تشن قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانا جديدا على قطاع غزة، مستندة إلى حجج واهية لإشعال الأوضاع هناك، حيث اندلعت اشتباكات على طول الحدود بين إسرائيل وغزة، أمس الأربعاء، وتبادلت القوات الإسرائيلية والمقاومة الفلسطينية إطلاق النار، في الوقت الذي كانت الطائرات تقصف أهدافًا في القطاع، ويعتبر العدوان الأول من نوعه منذ أن هدأت الأوضاع نسبيًا على الحدود عقب التوصل إلى هدنة بين الطرفين برعاية مصرية عقب الحرب الصهيونية على قطاع غزة في 2014. منذ صباح أمس الأربعاء، حلقت طائرات العدوان الإسرائيلي بكثافة في سماء غزة، وقصفت المدفعية الصهيونية مواقع عسكرية تابعة لحركة حماس على الحدود الشرقية لمدينة غزة، كما أطلقت المدفعية قذائف باتجاه موقع عسكري آخر شرقي مدينة رفح جنوبي قطاع غزة دون وقوع إصابات، واستهدفت المدفعية أبراج مراقبة أقامتها فصائل فلسطينية على مقربة من السياج الحدودي الفاصل بين القطاع وإسرائيل عقب الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع في صيف 2014، واستمر التوتر حتى المساء. وشنت قوات الاحتلال خمس غارات على محيط مطار غزة المدمر جنوبي القطاع، واستهدفت الغارات ورشة صناعية في حي الزيتون جنوبي مدينة غزة، إضافة إلى أرض زراعية في حي التفاح شرقي المدينة، وموقع تدريب عسكري في بلدة بيت لاهيا شمالي القطاع، وأسفرت الغارات عن إصابة 4 فلسطينيين، بينهم 3 أطفال. من جانبه، أكد الجيش الإسرائيلي، أن غاراته جاءت ردًا على هجمات تستهدف القوات الإسرائيلية، مشيرا إلى أن حركة حماس أطلقت خلال الأيام الماضية، قذائف هاون وقذائف صاروخية على القوات الإسرائيلية المنتشرة على طول السياج الأمني، الذي أقامته إسرائيل على حدود القطاع، ووصف العمليات التي ينفذها بالدفاعية، قائلا إن الهدف منها تحديد وتدمير الأنفاق التي يمكن أن تستخدمها حماس لشن هجمات، لاسيما ضد تجمعات مدنية إسرائيلية على طول الحدود. رد فلسطيني وتحذير الرد الفلسطيني جاء سريعًا، فحملت حركتا حماس والجهاد الاسلامي العدو الصهيوني المسؤولية الكاملة عن تبعات التصعيد الصهيوني على قطاع غزة، وأكد القيادي في حركة حماس، مشير المصري، أن التصعيد يعتبر تطورا جديدا، وأن المقاومة الفلسطينية تتشاور لتحديد طبيعة التعاطي مع هذا التصعيد الصهيوني، ودعا المصري الأطراف الراعية للتهدئة إلى تحمل مسؤولياتها أمام اختراقات التهدئة التي يمارسها العدو الصهيوني، مؤكدًا: «على العدو ألا يختبر صبر حماس والمقاومة الفلسطينية». على الجانب الآخر، قالت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، إنها لن تسمح باستمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة، مضيفة في بيان عسكري: «على العدو ألا يتذرع بأي سبب كان، وأن يغادر قطاع غزة فورًا، ويعالج مخاوفه ومخاوف مغتصبيه خارج الخط الفاصل.. والتوغل الصهيوني يُعد تجاوزًا واضحًا لاتفاق التهدئة وعدوانًا جديدًا على قطاع غزة». وفي السياق، أكد الناطق باسم حركة الجهاد الإسلامي، داوود شهاب، أن الكيان الصهيوني لم يوقف عدوانه على الشعب الفلسطيني منذ إبرام التهدئة عام 2014 حتى اليوم، مضيفا أن هناك اعتداءات وتوغلات مستمرة سواء في غزة أو الضفة الغربية والقدس وسائر أرجاء فلسطين، محملا الاحتلال الصهيوني المسؤولية الكاملة عن الحصار والعدوان المتواصل على الشعب الفلسطيني. الأنفاق ذريعة تتزامن هذه الاشتباكات مع إجراءات يتخذها الجيش الإسرائيلي للكشف عن الأنفاق التي يحفرها المقاتلون في غزة، فمنذ تسلل الشهيد "عبد الحميد أبو سرور" إلى مدينة القدي وتنفيذ عملية الباص 12 هناك، بدأ الكيان الصهيوني يبحث عن ذريعة جديدة لمهاجمة قطاع غزة وقصف المواقع العسكرية التابعة لحركة حماس، خاصة بعد أن كشفت الحركة عن انتماء منفذ العملية. قبل أيام، أعلن الجيش الإسرائيلي عن اكتشاف نفق لحركة حماس على مقربة من مستوطنة كيبوتس، قبالة رفح جنوبي قطاع غزة، وحينها تفاخر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، باكتشاف حل تكنولوجي يمكنه معرفة مكان الأنفاق، الأمر الذي نفاه الجيش الإسرائيلي، وأكد أنه لن تتوفر لديه تقنية حديثة لاكتشاف الأنفاق قبل مرور عامين على الأقل، وأيده أيضا المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" العبرية، عاموس هرئيل، قائلا إن الطريق نحو قبة حديدية للأنفاق لازالت بعيدة، وبحاجة للمزيد من الجهد والميزانية، والواقع مجافي لتصريحات نتنياهو المتسرعة. هل يتطور الأمر إلى عدوان جديد؟ يجمع العديد من المحللين العسكريين في الكيان الصهيوني، على أن تدهور الأوضاع الأمنية على حدود قطاع غزة لن يرتقي إلى مواجهة عسكرية مباشرة كما حدث في حرب غزة عام 2014، حيث استبعد معظم المحللين وصول الأمر إلى حد اندلاع حرب جديدة، مؤكدين أن الكيان غير راغب في خوض حرب، خاصة أنه منشغل بتأمين جبهة الجولان في الوقت الحالي، كما أرجعوا الأمر إلى أن حركة حماس غير معنية بحرب حاليًا، واصفين ما يجري بمثابة محاولة من حماس لمنع الجيش من اكتشاف الأنفاق التي حفرتها قرب الحدود. من جهة أخرى، يرى بعض المراقبين أن الاحتلال يترقب الخطوات التي تتخذها حماس، وإقدام الأخيرة على البدء في عمليات إطلاق نار وقصف صاروخي لمواقع العدو العسكرية، يُعد مؤشرا خطيرا على انفجار كانت كتائب عز الدين القسام حذرت منه قبل أيام في رسالة لها تحت شعار "إما رفع الحصار أو الانفجار"، حيث هددت باستهداف أي آلية هندسية إسرائيلية تقترب من الحدود مع القطاع، وهي الرسالة التي لم توليها إسرائيل اهتمامًا.