في العاصمة المصرية، توصل الفرقاء الليبيون إلى اتفاق من المفترض أن يفضي إلى حل الأزمة الليبية، رغم أنه تم في أجواء مشحونة ومتوترة بين قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر، ورئيس حكومة الوفاق الوطني الليبي فايز السراج. أجواء اللقاء رفض المشير خليفة حفتر، مقابلة رئيس المجلس الرئاسي الليبي فائز السراج، بعد مشاورات منفصلة، أمس الثلاثاء، مع رئيس أركان حرب القوات المصرية الفريق محمود حجازي. بعد وصول السراج للقاهرة، صباح الاثنين الماضي، حسب البرنامج المعد من قبل القيادة المصرية، رفض حفتر الحضور للقاهرة ثم عدل عن رأيه وقرر المجيء لمصر، ولكن تأجل لقاؤه بالسراج، بحجة ضرورة دعوة رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، الذي أخبر المصريين أنه سيحضر بالبر ولا يمكنه السفر جوا. وفي صباح أمس الثلاثاء، انتظر السراج ترتيب اللقاء الذي تكفل به الجانب المصري وأبلغه بموعده، وما أن وصل موكبه حتى جاءته المفاجأة، إذ تم إبلاغه بأن حفتر يرفض اللقاء ويرفض أي حوار سياسي بينهما، ليغادر السراج وسط أسف مصري، ونقلت مصادر مقربة من الجانبين أن حفتر رفض الاجتماع بالسراج، طارحا شروطا تتعلق بتعديلات واسعة في الاتفاق السياسي، وكان السراج قد غادر القاهرة، أمس، عائدًا إلى العاصمة الليبية طرابلس، وفور عودته صرح السراج، بأن السبب وراء فشل عقد اللقاء الثلاثي هو رفض حفتر، وعقيلة صالح، اللقاء معه، مؤكدا أن الأساس كان جلوس كل الأطراف لمناقشة الأفكار المطروحة لدى كل طرف وليس وضع شروط مسبقة. اتفاق من أربعة بنود من جانبها، أعلنت اللجنة المصرية المكلفة بمتابعة الأزمة الليبية والتي يترأسها الفريق محمود حجازي، وبحضور وزير الخارجية، سامح شكري، يومي 13 و14 فبراير الجاري، نتائج الاجتماعات التي جرت على مدى يومين بشكل منفصل مع كل من رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، والمشير حفتر، والسراج، كل على حدة. وأصدر المتحدث الرسمي للقوات المسلحة المصرية العقيد تامر الرفاعي، بيانا بتفاصيل المشاورات التي جرت مع الأطراف الليبية في القاهرة، وحسب البيان فقد أسفرت اللقاءات عن توافق حول عدد من الثوابت الوطنية غير القابلة للتبديل أو التصرف، على رأسها الحفاظ على وحدة الدولة الليبية وسلامتها الإقليمية، وما يقتضيه ذلك من تأسيس هيكل مستقر للدولة ودعم مؤسساتها ولحمة شعبها، والحفاظ على الجيش الليبي وممارسته لدوره، ورفض وإدانة كل أشكال التدخل الأجنبي في الشأن الليبي، والتأكيد على حرمة الدم الليبي، والالتزام بإقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة مبنية على مبادئ التداول السلمى للسلطة والتوافق وقبول الآخر، ورفض كافة أشكال التهميش والإقصاء لأي طرف من الأطراف الليبية، وتعزيز المصالحة الوطنية، ومكافحة كل أشكال التطرف والإرهاب. وشمل الاتفاق تشكيل لجنة مشتركة مختارة من أعضاء مجلس النواب، والمجلس الأعلى للدولة، وبحد أقصى 15 عضوا لكل مجلس، للنظر في النقاط التي سبق الاتفاق علي تعديلها في الاتفاق السياسي، والتوصل إلى صيغة توافقية لمعالجتها، ثم رفعها لمجلس النواب لاعتمادها وفقا لما هو منصوص عليه في الاتفاق السياسي الليبي. وتضمن الاتفاق أن يقوم مجلس النواب بإجراء التعديلات الدستورية لتضمين الاتفاق السياسي في الإعلان الدستوري، وذلك في إطار معالجة كافة القضايا العالقة في إطار صيغة توافقية شاملة تصدر عن مجلس النواب بعد الاتفاق عليها في إطار اللجنة المشكلة من المجلسين. كما تضمن الاتفاق العمل على إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في موعد أقصاه فبراير 2018 اتساقا مع ما نص عليه الاتفاق السياسي. وأخيرًا أكد الاتفاق على استمرار جميع شاغلي المناصب الرئيسية، والتي سيتم الاتفاق عليها وفقا للإجراءات المشار إليها أعلاه، ولحين انتهاء الفترة الانتقالية وتولي الرئيس والبرلمان الجديدين مهام عملهما في 2018. الجهود المصرية كانت القاهرة قد استضافت السراج 12 يناير الماضي، ثم حفتر في 20 من الشهر ذاته، وتم خلال الزيارتين بحث تطورات الأوضاع في ليبيا وكيفية توافق الفرقاء والسعي نحو حل الأزمة. كما شهدت القاهرة كذلك على مدى الأسابيع الماضية لقاءات مكثفة وموسعة جمعت شخصيات ليبية نيابية وسياسية وبرلمانية وإعلامية واجتماعية، استهدفت حث الأطراف الليبية على الالتزام باتفاق الصخيرات الذي وقعته وفود ليبية. ورحب حفتر، خلال مباحثاته بالقاهرة، بكافة الجهود والتحركات السياسية الليبية الصادقة، وأبدى استعداده للمشاركة في أي لقاءات وطنية برعاية مصرية يمكن أن تسهم في الوصول إلى حلول توافقية للخروج من الأزمة الراهنة وحفظ أرواح الليبيين وحرمة الدم، تدعم الثقة بين كافة الأطراف وترفع المعانة عن الشعب الليبي للانطلاق نحو بناء الدولة التي يتطلع إليها الليبيون. كما رحب السراج بالجهود لمناقشة النقاط الجوهرية بالاتفاق السياسي، مؤكدا على ضرورة التفاوض بشأنها بروح الوفاق وإعلاء المصلحة الوطنية على حساب المصالح الضيقة.