تتزايد الانتهاكات التي تشهدها دور الأيتام في حق الأطفال يومًا بعد الآخر؛ من ضرب وتعذيب وحرق إلى اعتداء جنسي، سواء من قبل المشرفين على الأطفال أو بين الأطفال وبعضهم، في غياب رقابي كامل من قبل القائمين على الدار. والغريب، أن وزارة التضامن الاجتماعي لا تتحرك إلا بعد انتشار فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يرصد انتهاكات في إحدى الدور، أو إبلاغ أحد المشرفين قسم الشرطة بوجود انتهاكات، ما يعني غياب تام لدور الوزارة المنوطة بالرقابة وكشف الفساد في دور الأيتام، دون انتظار تسليط الضوء على بؤر الفساد في بعض الدور بوسائل الإعلام. التعدي جنسيًا على 34 طفلا بدار أيتام عين شمس وأحدث الانتهاكات في دور الأيتام، واقعة الاعتداء الجنسي على 34 طفلا بدار أيتام عين شمس، حسبما قالت أخصائية نفسية تدعى صفاء تعمل بالدار، التي أكدت أنها وجدت طفلا عمره 9 سنوات يعاني من ألم شديد، فتوجهت به إلى الطبيب، وتبين أنه تم الاعتداء عليه جنسيًا من قبل شاب نزيل بالدار أيضًا، موضحة أنها واجهت الشاب، وتبين أنها ليست المرة الأولى التي يتعدى فيها على الأطفال، مضيفة: «كتبت تقريرا مفصلا وأرسلته إلى مدير الدار، وكان رده عليّ بطردي من الدار». إجبار طفل على الاستحمام بالماء البارد بدار الأورمان استكمالًا لسلسلة الانتهاكات، عذّبت مشرفة بدار أيتام الأورمان في التجمع الخامس طفلا صغيرا يبلغ من العمر 4 أعوام؛ عن طريق إجباره على الاستحمام بماء بارد، خلال شهر يناير الماضي، وهو ما رصدته مواطنة تقطن أمام الدار، تدعى أميرة عبد اللطيف، ونشرت الواقعة عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك". وبررت المشرفة صاحبت الواقعة، والتي تدعى نهى عبد الله، موقفها بأن الطفل تبول على نفسه مرتين أثناء النوم، ومن ثم أجبرته على الاستحمام بالماء البارد عقابا له حتى يكف عن التبول على نفسه، والغريب في الأمر، موقف وزارة التضامن الاجتماعي التي اكتفت بمعاقبة المشرفة ونقل الأطفال إلى دار الأورمان بالجيزة، دون معاقبة المسؤولين عن الدار برمتها، التي تغيب عنها الرقابة بصورة تامة، ولولا السيدة التي رصدت واقعة التعذيب ونشرتها على مواقع التواصل الاجتماعي، لاستمر التعذيب يمارس في حق الأطفال. مدير «مكة» يركل الأطفال بقدميه ولم تكن واقعة دار الأورمان التي عرفتها وزارة التضامن الاجتماعي بالصدفة، الأولى من نوعها، لكن سبقتها عدة وقائع أخرى، أبرزها، تعذيب أطفال دار أيتام مكة، التي ضرب فيها مدير الدار، أسامة عثمان، الأطفال المقيمين بعصا كبيرة على رؤوسهم وأيديهم، ثم ركلهم بقدمه ليسقطوا على الأرض، وانتشر الفيديو الذي فضح المعتدي على مواقع التواصل الاجتماعي. وكشفت التحقيقات أن زوجة المتهم من صورته أثناء تعذيب الأطفال، وبسؤال الأطفال، تبين أن مدير الدار اعتاد تعذيبهم بهذه الطرق الوحشية، وبرر المعتدي فعلته بأنه يعاقب الأطفال لفتحهم الثلاجة والتليفزيون دون موافقته، وتم تحويله إلى النيابة والحكم عليه ب3 سنوات, وتم حل مجلس إدارة دار مكة للأيتام ونقل الأطفال، وبعد الواقعة، وكالمعتاد، تحركت وزارة التضامن الاجتماعي فقط، بعد انتشار فيديو التعذيب الذي سجلته له زوجته بالصدفة، بعد خلاف نشب بينهما، ما دعا المتهم إلى الهرب، لكن قوات الشرطة ألقت القبض عليه. حرق الفتيات بدار أيتام جنة الخير وتأتي واقعة تعذيب فتيات دار أيتام جنة الخير، ضمن سلسلة الانتهاكات التي تجرى في دور الأيتام، حيث أجبرت مشرفة بالدار الفتيات على الجلوس على سخان أو شيء معدني ساخن، ما أصابهن بحروق في مناطق حساسة بأجسادهن، بينهن طفلة تبلغ من العمر 7 سنوات، ورغم اتخاذ وزارة التضامن الاجتماعي قرارا بإغلاق الدار، لكن تم فتحها مرة أخرى وبنفس الإدارة، كما تردد في وسائل الإعلام، ونقلت الفتيات اللاتي