على وقع التوتر والقلق والترقب الذي يسود الأوساط الإسرائيلية انتظارًا لنشر تقرير مراقب الدولة بشأن العدوان الصهيوني على قطاع غزة عام 2014، اختار الاحتلال الصهيوني تصعيد التوتر بشن سلسلة غارات غير مبررة على قطاع غزة، الأمر الذي دفع المقاومة الفلسطينية إلى التهديد بالرد القاسي، ما دفع مراقبين إلى القول بأن القطاع قد يشهد موجة عدوان جديدة نتيجة لفقدان الآمال في عودة محادثات السلام بعد انهيار فرص الحديث عن حل الدولتين، مع تصاعد الانتهاكات الصهيونية والإجراءات والقوانين المجحفة التي يشرعها الاحتلال الإسرائيلي. اعتداءات صهيونية وقصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي ظهر أمس الاثنين، عددا من المواقع العسكرية التابعة للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، حيث قصفت موقعًا عسكريًا تابعًا لكتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، وسط قطاع غزة، وذكرت مصادر صحفية أن الطيران الحربي قصف "موقع الشهداء" غرب مخيم النصيرات بصاروخين من الطيران الحربي، وصاروخ ثالث من طائرة بدون طيار، مشيرة إلى وقوع أضرار جسيمة في الموقع المستهدف، وإصابة 4 أشخاص بجروح مختلفة. في وقت لاحق، قصفت طائرة حربية بدون طيار نقطة رصد تابعة لقوات الضبط الميداني شرق مدينة رفح جنوب قطاع غزة، واستهدفت الطائرات موقعًا عسكريًا تابعًا لسرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وقالت مصادر صحفية أيضًا إن الطيران الحربي قصف ب3 صواريخ موقعًا لسرايا القدس في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، إضافة إلى أن المدفعية الإسرائيلية قصفت أرضا زراعية خالية شرق حي الزيتون شرق قطاع غزة. جاء هذا التصعيد الصهيوني المفاجيء بعد مزاعم إسرائيلية عن سقوط قذيفة، فجر أمس الاثنين، أطلقت من قطاع غزة لتسقط في منطقة مفتوحة من النقب الغربي جنوب الداخل المحتل، وقالت صحيفة يديعوت أحرنوت، إن القذيفة التي أطلقت من القطاع سقطت في منطقة مفتوحة بالنقب الغربي، ولم تسجل إصابات أو أضرار مادية, حيث وصلت قوات جيش الاحتلال وخبراء المتفجرات وقامت بتمشيط المنطقة بحثًا عن بقاياها. إلى جانب الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة جوًا، كانت قوات الاحتلال تشن هجومًا آخر برًا، ركزت فيه على الحواجز الإسرائيلية، حيث أطلقت، ظهر أمس الاثنين أيضًا، النار تجاه فتاة بالقرب من حاجز قلنديا شمال القدسالمحتلة، وأوضحت مصادر عبرية، أن جنود الاحتلال أطلقوا النار على الفتاة التي أصيبت وتُركت في المكان دون نقلها إلى مستشفى ودون إيضاح أسباب إطلاق النار، فيما أصيب رجل آخر مسنّ بجروح اليوم الثلاثاء، نتيجة إطلاق النار عليه من قبل جنود إسرائيليين على حاجز حوارة جنوب نابلس في الضفة الغربية، حيث أصيب المسنّ ذو ال82 عام، برصاصتين في القدم والحوض، وتم نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج. تهديدات فلسطينية من جانبها حمّلت حركة حماس، الكيان الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن استمرار هذا التصعيد الخطير على غزة، والذي يستهدف المقاومة الفلسطينية وأهالي القطاع، وقال الناطق باسم الحركة، فوزي برهوم، إن استمرار استهداف مواقع المقاومة وتعمّد تفجير الأوضاع في غزة لا يمكن السماح به أو القبول بفرض أي معادلات جديدة على المقاومة مهما كان الثمن. في الوقت نفسه، حمّلت حركة الجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية، الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية التصعيد في القطاع، وصرّح الناطق باسم حركة الجهاد، داوود شهاب، بأن حكومة الاحتلال الإسرائيلي حاول خلط الأوراق وترجمة التهديدات ضد الشعب الفلسطيني بهذا التصعيد، وأضاف أن كل مبررات التصعيد من قبل الاحتلال هي "مبررات باطلة"، وأكد شهاب، على حقّ الردّ والتصدي للعدوان في حال استمر، وقال إن المقاومة لن تقبل باستمرار هذا العدوان مهما كان الثمن والتحديات، فيما أدانت الجبهة الشعبية استمرار القصف الإسرائيلي على جميع مناطق القطاع، داعية الفصائل لضرورة توحيد الجهود لتوفير حاضنة شعبية حول رؤية المقاومة وسبل الرد على الاحتلال وجرائمه، وأكدت على "ضرورة توحيد طاقات شعبنا حتى يتمكن من الصمود أمام هجمات حكومة التطرف والإرهاب الإسرائيلي". عدوان جديد على الرغم من تصريحات وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، خلال جلسة كتلة حزب "إسرائيل بيتنا" بأنه ليس لدى إسرائيل أي نيّة للمبادرة إلى عملية عسكرية في قطاع غزة، فإنه يبدو أن الاحتلال بصدد التصعيد في القطاع، فالصاروخ أو القذيفة التي تطلق من قطاع غزة على أرض خالية ولا تحدث إصابات أو أضرارا مادية، يتم الرد عليها بسلسلة غارات ضد فصائل المقاومة وعلى رأسها حماس والجهاد الإسلامي، الأمر الذي يعني أن الاحتلال يريد إيصال رسالة إلى المقاومة مفادها أن الكيان سيرد الصاع صاعين، وهو ما ينذر باشتعالل الأوضاع. قلق إسرائيلي يتزامن التصعيد الإسرائيلي على قطاع غزة مع حالة من الترقب والقلق تسود الأجواء الصهيونية قبل ساعات من نشر تقرير مراقب الدولة بشأن الحرب على قطاع غزة عام 2014، والتي استمرت لمدة شهرين وأسفرت عن مقتل 2200 فلسطيني، و74 إسرائيليًا، وفق الأممالمتحدة، حيث أعلن المسؤول الكبير المكلف بمراقبة سياسة الحكومة، يوسف شابيرا، البدء في التحقيق بشأن الحرب في سبتمبر عام 2014، ويتوقع المسؤولون في إسرائيل أن يتعرضوا لانتقادات واتهامات نتيجة التحقيق الذي استمر لمدة عامين، بشأن فشلهم الذريع في التحضير لمواجهة الخطر الذي شكلته أنفاق حركة "حماس"، أثناء هذه الحرب رغم تحذيرات أجهزة المخابرات، وهو ما دفع كل مسؤول في الحكومة الصهيونية برئاسة، بنيامين نتنياهو، إلى محاولة تبرئة ساحته من أي اتهامات محتملة، حيث قال زعيم حزب البيت اليهودي المتطرف، نفتالي بينيت، وشريك نتنياهو في الائتلاف الحكومي، إنه لم يتلق هو ووزراء آخرون في المجلس الأمني المصغر معلومات كافية من نتنياهو حول حجم تهديد الأنفاق، وإنه اضطر إلى استخدام مصادر خاصة في الجيش للحصول على المعلومات، فيما تحدث وزير المالية السابق، يائير لابيد، عن غياب منهجية للتعامل مع الأنفاق.