في الوقت الذي تنتهك فيه السلطات الإسرائيلية كافة المواثيق والمعاهدات والقوانين الدولية، تظل أمريكا باختلاف أنظمتها الحامي الأمين للكيان الصهيوني، والمدافع الوثيق عن مواقفها ومكانتها السياسية في المحافل الدولية، فيما تبقى فلسطين وحيدة تبحث عن داعم عربي لها، في الوقت الذي انضم معظمهم إلى صفوف المدافعين عن الاحتلال. هدية أمريكية للاحتلال أعلن دبلوماسيون أن الولاياتالمتحدة أعاقت، الجمعة الماضية، في الأممالمتحدة تعيين رئيس الوزراء الفلسطيني السابق، سلام فياض، مبعوثًا للأمم المتحدة إلى ليبيا، خلفًا للألماني مارتن كوبلر، حيث قالت سفيرة الولاياتالمتحدة إلى الأممالمتحدة، نيكي هالي، في بيان: منذ فترة طويلة جدًّا كانت الأممالمتحدة منحازة إلى السلطة الفلسطينية بشكل غير عادل على حساب حلفائنا في إسرائيل. مُعربة عن خيبة أملها إزاء تسمية "فياض"، وأضافت "هالي": من الآن فصاعدًا ستقوم الولاياتالمتحدة بالتحرك دعمًا لحلفائها، ولن تطلق كلامًا فقط، وأكدت "نحن لا نعترف حاليًّا بالدولة الفلسطينية، أو ندعم الإشارات التي ترسلها الأممالمتحدة حول هذا التعيين، ورغم ذلك فإننا نشجّع الجانبين للعمل معًا بشكل مباشر على الحل". يأتي هذا بعد أيام من إبلاغ الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، مجلس الأمن عزمه على تعيين "فياض" على رأس بعثة الى ليبيا؛ للمساعدة في استئناف المحادثات بشأن اتفاق سياسي، وذلك بعد أن رشحه وكيل الأمين العام للشؤون السياسية كبير المستشارين، جيفري فيلتمان، لهذا المنصب، على اعتبار أن "فياض" شخصية ليبرالية تلقى قبولًا في الأوساط الغربية، كما سبق أن شغل مناصب رسمية فلسطينية وأخرى دولية. الأممالمتحدة ترد على الاعتراض الأمريكي في ذات الإطار ردت الأمانة العامة للأمم المتحدة على اعتراض سفيرة الولاياتالمتحدة إلى الأممالمتحدة، نيكي هالي، على تعيين الفياض، حيث قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إن اختيار فياض جاء وفقًا لصفاته الشخصية وكفاءته لهذا المنصب، لافتًا إلى أن موظفي الأممالمتحدة يعملون بناء على قدراتهم الشخصية وكفاءاتهم، دون أن يمثلوا أي حكومة أو دولة، وأضاف المتحدث باسم الأمين العام أن الأخير يؤكد تعهده بتوظيف الأشخاص ذوي الكفاءة واحترام التنوع الإقليمي، مشيرًا إلى أنه إذا لم يعمل إسرائيلي أو فلسطيني في منصب ذي مسؤولية كبيرة بالأممالمتحدة، فإن هذا موقف يشعر الأمين العام بضرورة تصحيحه. صفقة أم ابتزاز سياسي؟ في الوقت الذي ترفض فيه الإدارة الأمريكية تعيين دبلوماسي فلسطيني في المنصب الأممي، جاء الحديث حول محاولات الزج بوزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة، والنائبة عن المعسكر الصهيوني، تسيبي ليفني، كبديل عن "فياض"، فيما قالت صحيفة "يديعوت أحرنوت" إن السكرتير العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عرض على "ليفني" تعيينها نائبه له مقابل تعديل موقف إسرائيل الرافض لتعيين رئيس الورزاء الفلسطيني السابق، سلام فياض، مبعوثًا أمميًّا خاصًّا إلى ليبيا. وقالت صحيفة "هآرتس" إنه "من الممكن قريبًا أن تُعين عضو الكنيست تسيبي ليفني في منصب رفيع المستوى في منظمة الأممالمتحدة"، وأوضحت "هآرتس" أنه في كواليس الأممالمتحدة سُمع تقدير بأن الاقتراح على ليفني هو بمثابة "صفقة دوّارة"، حيث تقضي هذه الصفقة بتراجع الولاياتالمتحدة عن رفض تعيين رئيس