كنوز نفيسة تكتظ بها دواليب وصناديق مخازن الآثار بمحافظة المنيا، وبالتحديد في أكبر المخازن بالأشمونين والبهنسا، دون أن ترى النور أو تعرض للمواطنين، لتظل حبيسة الأرفف عشرات السنين، بحجة عدم وجود إمكانيات لإقامة متاحف تستضيف تلك الكنوز الحبيسة. ووفقا للخريطة الأثرية، تستحوذ محافظة المنيا على نصيب كبير من آثار مصر بشكل عام، إذ تحوي أراضيها ما يقرب من ثلث آثار الجمهورية، وتأتي في المرتبة الثالثة بعد الأقصر وأسوان، لكثرة ما استخرج من أراضيها، وما هو قائم فوقها من معابد وكنائس ومساجد ومقابر وسراديب. وترجع قيمة المنيا الأثرية إلى كونها تحتضن جميع العصور التاريخية بدءًا بالفرعونية التي تملأ مراكز الجنوب وبالتحديد في أبو قرقاص، حيث مناطق بني حسن الشروق واسطبل عنتر وتل العمارنة وتونة الجبل والأشمونين بملوي وديرمواس، مرورًا بالعصور الرومانية واليونانية وأطلال الكنائس والمعابد بمناطق الشيخ عبادة وجبل الطير، وصولًا للآثار الإسلامية بمدينة البهنسا التي تعد أكبر المناطق الأثرية المفتوحة، وغيرها من المناطق. جمال أبو بكر، مدير عام منطقة آثار مصر الوسطى، التي تضم المنيا وبني سويف وأسيوط، قال إن محافظة المنيا تعد كنزًا كبيرًا لمصر، إذ تحوي آثارا لجميع العصور التاريخية، ولا يوجد بها سوى متحفين فقط، أحدهما يعمل وهو متحف ملوي الجديد بعد افتتاحه العام الماضي، والمتحف الخناتوني، الذي يجرى حاليا الانتهاء منه لاستقبال العديد من القطع الخاصة بالملك إخناتون، وعصر العمارنة أشهر العصور التاريخية في مصر. أبو بكر، كشف ل"البديل" عن حجم القطع الأثرية الموجودة بمخازن الأشمونين والبهنسا، وأوضح أنها تقترب من 40 ألف قطعة متنوعة ما بين تماثيل ومومياوات وقطع فخارية وعملات، وأن هناك عددا كبيرا منها سوف يتم الاستفادة به في المتحف الآتوني عند افتتاحه. وأكد مدير منطقة آثار مصر الوسطى، أن الجميع متشوق لرؤية تلك الآثار في المتاحف، خاصة آثار عصر العمارنة لما لها من قيمة كبيرة وفريدة، وتحظى بقصص تاريخية كونها في أرض التوحيد التي خرجت منها أول دعوة لتوحيد الإله في عصر إخناتون والملكة نفرتيتي، إلى النهاية الغامضة للمدينة هناك بعد هجوم كهنة آمون عليها. وناشد أبو بكر، مسؤولي وزارة الآثار بإقامة معارض خارجية لعرض المقتنيات الأثرية المختلفة، في ظل افتقاد المحافظة للمتاحف، متوقعا أن يعود ذلك بمكاسب مادية وثقافية كبيرة، واصفا المنيا ب"المدينة الكاملة" التي تحوي العصور التاريخية كافة، ولابد من خروج آثارها للنور والعالم أجمع. كما شدد مدير آثار مصر الوسطى، على أهمية إنشاء متاحف بكل المراكز، مؤكدًا أن ما لدى المحافظة من قطع أثرية يكفي عددا من المتاحف بما يحقق نهضة سياحية كبيرة، إضافة إلى تفعيل السياحة الداخلية. من جانبه، قال الدكتور أحمد حميدة، مدير المتحف الآتوني بالمنيا، إن القانون لا يسمح بعرض القطع الأثرية إلا من خلال متحف، ورغم أن المتاحف المتوفرة قد لا تستوعب كل القطع الأثرية، مثلما يحدث في المتحف البريطاني الذي يمتلك ما يقرب من 7 ملايين قطعة أثرية يعرض منها ما لا يزيد على مليون قطعة، فإن هناك ما يسمى بتغيير أساليب العرض، بحيث يتم تغيير القطع المعروضة كل فترة معينة، وبذلك يمكن خروج القطع للمواطنين. وأشار حميدة، إلى أنه ليست كل القطع تصلح للعرض، إذ إن بعضها متهالك، وبعضها الآخر يتعرض للخطر خلال العرض، ولذلك فالمطلوب انتقاء الأفضل لوضعه بالمتاحف، على أن يتم تغييرها من حين لآخر، مع تغيير أساليب العرض.