لا يزال الملف اليمني يحتل المرتبة الأولى بين الملفات المعقدة في المنطقة بعد الملف السوري والليبي، وبحسب المعطيات المتواترة ميدانيا وسياسيا، فلا يبدو أن هناك انفراجة مرتقبة على المسار السياسي، في حين يزداد الميدان تعقيدا واشتعالا دون أن يحرز التحالف أي تقدم من شأنه أن يعطيه القدرة على فرض خيارات سياسية على الطاولة. موقف أمريكي جديد من الملف اليمني : بعد أسابيع قليلة من إعلان الإدارة الأمريكية الجديدة عزمها على دراسة موضوع التدخل العسكري المباشر في الحرب على اليمن، برز مطلع الأسبوع الجاري موقف جديد لإدارة ترامب بخصوص الملف اليمني وُصف بالصادم للتحالف ولحكومة الرئيس المستقيل عبدربه منصور هادي التي كانت قد احتفت بالإعلان السابق. وكشف السفير الأمريكي لدى اليمن ماثيو تولر أن الإدارة الجديدة متسمكة بنفس نهج الإدارة السابقة في سبيل الوصول إلى حل للصراع في اليمن دون تغيير، مؤكدا أن البيت الأبيض متمسك بخطة كيري التي أعلنها من مسقط بعد الاتفاق مع وفد أنصارالله قبيل نهاية العام الماضي، وهي الخطة التي تحفظت عليها حكومة هادي. وفي الصعيد ذاته؛ أوضح الناطق باسم حركة أنصارالله محمد عبد السلام أن موقف الحركة الثابت يتلخص في أن ما تم التوقيع عليه في مسقط فيما يخص وقف العدوان وآثاره وعقد جولة من المفاوضات باعتبار خطة الأممالمتحدة أرضية للنقاش لما يفضي لحل شامل موقفنا الثابت. ووصفت تصريحات تولر بالصادمة، خاصة وأنها جاءت على إثر تصريحات لمسؤولين يتبعون هادي من بينهم السفير لدى واشنطن أحمد عوض بن مبارك وممثل اليمن لدى الأممالمتحدة خالد اليماني والتي بشرت بتغيير كبير في رؤية إدارة ترامب للملف اليمني قد يصل إلى مستوى التدخل العسكري المباشر. وفي السياق ذاته اعتبرت جماعة أنصارالله أن العدوان على اليمن يراد منه فرض أجندات تابعة للمشروع الأمريكي في المنطقة، حيث قال عضو المكتب السياسي لأنصارالله وعضو الوفد المفاوض حمزة الحوثي إن العدوان على اليمن يأتي في سياق مشروع أمريكي إسرائيلي واسع يحدث في المنطقة يهدف إلى تدمير الأمة العربية والإسلامية وتدمير كياناتها وإضعافها وإعادة تقسيمها إلى كانتونات طائفية ومناطقية. عمليات عسكرية أمريكية جديدة في الجنوب: الموقف الأمريكي الأخير الذي تراجع عن المشاركة العسكرية المباشرة ضمن تحالف العدوان على اليمن تزامن مع استئناف الولاياتالمتحدة عملياتها العسكرية في الجنوب اليمني وبعض مناطق شرق اليمن، بحجة ملاحقة القاعدة، حيث تأتي هذه العمليات بعد أسابيع من تنفيذ عملية نوعية في محافظة البيضاء أسفرت عن مقتل ما يزيد على 40 عنصرا من القاعدة وجرح آخرين. وبحسب مصادر محلية فقد شنت طائرات أمريكية بلاطيار الخميس الماضي غارات عدة على مناطق متفرقة من اليمن أبرزها أبين وشبوة الجنوبيتين إضافة إلى مأرب، وأكدت المصادر أن طائرة بلا طيار استهدفت الخميس سيارة كانت تقل عددا من عناصر القاعدة أثناء خروجها من منطقة يشبم بمديرية الصعيد بمحافظة شبوة شرق اليمن. وفي عملية مشابهة استهدفتطائرة أمريكية بدون طيار أيضا عنصرين من القاعدة كانا يستقلان دراجة نارية هربا من منطقة موجان بجبل المراقشة بمحافظة أبين، وفي وقت متأخر قصفت طائرة أمريكية أخرى سيارة القيادي بتنظيم القاعدة بمحافظة مأرب عبدالاله الذهب. وعلى وقع ذلك أكد جيف ديفيس٬ المتحدث باسم البنتاغون أنه و منذ الخميس نفذت الولاياتالمتحدة 30 ضربة ضد تنظيم القاعدة باليمن٬ وفي بيان نقلته وكالات الأنباء نفى ديفيس تنفيذ أي هجوم بري، وهو ما جاء متناغما مع إعلان البنتاغون تنفيذ أكثر من 20 ضربة في محافظات أبين وشبوة والبيضاء. وبينما كشف السفير الأمريكي لدى اليمن ماثيو تولر أن بلاده تشن حاليا حملة وصفها بالقوية ضد القاعدة وداعش في اليمن باعتبارهما يهددان اليمن ويشكلان خطرا على أمريكا نفسها، اعتبر عضو المكتب السياسي لأنصارالله حمزة الحوثي العمليات العسكرية الأمريكية الأخيرة في اليمن بأنها تأتي في هذا التوقيت للفت الأنظار عن طبيعة العدوان وأهدافه نحو المسارات