في المدينة الفاضلة، ووقعت في نفس الفخ الذي وقع فيه «مبارك» في أوائل الثمانينيات، وحول أموال مصر إلى أسمنت وحجارة ومبانٍ، وهذا رهان خاطئ؛ لأن الحكومة ستتحول إلى سمسار عقارات، بعد الانتهاء من مشروع العاصمة الإدارية الجديدة. وأضاف أنه طالما هناك زيادة في فوائد الديون والحصول على قروض جديدة لعمل مشروعات لا تأتي بعوائد، فهذا يعني أن الإدارة فاشلة، وعلينا الرجوع للخلف خطوة لمحاسبة أنفسنا؛ لأن التاريخ لن يرحم أحدًا.