ولا يزال الاختفاء القسري مستمرًّا.. ولا تزال استغاثات الأهالي بلا مجيب.. حالات كثيرة لا يدري ذووها مكان ولا مصير أقاربهم.. "البديل" ترصد بعضها.. عزة عبد الرحمن، ربة منزل من مركز مطاي بالمنيا ووالدة أحد المختفين قسريًّا، كانت قد أرسلت خطابًا للرئيس عبد الفتاح السيسي في 2 نوفمبر الماضي، حصلت «البديل» على نسخة منه، تطالب فيه بالإفراج عن ابنها عبد الرحمن جمال أحمد المختفي قسريًّا منذ يوم 25 أغسطس 2016، والذي لم يتم عرضه على النيابة لمعرفة تهمته، ولا تعرف مكان احتجازه. حنان بدر الدين، زوجة أحد المختفين قسريًّا منذ نحو ثلاث سنوات تقول إن زوجها خالد محمد حافظ اختفى قسريًّا منذ 27 يوليو 2013، وقت أحداث المنصة قبل فض اعتصامي رابعة والنهضة، وحتى الآن لا يعرفون مكانه، رغم محاولات البحث التي استمرت لأكثر من ثلاث سنوات. وتؤكد في حديثها الخاص ل«البديل» أن زوجها أُصيب بطلق ناري في أحداث المنصة، ثم قُبض عليه وهو مصاب في سيارة الإسعاف، وتم ترحيله لمستشفى سجن طرة. وأضافت: كنا نبحث عنه يوميًّا بعد أحداث المنصة، مرت ثلاثة أيام لحد ما جالنا خبر من أحد أقاربنا ليه علاقات بالأمن إن خالد في قسم الخليفة واترحل على سجن طرة وهو مصاب، طلبنا معلومات أكتر رفضوا، وقالوا لنا هو بخير لحد ما يظهر، وكان فيه حد قريبنا له صديق بمستشفى سجن طرة كلموه وقال إن خالد موجود في مستشفى السجن. وتابعت: إدارة السجن أنكرت وجود أي شخص بهذا الاسم، وفيه ناس ليهم معتقلين بسجن طرة أكدوا لنا إنه موجود هناك، لكن ما فيش أي قضية متهم بيها، وحتى إدارة السجن مش مجهزة أوراق لاتهامات معينة، رحنا نزوره إدارة السجن قالت مش موجود. بعد محاولات وبحث في أقسام شرطة وسجون أخرى لمدة شهرين، اكتشفت حنان وجود زوجها في سجن العازولي بمعسكر الجلاء، من خلال تواصلها مع عدد من أهالي المسجونين والمحامين، حيث تقول «وصلنا لإنه موجود في سجن العازولي ده في آخر سنة 2013، وفيه بعض المعتقلين قالوا إنهم سمعوا الاسم ده موجود، وعرفت محامي هناك أكد لي إنه موجود فعلًا، بدأت أعرض صوره على المتهمين في المحاكم يمكن حد يتعرف عليه، وكلمنا ضابط رتبته كبيرة في المكان ده، رفض يساعدنا في البداية، بعدها أكد لنا وجود زوجي في سجن العازولي، وقال إنه كان مصاب واتعملت له عملية، وطلب إننا نشوف حد تاني غيره يساعدنا. سجن العازولي حتى أواخر عام 2014 كانت حنان تطمئن لوجود زوجها في سجن العازولي، حتى لو أنكرت إدارة السجن ذلك، لكنها فوجئت من خلال ترددها على السجن والتواصل مع المسجونين ليبلغوا زوجها أن أهله يعرفون بوجوده، بأن المسجونين لم يعدوا يسمعون اسم زوجها، وقال عدد من المحامين لها إنه تم ترحيله لسجن آخر. وأضافت: بدأت أسأل عن سجون تانية؛ طنطا والعقرب، وما وصلتش لحاجة في الآخر، بعد فترة اتعرفت على معتقل خارج من سجن العازولي بمعسكر الجلاء، وكان مختفي قسريًّا، تواصلت معاه من خلال شخص آخر ،عرفت منه إن فيه مكان تاني جوه سجن العازولي للمختفين قسريًّا انتقلوا إليه، وهو نفسه خرج من المكان ده. وتابعت: الشخص ده نفسه اللي خرج أعطاني 11 اسمًا مختفيًا قسريًّا، كانوا معاه في السجن، وطلب مني أبلغ أهاليهم، وفعلًا ثبت صدق كلامه، فيه شخص من ال11 طلع على ذمة قضية، وتواصلت معاه وقال نفس الكلام عن المكان غير المعلوم اللي كانوا فيه بسجن العازولي، وقالي إن جوزي هناك. وتؤكد حنان أنها تواصلت مع المجلس القومي