بعد سبعة أشهر من قرار زيادة أسعار الكهرباء، ونفي الحكومة المساس بمحدودي الدخل، كشفت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أن الزيادة تحملها الفقراء وحدهم. وكشفت المبادرة في تقرير لها قبل أيام، أن الزيادة في الأسعار، التي أقرها وزير الكهرباء، في أغسطس الماضي، للعام المالي الحالي، بمتوسط 33% من قيمة الفاتورة على الاستهلاك المنزلي، طُبقت على بندين، الأول، زيادة تعريفة شريحة الاستهلاك بقيمة 33% عن مثيلتها للعام الماضي، والثاني، مقابل الخدمة، الذي زاد على ثلاثة شرائح فقط من المستهلكين، هي الاستهلاك الضئيل والمنخفض والمتوسط، بزيادة قدرها 33% و100% و33% على التوالي، فيما بقيت شرائح الاستهلاك العالي دون أي زيادة. وأوضح التقرير أنه بعد ثبات أسعار الكهرباء للمنازل بين عامي 2008 و2012، أدت الزيادات السنوية منذ عام 2012 لتحمل المواطنين زيادة متراكمة تزيد عن 160% في قيم فواتير الكهرباء، فكانت الزيادة للفقراء 167%، منها 47% هذا العام وحده، رغم وعود وزير الكهرباء في أبريل 2016 بأن الزيادات الجديدة لن تؤثر على محدودي الدخل، فيما تحمل متوسطي الدخل زيادة متراكمة تصل إلى 190% منها 52% هذا العام فقط. وأضاف التقرير أن وزارة الكهرباء تزعم أن استهلاك الفقراء ومحدودي الدخل يقع في الشريحتين الأولى والثانية، لكن الإحصاءات الرسمية توضح أن استهلاك هذه الأسر المهمشة يقع في الشريحة الثالثة والرابعة، حيث إن الحد الأدنى للاستخدام لن يقل عن 180 ك.و.س. في الشهر كمتوسط طوال السنة للفقراء، أي أعلى الشريحة الثالثة. وأكد أن الزيادات رفعت عبء تكاليف الطاقة على الأسر؛ حيث مثلت فواتير الكهرباء 2.6% و2.2% من إجمالي إنفاق الأسرة الشهري للفقراء ومحدودي الدخل على التوالي، وهذه النسب تتعدى متوسط الإنفاق الأسري على الطاقة في دول غنية مثل الولاياتالمتحدة (2.15 %)، رغم ارتفاع متوسط الاستهلاك المنزلي للكهرباء للأسر في الولاياتالمتحدة 3.7 أضعاف متوسط الاستهلاك في مصر (911 مقابل 247 ك.و.س./شهر). وأشارت المبادرة المصرية في تقريرها، إلى أنه طبقًا لإيرادات الشركة القابضة لكهرباء مصر، كان متوسط سعر بيع ال ك.و.س. إلى 54.4 قرش، في عام 2014/2015 (وهي أحدث الإحصاءات)، ومتوسط سعر التكلفة شامل الاستثمارات التي من المفترض أن تتحمل الدولة الجزء الأكبر منها، 53.1 قرشا، أي أن الشركة القابضة للكهرباء حققت هامش ربح يقدر ب3% أو نحو 2 مليار جنيه. وتابع أنه بعد موجتين لزيادة أسعار تعريفة الكهرباء للمنازل في السنتين الماليتين 2015/2016 بزيادة قدرها 25% و2016/2017 بزيادة قدرها 33%، يمكن استنتاج أن متوسط سعر بيع ال ك.و.س. ارتفع في العام الحالي 2016/2017 إلى 70 قرشا، ما يتعدى أي ارتفاعات في تكاليف إنتاج الكهرباء قبل تعويم الجنيه، وهو قرار لم يتخذه المواطنون، وليس من المفترض تحميلهم أعبائه. وجاءت زيادة أسعار الكهرباء ضمن برنامج رفع الدعم تدريجيًا عن الطاقة بنسبة 25%، بحجة أنه لم يكن أمام الوزارة سوي تحميل الاستهلاك المنزلي قيمة العجز في التكاليف، أو بتحميلها جميع الجهات، واستندت إلى أن الخيار الثاني يعتبر الأنسب، مع تثبيت تكلفة ال3 شرائح الأساسية الأولى لاستهلاك الكهرباء، التي يعتمد عليها محدودو الدخل خلال عملية تحرير أسعار الكهرباء. وقال الدكتور رشاد عبده، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، إن زيادة أسعار الكهرباء نتيجة إعلان الحكومة منذ أغسطس الماضي، كجزء من تطبيق شروط صندوق النقد الدولي، بإلغاء الدعم على الطاقة خلال خمس سنوات، ومع قرار تعويم الجنيه، زادت الأسعار بنسبة تصل إلى 130%، خاصة أننا نعتمد على 70% من المأكل والمشروبات والملابس على المستورد، وفي ظل عدم زيادة الأجور، تأثر المواطنون مباشرة بزيادة أسعار الكهرباء. وأضاف عبده ل"البديل" أن أسعار الكهرباء لن تنخفض، بل مقرر زيادتها في شهر يوليو المقبل، بعد إعلان وزير الكهرباء أن تكلفة الإنتاج التي يتحملها لتوصيل الطاقة للمواطن قبل التعويم بلغت 29.5 مليار جنيه، وارتفعت إلى 65 مليار جنيه بعد القرار، ومن ثم تعوض الحكومة الفرق من جيوب المواطنين. وعن الحلول، تابع: "على الحكومة أن تتخذ مجموعة إجراءات لتخفيف الأعباء عن المواطنين، تبدأ بتفعيل الدور الرقابي؛ من خلال تطبيق هامش ربح محدد على السلع بالاتفاق مع اتحاد الصناعات والغرف التجارية، بالإضافة إلى تحمل وزارة التموين مسؤوليتها؛ بإرسال سيارات السلع إلى كل المحافظات لحماية المواطنين من جشع التجار". وفيما يتعلق بمواجهة زيادة أسعار الكهرباء، طالب الخبير الاقتصادي، دعم الفقراء ومحدودي الدخل من خلال توفير الحد الأدنى للطاقة لهم بمتوسط 200 كيلو وات في الشهر لكل أسرة على مدار السنة، بما لا يحملهم أكثر من 2.5% من دخلهم الشهري، وإعادة تدرج شرائح الاستهلاك السبع لتكون بتوازن وليست بشكل مطرد؛ فيجب إعادة حساب الشريحة الثالثة لتكون "من 100 إلى 200 ك.و.س." بدلًا "من صفر إلى 200 ك.و.س."