بقلمه الكبير المصنوع من البوص، يزين بأسماء الله الحسنى، وبعض آيات القرآن الكريم، جدران المساجد، يتطوع بوقته لخدمة دور العبادة إيمانا منه بأن الإنسان خلق ليتعلم وينفع من حوله بعلمه، ويرفض تقاضي أي أجر مقابل كتابته، لكنه ينتظر كلمة شكر وإشادة بخطه الرائع، ويتنازل عن أجره، مرددا "لوجه الله". إنه يسري بولس سعيد، مواطن أسيوطي قبطي، اشتهر بنقش أسماء الله الحسنى والآيات القرأنية على جدران مساجد المحافظة، آخرهم "الواحد الأحد"، التابع لجمعية البر والتقوى بأسيوط، ويبذل قصارى جهده لخروج النقش بديعا، فيستغرق أحيانا وقتا طويلا، يمتد لنحو أسبوعين، ويظل واقفا على السلم طوال النهار حتى ينتهى من نقش قبلة المسجد. يسري حاصل على دبلوم فني صناعي ومعهد دراسات من أسيوط، تعلم في مدرسة الخط العربي لمدة أربع سنوات، وعامين تدريب فى محافظة المنيا، وكانت معظم دراسته عن زخرفة وكتابة الآيات القرأنية، التي جعلت منه شخصا متميزا في الزخرفة. ويعتبر يسري المسجد مثل الكنيسة تماما، وكرس مهنته لوجه الله، دون انتظار أجر مادي، واشتهر بين أبناء صنعته ب"خطاط المساجد"، يطلبه كثيرون لتميزه، ولم يتأخر يوما عن العمل التطوعي في المساجد أو الكنائس، وإن كان الأمر مرهقا بالنسبة له ويستغرق أياما. كانت إحدى أماني يسري منذ صغرة تعليم الخط العربي والزخرفة، فقرر أن يتطوع لكتابة وزخرفة دور العبادة من المساجد والكنائس، حتى كتب الآيات القرأنية على جدران أكثر من 10 مساجد في أسيوط. الأمانة والبراعة صفتان اشتهر بهما يسري في عمله، ما جعله يحظى بحب واحترام الجميع، دون النظر إلى ديانته التي تجعل عمله في المساجد لافتاً للنظر، وإذا سألت جيرانه عنه تتعدد الصفات وتتصاعد الإشادات، أحدهم يتحدث عن خلقه، وآخر عن شهامته وتفانيه في العمل، وثالث عن أمانته.