الوهمية والهلامية التي دائما ما استخدمتها أمريكا لتبرير تدخلها العسكري المباشر، منوها إلى أنها مجرد مسرحية لتبرير التدخل في اليمن عسكريا، ولفت إلى أن القاعدة تقاتل في خندق واحد مع العدوان الأمريكي والسعودي والإماراتي والمرتزقة والعملاء وبقية الحلف والذي ما كان له أن يجتمع إلا بإرادة أمريكية ودفع أمريكي لاستهداف الشعب اليمني. الميدان.. حسم في المهد وتغير بالساحل: معركة خاطفة شنتها قوات الجيش واللجان الشعبية في منطقة عتمة بمحافظة ذمار خلال اليومين الماضيين حسمت جبهة جديدة فتحتها مجاميع موالية لحكومة هادي تتبع حزب الإصلاح، وبحسب مصدر عسكري فإن قوات الجيش واللجان الشعبية تمكنت الخميس من حسم المعركة التي اندلعت للتو في مديرية عتمة بمحافظة ذمار وتمكنت من تحرير الأسرى فيما فر قائد موالٍ للتحالف يدعى عبد الوهاب معوضة مع من تبقى من مرافقيه إلى جهة مأرب، بعد انهيار تام في صفوفهم، مؤكدا أن قوات الجيش واللجان استولت على العتاد العسكري الذي وصفه بالضخم والذي كان طيران التحالف قد أنزله لهم جوا. الإنجاز الخاطف دفع رئيس المجلس السياسي الأعلى صالح الصماد أن يشيد بما حققته قوات الجيش واللجان الشعبية بمساندة قبائل عتمة، وأضاف الصماد في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) أن تحالف العدوان ومرتزقته وأدواته أرادوا أن تتحول عتمة الأبية الشامخة الغنية بالوفاء والثقافة والوطنية والمحبة والسلام والقيم الأصيلة إلى حلقة من حلقات العدوان الأمريكي الإسرائيلي الذي يتقمص فيه أعداء اليمن التاريخيون دور المنفذ والأداة. وفيما يخص معركة الساحل الغربي وتحديدا في باب المندب والمخا، تمكنت قوات الجيش واللجان الشبعية خلال اليومين الماضيين من قلب موازين المعركة لصالحها في مديرية المخا الساحلية، وأفاد مصدر عسكري أن قوات الجيش واللجان الشعبيةتمكنت من استعادة السيطرة على مواقع ومرتفعات كانت قد وقعت بيد القوات الموالية للتحالف شرق المديرية. وفي سياق التقدم الذي استمر لأيام ، أكد المصدر أن قوات الجيش واللجان الشعبية نفذت عملية زحف نوعية أسفرت عن السيطرة على مواقع أسفل جبل النار والكدحة وإيصال المعارك إلى الجديد، وبحسب المصدر فإن العملية أسفرت عن مقتل وإصابة ما لايقل عن 35 من الموالين للتحالف، كما جرى تدمير عدد من الآليات المدرعة التابعة للتحالف. وكشف المصدر عن مصرع أحد أهم القيادات الموالية للتحالف الجمعة الماضية في جبهة الساحل الغربي وهو القيادي هواش الكعلولي مع 6 من مرافقيه، وذلك خلال معارك مع قوات الجيش واللجان الشعبية بمنطقة الحوزان بمديرية ذوباب، وفي منطقة العمري بمديرية ذوباب أيضا أكد المصدر العسكري أن المعارك أسفرت عن تدمير 4 آليات تابعة للتحالف وسقوط العشرات بين قتيل وجريح. وأما في الجبهات الشرقية خاصة في نهم والجوفومأرب فلا يزال الواقع الميداني يراوح مكانة منذ أكثر من عام، وأكد مصدر في الإعلام الحربي أن قوات الجيش واللجان الشعبية تمكنت أمس من كسر زحف استمر من الصباح إلى المساء على جبل يام في مديرية نهم شرق العاصمة صنعاء، وأفاد أن قصفا مدفعيا وصاروخيا للجيش واللجان الشعبية استهدف تجماعات للقوات الموالية للتحالف خلف نقيل بنهم، وتكررت نفس العملية المدفعية والصاروخية التي استهدفت تجمعا مشابها في مديرية صرواح بمحافظة مأرب، وأخرى استهدفت تجمعات بمديرية المصلوب بمحافظة الجوف. ونشطت مؤخرا عمليات الجيش واللجان الشعبية في جبهة ما وراء الحدود، ففي جيزان استهدفت المدفعية التابعة للجيش واللجان الشعبية موقع المعنق ومركز المقرن وتحصيات موقع حجفان والعشة الحمراء التابعة للسعودية، وبحسب المصدر التابع للإعلام الحربي فقد نجحت الضربات المدفعية في إحداث إصابات مباشرة وإحراق آليات ومخازن أسلحة؛ إضافة إلى مقتل وجرح العديد من أفراد الجيش السعودي، كما جرى قصف معسكر الحاجز وتجمعات أخرى للجيش السعودي في منفذ علب السعودي بمنطقة عسير، إضافة إلى قنص عدد من الجنود السعوديين قبالة منفذ الخضراء بمنطقة نجران السعودية.