الحكومة الفلسطينية السابق سلام فياض، في منصب رئيس بعثة الأممالمتحدة إلى ليبيا، وفي المقابل تُعيّن "ليفني" في منصب رفيع. هذه الأنباء سارع إلى نفيها الناطق بلسان الأممالمتحدة، حيث قال إن هذا النبأ لا أساس له من الصحة، فيما قالت صحيفة "هآرتس" إن مكتب ليفني علق على هذه الأنباء بقوله: لم نتلق مقترحًا رسميًّا، وختمت الصحيفة بالقول إن هناك معرفة مسبقة بين ليفني وغوتيريش أيام كان رئيسًا لحكومة البرتغال، وكانت ليفني وزيرة الخارجية وقائم مقام رئيس الحكومة إيهود أولمرت بين السنوات 2006 – 2009، كاشفة أنه وقبل حوالي أسبوعين سافرت ليفني إلى نيويورك ليوم واحد؛ للقاء شخصي مع غوتيريش. هل تتورط السلطة الفلسطينية؟ المُتابع لمسيرة رئيس الوزراء الفلسطيني السابق سلام فياض السياسية، يجد أن السلطة الفلسطينية سبق أن نقمت عليه كثيرًا، وحاولت ملاحقته سياسيًّا والتضييق على دوره في المجتمع الدولي، وحتى في الداخل الفلسطيني، وذلك بعد أن اتهمته بالخيانة على خلفية اتهامه لها بالفساد وتقديم استقالته مرة من وزارة المالية في نوفمبر 2015، ومرة أخرى من رئاسة الوزراء في إبريل عام 2013، حيث عملت على ملاحقته في الضفة الغربية، عبر التضييق على مؤسسة إغاثية غير حكومة كان يترأسها "فياض" ومنعها من النشاط هناك، بالإضافة إلى مصادرة أموال المنظمة، الأمر الذي دفع بعض المراقبين إلى الإشارة لدور خفي قد تكون السلطة الفلسطينية وحركة فتح قد لعباه لمنع وصول "فياض" إلى هذا المنصب الأممي الهام، والذي بمقتضاه يمكن أن يعود صوت "فياض" عاليًا في الساحة الدولية، الأمر الذي ترفضه السلطة. غضب فلسطيني العرقلة الأمريكية لوصول دبلوماسي فلسطين إلى مناصب قيادية في المحافل الدولية أثارت غضب العديد من الفصائل الفلسطينية، حيث أدانت أطراف فلسطينية مختلفة ما وصفته ب"تمييز صارخ" لإعاقة الولاياتالمتحدةالأمريكية تعيين "فياض" مبعوثًا للأمم المتحدة في ليبيا، واعتبرت منظمة التحرير الفلسطينية التحرك الأمريكي ضد تعيين فياض بأنه "غير مقبول"، وقالت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حنان عشراوي، إن إعاقة تعيين الدكتور سلام فياض هو حالة من التمييز الصارخ على أساس الهوية الوطنية. نشوة صهيونية من جانبها ابتهج الكيان الصهيوني بهذا التعطيل الذي قدمته واشنطن كهدية ثمينة للاحتلال، حيث أصدر السفير الإسرائيلي لدى الأممالمتحدة، داني دانون، بيانًا يرحب فيه بالخطوة الأمريكية قائلًا: يومًا عن يوم تثبت الإدارة الأمريكية الجديدة أنها تقف بثبات إلى جانب إسرائيل في المحافل الدولية، وخاصة داخل الأممالمتحدة، إن الإدارة الجديدة تعمل نحو تحقيق المصالح المشتركة بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل وتعزيز التحالف الخاص بين شعبينا. وأضاف "دانون": هذه بداية عهد جديد في الأممالمتحدة، عهد تقف فيه الولاياتالمتحدة بثبات خلف إسرائيل ضد أي محاولة لإلحاق الأذى بالدولة اليهودية. تفوق فلسطيني يثير غيظ الاحتلال وحلفائه تتزامن الحرب الدبلوماسية التي تشنها واشنطن على دبلوماسيي الدولة الفلسطينية، مع خروج تقرير صحيفة "يديعوت أحرونوت" الذي أكد تفوق فلسطين على إسرائيل في عدد الدبلوماسيين والسفارات حول العالم، حيث وصل عدد السفارات الفلسطينية إلى 95 سفارة، مقابل 78 سفارة لإسرائيل، فيما وصل عدد البعثات الدبلوماسية الفلسطينية إلى 103، مقابل 102 بعثة لدولة الاحتلال.