طرح البنك المركزي أذون خزانة بقيمة 11 مليار جنيه؛ لسد عجز الموازنة العامة، الذي وصل في تقرير وزارة المالية النصف الأول من العام المالي الحالي 2016 / 2017، إلى 174.6 مليار جنيه، بما يعادل 5.4% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 172.5 مليار جنيه العام المالي الماضي، بزيادة 2.1 مليار جنيه. اقتراض الحكومة داخليًّا وخارجيًّا لسد عجز الموازنة أصبح أمرًا غير مقبول في ظل تزايد الدين الداخلي، الذي وصل إلي 2.7 تريليون جنيه بنهاية سبتمبر 2016، كما ارتفع الدين العام الخارجي إلى 60.2 مليار دولار بنهاية نفس الشهر من العام الماضي، مقابل 55.8 مليار دولار في نهاية يونيو 2016، بزيادة قدرها 5.6 مليار دولار. يرى بعض الخبراء الاقتصاديين أن كثرة الديون التي تعمل الحكومة على اقتراضها داخليًّا وخارجيًّا تجعل الأجيال القادمة أمام مأزق تسديدها، الأمر الذي يتحمل أعباءه الطبقات الفقيرة والحكومات القادمة، بسبب سياسة الحكومة في الإسراف في الاقتراض لسد عجز الموازنة أو دين قديم، فتتراكم الديون بسبب فوائد القروض، وتدخل الدولة في دوامة سداد فوائد القروض عن طريق قروض جديدة. وقال الدكتور أحمد خزيم، الخبير الاقتصادي، إن الحكومة الحالية أدمنت الاقتراض لسد عجز الموازنة، ولكن في حقيقة الأمر هذا الاقتراض لا يسد العجز، بل يؤدي إلى زيادته، لزيادة فوائد الديون وإفقار الجنيه وإفقاده ما تبقى من قيمته. وأضاف خزيم ل«البديل» أن المجوعة الاقتصادية في الحكومة أصبحت تدير الدولة من خلال الاقتراض وأذون الخزانة والجباية من الشعب المصري، وكأنه لا يوجد في مصر مصادر دخل حقيقية تأتي لسد عجز الموازنة، موضحًا أن البنك المركزي تواطأ مع الحكومة في مسألة الاقتراض. وأكد الخبير الاقتصادي أنه طالما لا توجد قوانين وتشريعات في ظل زيادة الاقتراض الذي أدمنته الحكومة من الداخل والخارج، سيؤدي ذلك إلى مزيد من إفقار الشعب وزيادة حالة الركود التضخمي الذي يعاني منها الاقتصاد المصري خلال الفترة الماضية عقب تعويم العملة المحلية. وأوضح الدكتور محمد نور الدين، الخبير الاقتصادي، أن هذا الطرح هو جزء من عملية تقليدية يقوم بها البنك المركزي لتوفير التمويل اللازم لسد عجز الموازنة العامة للدولة، ويلاحظ في ذلك أن هذه الأذون تغطي العجز الجدي في الموازنة العامة عن العام الحالي، وأيضًا تغطي عملية جدولة الأذون التي سبق إصدارها في فترات سابقة واستحقت السداد خلال الفترة الحالية، أي أن الأذون لا تمثل كلها ديونًا جديدة على الحكومة، بل جزءًا منها يضاف إلي الديون؛ لتخلصها من ديون سابقة. وأضاف نور الدين ل«البديل» أنه طبقًا لاتفاق الحكومة مع صندوق النقد الدولي، فإنه يجب عدم التوسع في عجز الموازنة، بل على العكس يجب تقليص هذا العجز تدريجيًّا؛ لينخفض من 11.5% من الناتج المحلي الإجمالي في 2014/2015 إلى 9 % فقط في 2017/2018 كما جاء في برنامج عمل الحكومة. وأكد أن الحكومة لا تفكر إطلاقًا في زيادة الإيرادات العامة من الضرائب، خاصة الضرائب التصاعدية، التي نص عليها الدستور، والتي رحب بتطبيقها كثير من رجال الأعمال وجمعيات المستثمرين، في إعلانات مدفوعة وليس في تصريحات عادية لوسائل الإعلام، وهي ضريبة أوصى صندوق النقد الدولي نفسه بإدخالها في مصر، وبسببها تأجل قدوم بعثة الصندوق، كما أن الحكومة تحاول التملص من فرض ضريبة على الأرباح الرأسمالية للتعامل في البورصة، ولهذا فإن الحكومة فعلًا تفضل أن تقترض، وتظلم الأجيال المقبلة، وتكبلها بالديون، على الاستماع إلى العديد من الاقتراحات التي تقدم لها لزيادة إيرادات الموازنة.