لحقوق الإنسان خلال العام الماضي؛ لتخبره عن قصة الاختفاء القسري لزوجها بدون أي تُهم، وفوجئت بأن زوجها لم يكن ضمن الأسماء التي ظهرت في بيان المجلس القومي لحقوق الإنسان. وكان المجلس القومي لحقوق الإنسان قد أصدر بيانًا ب190 اسمًا مختفيًا قسريًّا، وأورد فيه أماكن احتجازهم والتهم المنسوبة إليهم، طبقًا لبيان وزارة الداخلية الذي أرسلته للمجلس نفسه، وقال البيان وقتها إن هناك 11 من المختفين قسريًّا لم يستدل على أماكنهم. ويؤكد عبد الغفار شكر، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، ل«البديل»، أن المجلس استقبل بلاغات من الأهالي وإخطارات باختفاء أبنائهم، وأن هذه البلاغات كانوا يرسلونها إلى وزارة الداخلية أولًا بأول، بدون أي رد من الداخلية في الستة أشهر الأخيرة. 190 مختفيًا قسريًّا وأوضح أن المجلس في بداية العام الماضي حاول بشتى الطرق أن يتواصل مع وزارة الداخلية لتوضيح أين ذهب المختفون قسريًّا، لكن الوزارة لم ترد، إلى أن قابل رئيس المجلس محمد فائق الرئيس السيسي في مارس 2016، وشرح له المسائل الخاصة بحقوق الإنسان، ومنها موضوع الاختفاء القسري، وبعدها اتصلت وزارة الداخلية لتطلب قائمة كاملة بأسماء المختفين قسريًّا. ويتابع شكر: أرسلنا مرة أخرة للداخلية قائمة ب190 اسمًا، بعدها ردت وزارة الداخلية بسرعة، لكن على 120 اسمًا فقط ببياناتهم ومعلومات عنهم، وتبين أن أكثر من 115 من المختفين قسريًّا محبوسون على ذمة قضايا، وموجودون بالسجون، وقالت إن هناك 15 شخصًا تركوا منازلهم لخلافات عائلية. وزارة الداخلية في الفترة الحالية ترد على دفعات حالة أخرى من المختفين قسريًّا، حمد منير الشويخ، الذي يبلغ من العمر 26 عامًا، خريج حاسبات ومعلومات من الجيزة، يقول أدمن الصفحة ل«البديل» إنه أُلقي القبض عليه يوم 15 ديسمبر بواسطة قوات الأمن من محطة قطار أسيوط أثناء رحلة عمل تابعة للشركة التي يعمل بها، وحتى الآن تنكر جميع الجهات الأمنية وجوده لديها. إسلام سلامة، محامي المختفين قسريًّا، أكد في تصريحات خاصة ل«البديل»، أن القضية رقم 724 أمن دولة، والمعروفة إعلاميًّا باسم محاولة اغتيال النائب العام المساعد، كان المتهمون فيها مختفين قسريًّا منذ فترة سابقة، وقبل اغتيال النائب العام نفسه، ومثبت ذلك في بلاغات رسمية وتليغرافات للنائب العام، ومثال حي لذلك الطالب شهاب خالد طالب بجامعة المنصورة، وتم اختطافه 77 يومًا، ثم ظهر بنيابة أمن الدولة. ويوضح أن الاختفاء القسري جريمة ترتكب في حق الشعب، حيث يتم القبض على الشباب واحتجازهم في أماكن غير معترف بها، وبدون أي أوراق تثبت أنهم مقبوض عليهم، وتكون تلك الفتره الزمنية غير محسوبة في حياة المختفي قسريًّا، ولا يتم الاعتراف به في أي مؤسسة، أو أماكن احتجاز، إلى أن يتم ظهوره في إحدى القضايا باتهامات ووقائع لم يعرف عنها المتهم شيئًا. وأضاف: هذا معهود من قوات الأمن منذ زمن ليس ببعيد، إلَّا أننا فزعنا مما حدث أثناء إصدار وزارة الداخلية بيانًا بقتل ثلاثة شباب أثناء الاشتباكات، وهم بالفعل مختفون قسريًّا منذ فترة، ومثبت ذلك. جدير بالذكر أن هناك نحو 30 شخصًا مختفيًا قسريًّا حتى يومنا هذا، ولم يستدل على أماكنهم، بالإضافة إلى وجود مئات من الأشخاص كانوا مختفين قسريًّا، وظهروا بعد فترات على مراحل، بعضهم متهم في قضايا إرهاب، والبعض الآخر أُخلي سبيله، طبقًا لإحصائية من رابطة أسر المختفين قسريًّا.