كشفت لجنة أممية مشتركة لتقصي الحقائق في الضفة الغربية، أن الاحتلال الإسرائيلي يصنع ويتاجر بشكل غير مشروع بالمبيدات السامة في المستوطنات، كما يسرب مياه الصرف الصحي الصناعي والمنزلي الخام من المستوطنات إلى أراضي الرعي والبساتين مباشرة، ما يؤدي إلى انعدام الأمن الغذائي ويعد انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان. وأكد التحقيق الذي أعدته البعثة المشتركة لتقصي الحقائق برئاسة الجمعية العربية لحماية الطبيعة، وشبكة العمل على المبيدات في آسيا والمحيط الهادئ، عن وجود مبيدات شديدة الخطورة، والتي تحظرها السلطة الفلسطينية، مثل الإندوسلفان، ودوكاتالون "الباراكوات"، يتم المتاجرة بها بشكل غير مشروع إلى الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، كما وجدت التقارير أن 50% من المبيدات الموجودة في فلسطين غير مشروعة، وأنه تمت مصادرة خمسة أطنان من المبيدات المحظورة منذ عام 1995. وتؤدي المبيدات التي تتسرب من العمليات الزراعية والنفايات الخطرة الناتجة عن تصنيع المواد الكيميائية الزراعية داخل المستوطنات إلى تسميم مزارع الفلسطينيين ومواشيهم ومصادر المياه، وتم توثيق إلقاء النفايات الخطرة في الأراضي الفلسطينية، بما فيها المناطق المجاورة للمدارس مباشرة، وذكرت اللجنة أن المجتمعات القريبة من المستوطنات الصناعية الإسرائيلية في الضفة الغربية، تعاني من تلوث التربة والمياه الصالحة للشرب وانتشار البعوض الناقل للأمراض، وزيادة الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي والعيون، بما في ذلك الإصابات بين الأطفال. وأوصت الأممالمتحدة والمنظمات الدولية بدعوة إسرائيل للقيام فورًا بالسماح للسلطة الفلسطينية بممارسة قوانينها الخاصة على المبيدات في المناطق الحدودية وفي المنطقة "ج"، بما فيها التخلص بشكل ملائم من المبيدات المصادرة، كما طالبت بإلزام إسرائيل بالإفصاح علنًا عن عدد المستوطنات الصناعية غير المشروعة ومصانع الكيماويات الزراعية في الضفة الغربيةالمحتلة، ونوع وتركيز الملوثات الكيمياوية التي تم إطلاقها والموجودة في الهواء والمياه والتربة المحيطة، وتفكيك جميع المستوطنات الصناعية، بما فيها مستوطنات جيشوري وباركان، تحت إشراف فريق من الخبراء الدوليين والفلسطينيين، من أجل منع وقوع المزيد من الضرر على صحة الناس والبيئة. التقرير الأممي الذي يكشف عن شن الكيان الصهيوني لحرب بيولوجية على الشعب الفلسطيني، لم يكن الأول الذي يفضح استخدام الاحتلال للمواد الكيماوية كأسلحة قذرة ومحرمة دولية ضد الشعب الفلسطيني، حيث سبق أن استغل الاحتلال هذه المواد لتلويث مصادر المياه والمحاصيل الزراعية في الضفة الغربية، في المزروعات التي تخص أهالي عين البيضا عام 1968، وعقربا عام 1972، ومجدل بني فاضل عام 1978، والنقب عام 2002، الأمر الذي يؤكد أن للاحتلال تاريخ طويل من الجرائم في حق الشعب الفلسطيني. وفي سياق متصل، أجاز بعض الحاخامات الصهاينة مسبقا، عملية تسميم الفلسطينيين؛ حيث أفتى الحاخام، شلومو ملميد، رئيس مجلس حاخامات المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، في يونيو الماضي، بإجازة تسميم مياه الشرب، مطالبًا المستوطنين بتطبيق الفتوى، وحينها ساد القلق والرعب القرى الفلسطينية الواقعة في محيط المستوطنات الإسرائيلية، ودعا الفلسطينيون المجتمع الدولي إلى ضرورة توفير الحماية لهم. ولم يكتف المستوطنون الصهاينة بمزاحمة الفلسطينيين على الأرض وما فوقها وما تحتها من مصادر رزق وثروات طبيعية، بل أصبحوا يسرقون مياههم ليعيدون بيعها إليهم مجددًا بعد تسميمها، ليصبح أمام الفلسطينيين خيارين كلاهما أصعب من الآخر، إما مغادرة قراهم وبلداتهم ليتسنى للمستوطنين السيطرة على أراضيهم، أو الرضا بالمياة المسممة والموت على أراضيهم.