تم تعذيبهن إلى الدار مرة أخرى، بعدما ادعت المديرة أن الدار لم تشهد أي تعذيب لأي فتاة، والطفلة ذات السبعة أعوام، حرقت نتيجة إلقاء طفلة أخرى مادة كاوية عليها. توزيع حبوب وسجائر على الأطفال بدار الحنان وضمن الانتهاكات والوقائع المخزية، عذّب أحد المشرفين بدار الحنان، طفلا يدعى علاء يبلغ من العمر 12 عاما؛ بركله وسبه بأقزع الألفاظ، وتبين الأمر من خلال تصوير أحد المجهولين الواقعة ونشرها على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، ولم يتوقف الأمر على هذا، لكن المشرفين بالدار اعتادوا حرمان الأطفال من الطعام وسبهم, وتم اكتشاف ذلك عن طريق الصدفة أيضًا من خلال تصوير أحد المشرفين. وبعد قرار اللواء أحمد حلمي الهياتمي، محافظ السويس آنذاك، نقل مدير دار الحنان للرعاية المتكاملة بمنطقة الملاحة بحي السويس، وتعيين مدير جديد للدار وتحويل الإدارة المسؤولة عن الدار للتحقيق أمام الشؤون القانونية بالمحافظة، شهدت نفس الدار واقعة تعذيب لطفل آخر يدعى أحمد، حيث تداول بعض النشطاء على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" فيديو يوضح ضرب أحد المشرفين الطفل بسبب غنائه، كما تبين وجود حالات شذوذ جنسي بين الأطفال، إلى جانب ترويج المشرفين السجائر والحبوب بين الأطفال. تعذيب أطفال رضع بدار النزهة أما عن دار النزهة للأيتام، عذبت المشرفات ثلاث أطفال، هم "زياد، مريم، سجود" تتراوح أعمارهم بين شهرين وعام؛ بضرب الطفل زياد بآلة حادة، إلى جانب إهمال الأطفال الرضع حتى أصيبوا بحالة إعياء شديد، وتلقى قسم النزهة بلاغًا من أحد العاملين بالدار يفيد تعذيب بعض المشرفات الأطفال بالدار، حتى ألقي القبض عليهن، وتم إيداع الأطفال الثلاثة «جمعية بنت مصر» لرعاية الأيتام. «الدفاع عن الأطفال»: إغلاق 40 دار في عام.. والوزارة متقاعسة وقال أحمد مصيلحي، رئيس شبكة الدفاع عن الأطفال: «رغم وجود لائحة لتنظيم العمل بدور الأيتام، وقرارات وزارة التضامن الاجتماعي ومرجعيات القوانين، إلا أن انتهاكات ومشاكل دور الأيتام تتزايد بصورة كبيرة؛ وللأسف، القائمون على الدور يوقنون أن هؤلاء الأطفال لن يستطيعوا توصيل شكواهم إلى المسؤولين، ما جعل هذه الدور ساحة للانتهاكات، سواء اعتداء جنسي أو ضرب وغيرها». وأضاف مصيلحي ل«البديل» أن هناك 27 إدارة تابعة لوزارة التضامن الاجتماعي تتولى الرقابة على دور الرعاية وتوعية الأسر البديلة، إلى جانب رصد المخالفات المالية والإدارية، لكن للأسف، يوجد تربح وبيزنس يفعله عدد كبير من القائمين على دور الأيتام، في غياب تام لوزارة التضامن الاجتماعي، ما يضع علامة استفهام على دور الوزارة، مؤكدا أن مصر بها حوالي 442 دار أيتام، تم إغلاق 40 منها خلال عام واحد، ما يعني وجود مخالفات ضخمة وانتهاكات لا حصر لها في هذه الدور، وللأسف، الوزارة لا تتحرك إلا بعد ظهور الانتهاكات في وسائل الإعلام. وأوضح رئيس شبكة الدفاع عن الأطفال، أن الوزارة طبقت فكرة جيدة؛ من خلال تكوين فريق الإنقاذ السريع، لكن مازال نفس الفكر القديم قائما دون أي تطوير؛ نظرا لوجود نفس المسؤولين بالوزارة ونفس الجهاز الوظيفي، ما يعني أن وزارة التضامن الاجتماعي بحاجة إلى تطوير للجهاز الوظيفي وعمل مراقبة دورية بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية، إضافة إلى تعزيز الدور الرقابي الشعبي عن طريق الاستعانة بالمواطنين وإرسال التقارير إلى منظمات المجتمع المدني، ومنها إلى الوزارة، وهنا يأتي التكاتف التام. وتساءل مصيلحي عن مبلغ ال114 مليون جنيه، الذي تلقته وزارة التضامن الاجتماعي من صندوق تحيا مصر لتطوير دور الرعاية، وحتى الآن لم يتم التطوير بأي شكل من الأشكال، بل الأمر ينحدر نحو الأسوأ، مختتما بأن تقاعس وزارة التضامن الاجتماعي يساهم في تدمير المجتمع بأكمله.